شبكة قدس الإخبارية

كل الطرق تؤدي إلى الأقصى.. رحلة الوصول إلى المعشوق

wall
إيمان شواهنة

فلسطين المحتلة – قدس الإخبارية: شابٌ يثني عقد الحبل، وآخر يقف ليراقب دوريات الجيش، ومن الجهة المقابلة شخص آخر يستعجل المتسلق أن أسرع ولا تلتفت، وفي مكانٍ ليس بالبعيد، هدوءٌ وصوت أنفاس تتأهب لقطع الشارع الرئيسي أسفل "الشيك"، وآخرون يبحثون عن فتحة أخرى بعد أن أمسك الجيش بهم، هذه بعض مشاهد الوصول إلى المسجد الأقصى دون إذن الاحتلال، أو ما يُعرف "بالتهريب".

اقتحام المعسكر

حازم من نابلس، أحد هؤلاء، خرج من منزله مع ثلة من أصحابه، ليروا المسجد الأقصى بعيونهم لا بقلوبهم فقط، وعندما وصلوا إلى معبر قلنديا، إلى الجنوب من مدينة رام الله، وهو أحد الحواجز التي تصل الضفة بالقدس، لم يتمكنوا من الدخول "حاولنا نلف ورا الحاجز أكثر من مرة، لدرجة أنه انحبسنا داخل الجدار، قطعة أرض وحوليها شيك، وما فيها منها مخرج إلا البوابة، طبعًا الجيش انتبه أنه دخلنا، فسكروا البوابة علينا، ولحقونا بين الأشجار، وفي الآخر مسكونا وهددودنا بالقتل إذا رجعنا".

لم يلق حازم وأصدقاؤه بالًا لتهديدات الجندي بإطلاق النار عليهم، إذا رآهم في المنطقة مرة أخرى، فعادوا إلى حاجز قلنديا، وهناك كان أحد السائقين الذي عرض عليهم التهريب عن طريق معسكر"عناتا" مقابل مبلغ من المال، يتابع حازم "أخبرنا السائق وجود فتحة أسفل برج المراقبة في المعسكر، كانت ردة فعلنا، وكيف ندخل؟ فكان جوابه، أنتو وحظكم مرات بكون فاضي المعسكر".

"عندما وصلنا لاحظنا أن مكان الفتحة في الجدار مقابل لشباك المراقبة في البرج، وهو ما يعني أننا سننكشف إذا نظر الجندي من الشباك، وبعد تجاوز الشيك، أصبحنا في منتصف المعسكر، لكن، لحسن حظنا كان خالياً من الجنود، ركبنا الباصات باتجاه القدس" يقول حازم.

يردف حازم واصفًا تلك اللحظات "مزيج من المشاعر المختلطة، شعور الخوف من الاستشهاد بأية لحظة، المجاكرة، والخاوة للجندي الذي يحاول أن يمنعنا من الصلاة، بإجراءاته وتشديداته على الحواجز وأبواب الأقصى، أو حتى داخل المسجد نفسه" لكن رغم كل شيء دخل حازم وصلّى في باحات المسجد الأقصى المبارك رغم قيود الاحتلال.

تسلق الجدار

قبل سنوات ذهب محمد الكرمي إلى الأقصى عن طريق جدار الفصل العنصري، " كان تجربة صعبة لأول مرة، وقعت على الأرض ولم أستطع أن أتمالك نفسي، بعد الجدار بدأت الرحلة الأصعب، إذا كان علينا أن ننزل على جبل ترابه ناعم (حور)، أي أن التراب ينزل معك، الأمر يحتاج قدرة على تمالك جسدك من الانزلاق، وكذلك صعود جبل آخر".

 ويضيف "ما زلت أذكر ذلك اليوم، عندما وصلنا الأقصى بعد هذه الرحلة المتعبة، نمت دون أشعر بالوقت حتى صلاة الظهر"، وبعد مرور عام، عاد محمد إلى المسجد الأقصى، بعد تسلقه الجدار، ورغم أنه اعتاد التسلق إلا أن هذه المرة كانت التشديدات في البلدة القديمة في القدس، حائلًا أمام وصوله إلى المسجد، "وصلنا على مشارف البلدة القديمة، وحاولنا الدخول دون جدوى، إلى أن أخبرنا أحد الأشخاص، عن وجود فتحات صغيرة في سور البلدة القديمة، هذه الفتحات ضيقة جدًا، لا يدخل منها أحد إلا بشكل مائل، وبوجود شخص آخر يسحبك للخارج".

ويتابع "دخلنا البلدة القديمة، وأثناء تسلقنا بيوت البلدة، لاحظنا اعتلاء قناص لأحد البيوت، اضطررنا أن ننزل في بيت، دون إذن أصحابه، وبدأنا ننادي طلبًا للمساعدة، وساعدونا حتى وصلنا أبواب المسجد".

أما محمود، فكانت تجربة تسلقه على الجدار مختلفة "خرجت مع أصدقائي، وصلنا الجدار، وحاولنا القفز، وهذا ليس بالأمر السهل، أن تتسلق مسافة (5) متر في حبل! لكن، هدف الصلاة في المسجد لا يجعلنا نفكر بمدى صعوبة الأمر أو سهولته". 

 ويكمل "تفاجأنا بوجود دوريات الجيش، في الجهة المقابلة، بعد نزولنا عن الجدار، وكان الجيش يحتجز كل من ينزل، كنت أنا من بينهم، الجيش احتجزني من الصباح حتى العصر، بعد ذلك، طلب مني والدي العودة إلى المنزل، لكنني رفضت، وقررت الدخول عن طريق فتحة في الجدار بدلًا من تسلقه، دخلت بالفعل وبقيت في المسجد ثلاثة أيام".

في ذلك اليوم استغرقت رحلة محمود للوصول إلى المسجد إلى الأقصى، من الفجر حتى آذان المغرب "على الرغم من صعوبة الرحلة إلا أن شعور "الذل" الذي تعمد الجيش أن نشعر به بعد أن أمسكنا، دفعني للتحدي".

 فتحة في "الشيك"

ليس الشباب الفلسطيني وحده من يعاني قيود الاحتلال، فالشابات الفلسطينيات أيضًا ضمن انتهاكات الاحتلال، الشابة إخلاص من قلقيلية ذهبت رفقة عائلتها إلى منطقة قريبة من كفرقاسم في الداخل المحتل، حيث الفتحة في الجدار "كنا نراقب الشارع الرئيسي، عندما تأكدنا عدم وجود شرطة أو جيش، قفزنا من الفتحة، عندها تفاجأنا بسيارة شرطة، ما اضطررنا نحن الفتيات إلى الرجوع إلى المنطقة الفلسطينية، أما الشباب فبدأت دوريات الشرطة بملاحقتهم، وما زلت أذكر أن اثنين منهم  قد أصيبوا بالرصاص الحي".  

وتضيف "بعد أن هدأت الأوضاع، انتظرنا الحافلة، التي كان من المفترض أن تنقلنا إلى القدس، لكن علمنا أن السائق قرر عدم المجيء خوفًا من المخاطرة، مشينا إلى الشارع الرئيسي، وركبنا في السيارات العربية، ووصلنا إلى كفرقاسم، ومنها إلى القدس".

#القدس #الاحتلال #الأقصى