رفح – خاص قدس الإخبارية: "أنت محمد أبو جزر.. شقيقك علاء لن يخرج في موعده وعليك هدم خيم الاستقبال".. كانت هذه العبارة جزءاً من المكالمة التي أبلغ بها الاحتلال عائلة الأسير أبو جزر بقرار تأجيل الإفراج عنه وتحويله للتحقيق في سجن آخر.
وبددت هذه المكالمة التي نقلها شقيق الأسير إلى جمانة ابنة أخيه أجواء الاحتفالات التي كانت تقوم بها على مدار الأيام التي سبقت موعد الإفراج المحدد مسبقاً وهو 14 كانون ثاني/ يناير، إلى أجواء من الحزن ومحاولة الصبر على تنغيص الاحتلال المتعمد.
وعلى مدار السنوات 18 عاماً التي قضاها الأسير أبو جزر لم تشاهد جمانة أبيها إلا مرة واحدة حينما كانت في الثانية عشرة من عمرها، قبل أن يضعها الاحتلال على قوائم المنع الأمني تحت ذرائع وحجج اعتادت عوائل الأسرى عليها.
"على أحر من الجمر كنت أنتظر هذه اللحظة".. بهذه العبارة بدأت جمانة أبو جزر حديثها لـ "شبكة قدس" تفاصيل اللحظات الأخيرة التي سبقت مكالمة مخابرات الاحتلال وانتظار الدقائق والساعات الأخيرة كي تحتضن والدها للمرة الأولى.
وقالت أبو جزر إن والدها اعتقل قبل أن تراه فيما توفيت والدتها وهي صغيرة حيث تولت جدتها تربيتها على مدار السنوات الماضية وكانت بمثابة الأم بالنسبة لها في الوقت الذي غيب فيه الاحتلال أباها داخل سجونه قبل أكثر من 18 عاماً.
واعتقلت قوات الاحتلال الأسير أبو جزر في 15/1/2003، على معبر رفح، وهو عائد من مصر حيث كان يرافق والده المريض في رحلة علاج، وحكم عليه بالسجن 17 عامًا، بتهمة الانتماء لكتائب شهداء الأقصى والمشاركة في عمليات عسكرية ضد جنود الاحتلال قبل انسحابهم من غزة، تاركًا خلفه طفلته جمانة البالغة من العمر 4 أشهر فقط، والتي باتت اليوم طالبة جامعية.
وأضافت أبو جزر: "في العام الأخير بدأت بجمع مبالغ مالية من مصروفي الشخصي في حصالة خاصة استعداداً لموعد إفراج والدي من أجل تحضير وتجهيز المنزل بطريقة تليق باستقباله، إلا أن الاحتلال بدد أجواء الفرح التي كنت أنتظرها".
وتردف قائلة: "قمت بتجهيز المنزل ووضع صور في كل مكان استعداد للحظة الحرية التي حلمت بها على مدار السنوات الماضية من أجل أن يعوضني على ما حرمت منه خلال السنوات الـ 18 التي كان هو يقضيها داخل سجون الاحتلال".
أما جدتها أم علاء أبو جزر، فتحاول أن تلملم مشاعر الحزن التي سببها الاحتلال لها بعد أن قلب خيمة الفرح والاستقبال التي كانت مجهزة له لخيمة للتضامن والاعتصام احتجاجاً على قرار تأجيل الإفراج عنه ونقله لسجن آخر والتحقيق معه.
وقالت أبو جزر لـ "شبكة قدس" إنها على مدار السنوات الماضية كانت تنتظر اللحظة التي سيتم الإفراج عن نجلها به كي يلتقِ هو الآخر بابنته التي لم تره إلا مرة واحدة في حياتها، ومن أجل أن تطوي لحظات الحزن التي فتحت على مدار الأعوام التي تلت اعتقاله.
وتكمل قائلة: "المكالمة الهاتفية التي دارت بين ضابط المخابرات الإسرائيلية ونجلي محمد حولت أجواء الفرح إلى أجواء مغموسة بالحزن بعد قرار الاحتلال"، مستكملة: "الحزن الأكبر لابنته جمانة التي لم تترك زاوية في المنزل إلا ووضعت فيها زهور احتفالاً وابتهاجاً بلحظة الإفراج عن والدها".