القدس المحتلة - قدس الإخبارية: شهد شهر كانون ثاني/ يناير الماضي، اقتحام مئات المستوطنين لباحات المسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، بالتزامن مع إبعاد أكثر من مائة عنه ومنعهم من الصلاة فيه.
قالت دائرة الأوقاف الإسلامية في مقابلة مع ”قدس الإخبارية” إن ألفين و512 يهودياً اقتحموا المسجد الأقصى وتجوّلوا في باحاته خلال شهر كانون ثاني الماضي، من بينهم المتطرّف يهودا غليك الذي قاد عدداً من المجموعات وقدّم لهم شروحات حول “الهيكل” المزعوم.
وأضافت أن المستوطنين كانوا يؤدون يومياً صلواتهم في المنطقة الشرقية في المسجد الأقصى، بالقرب من “باب الرحمة”، واستفزاز المصلين والحرّاس بذلك، حيث تتم طقوسهم وصلواتهم تحت حماية شرطة الاحتلال والقوات الخاصة المدججة بالسلاح.
الاقتحامات تتم يومياً ما عدا الجمعة والسبت من “باب المغاربة” الذي يخضع لسيطرة شرطة الاحتلال منذ احتلال الشطر الشرقي من مدينة القدس عام 1967، وحتى “باب السلسلة” الذي يشهد -من الخارج- صلوات للمُقتحمين وغنائهم ورقصهم.
كما أكدّت الدائرة لـ”قدس” أن من بين المُقتحمين، 744 مستوطناً من طلاب المعاهد الدينية والجامعات العبرية الذين يقتحمون المسجد برفقة أحد ضباط الاحتلال، وفي بعض الأحيان، يُسمح لتلك المجموعات بالتجول في جميع الباحات دون تحديد مسار محدد لهم.
وبيّنت أن الاحتلال يسمح لمجموعات من المستوطنين باقتحام المسجد الأقصى تحت مسمّى “ضيوف الشرطة”، وكذلك عناصر من جنود الاحتلال وموظفين من حكومة الاحتلال الإسرائيلية، والذين بلغ عددهم بحسب ما قالت الدائرة لـ”قدس” نحو 210.
الشهر الماضي، هو الشهر الذي شهد تواجداً مكثّفاً للفلسطينيين في فجر أيام الجُمع، شدّوا رحالهم من قرى وبلدات القدس وضواحيها ومن الداخل الفلسطيني المحتل، ورغم كل المُعيقات الاحتلالية من منع حافلات من الوصول، وحواجز في محيط المسجد الأقصى والبلدة القديمة، إلّا أن الفلسطينيين لم يُعيروا ذلك أي اهتمام، واستمرّوا في المضيّ قدماً في تحقيق أهداف “حملة الفجر” التي أغاظت الاحتلال.
أُصيب من أُصيب برصاص الاحتلال المطاطي، والقنابل خلال قمع مصلّي الفجر بعدما تخطّى عددهم العشرة آلاف، وهذا ما جعل ما يسمى بـ”اتحاد منظمات الهيكل” المزعوم، باختراع مناسبات لاقتحام المسجد الأقصى بشكل مكثّف.
خلال شهر شباط/ فبراير الجاري قام “اتحاد منظمات الهيكل” بحشد المستوطنين ودعوتهم لاقتحام المسجد الأقصى في “يوم الشجرة العبري”. ووفقاً للباحثين في شؤون القدس والمسجد الأقصى، فإنه لم يسبق أن اعتُبر “يوم الشجرة العبري” عيداً أو أن دُعي لاقتحام الأقصى فيه، ولكنّ إعادة “الرّباط” إلى الواجهة جعلهم يخترعون المناسبات من أجل اقتحامات أكبر وأكثر.
وبحسب توثيق مركز معلومات وادي حلوة، فإن شرطة الاحتلال أصدرت خلال الشهر الماضي 104 قرارات إبعاد لفلسطينيين من القدس والداخل المحتل، بعضهم تسلّم قراراً أولياً بالإبعاد لمدّة أسبوع عن المسجد الأقصى، وعقب انتهائه تم تجديد إبعادهم لعدّة شهور (القرارات تشمل أيضاً الإبعاد عن البلدة القديمة وبعض مناطق القدس).
واتّبعت شرطة الاحتلال تلك السياسة لإبعاد أكبر عدد ممكن من المصلين عن المسجد الأقصى، فكانت تتهمهم خلال التحقيق بـ”الهتاف” في المسجد الأقصى، توزيع حلويات أو مشروبات للمصلين، عرقلة عمل الشرطة، منع الاقتحامات، “التحريض على العنف”، بالإضافة إلى اتهام سيّدات بأنهنّ “خطر على أمن الدولة” فقط لأنهنّ يصلين في المسجد.
تلك السياسة لم تُثن الفلسطينيين عن الرّباط في المسجد الأقصى، ولربّما حملات الحشد التي تصاعدت في الآونة الأخيرة، أعادت قضية الرباط إلى الواجهة للتصدي لكل ما تخطط له سلطات الاحتلال في المسجد الأقصى وتمرير مخطط التقسيم الزماني والمكاني.