شبكة قدس الإخبارية

اللهث وراء السراب

2018-03-30T122656Z_939484152_RC1F11E74580_RTRMADP_3_ISRAEL-PALESTINIANS-PROTESTS
عبيدة سامي

منذ انطلاق مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار في آذار/مارس 2018 ابتدع الفلسطينيون في قطاع غزة وسائل مقاومة شعبية أسموها بالخشنة كان من أبرزها البالونات الحارقة والطائرات الورقية قبل أن تتطور لتصبح بالونات متفجرة.

غير أن إخضاعها للقرار السياسي والتفاهمات مع الإسرائيلي أسهم في جعلها كما الصواريخ ومقدرات المقاومة يتم اللجوء إليها ساعة تنصل الاحتلال منها تنفيذ الاتفاق أو المماطلة، أفرغ هذه الأدوات من مضمونها وأسهم في خلق حالة من عدم الثقة في صفوف الفلسطينيين.

إن تجربتنا مع الإسرائيليين تحتم علينا أن نفرض نحن شروطنا ووسائل ضغطنا مهما كان الثمن، فالفلسطينيين منذ أوسلو كانوا هم من ينفذون الاتفاقيات فيما يماطل الاحتلال وقادته تحت ذرائع وحجج واهية تارة بين الانتخابات وتارة بين الخلافات الداخلية وتارة أخرى لأسباب أمنية.

قد يقول أحدهم إن غزة قد أرهقها الحصار ولم تعد تقدر على دفع المزيد من التكلفة وهذا مجانب للصواب فغزة التي تقوم المقاومة ببناء قوتها تحتاج إلى أن تواصل شق طريقها وممارسة أعلى ضغط على الاحتلال لتحقيق مطالبها دون تقديم أي ثمن سياسي أو عسكري أو شعبي.

والشاهد على ذلك تجربة التفاهمات التي أفرغت من مضمونها وباتت تترنح بين توسعة لمساحة الصيد و100 دولار قطرية لآلاف العائلات وإدخال للبضائع عبر معبر كرم أبو سالم فيما لم تحل باقي القضايا التي تشكل صلب الحصار المفروض على غزة منذ عام 2006.

البطالة والفقر والكهرباء وتلوث المياه هي أبرز الملفات التي تحتاج إلى تدخل سريع وعاجل عبر خلق فرص عمل ومشاريع تشغيل دائمة تساهم في تقليل معدلات البطالة التي وصلت إلى أعلى معدلاتها على مستوى العالم، أما ما يجري حالياً فهو بمثابة إبقاء رأس الجسد الفلسطيني بغزة فوق الماء.

وهنا حتى لا نكون متحاملين على متخذ القرار باعتبار أن الظروف الإقليمية ليست في أفضل حالتها لصالح المقاومة أو القضية الفلسطينية عموماً، إلا أن المطلوب هو قلب الطاولة على الجميع بتحركات مدروسة متفق عليها تسهم في تغيير هذا المشهد لا أن نبقى رهينة للتجاذبات السياسية من هنا وهناك.

وهنا الرسالة موجهة لحماس وقيادتها، حيث إن الرهان على الخارج والإقليم لن يقدم أفضل مما حصل حالياً فطالما أن غزة مسلحة بقطعة واحدة لن يتغير حالكم للأفضل، وبالتالي عليكم البدء في معالجة الملفات داخلياً والتوسع بخط وطنية شاملة تنهي حالة اللهث وراء السراب.

إن طريق التفاهمات وربط مقاومتنا بها هو لهثاً وراء سراب لن نطول منه إلا حرق المزيد من الوقت والأعمار لأجيال بإمكانها أن تغير وجه التاريخ في الصراع مع الاحتلال، وعلى صانع القرار أن يدرك جيداً أن الحسابات السياسية المعقدة يجب أن تنتهي لأننا إن واصلنا على ذات النهج فالطريق مسدود وستكون النتيجة هي الوصول إلى نقطة نهاية السراب.