لم يتمكن كريستيانو رونالدو من الفوز على لاتسيو في منافسات الدوري الإيطالي للموسم الحالي، ولم يشكل هدفه طوق النجاةِ لفريقه من الخسارة بثلاثة أهداف لهدف، اللاعب الذي يشكل مصدر قوة لأي فريق ينضم إليه، وملاذًا آمنًا لعشاقه أينما حلَّ وارتحل.. اليوم يقدم أسست والتي تُعنى في لغةِ الرياضية التمريرة الحاسمة لتسجيل الهدف، بنكهةٍ سياسية رياضية، لإسرائيل، ليمنحها شارةً جديدةً بشرعيتها الدولية، الممنوحةِ تدريجيًا منذ عام 1948 بدعمٍ أمريكيٍ أوروبي وبكلِّ أسف عربيّ.
رونالدو الذي عُرف في دعمه لضحايا الاحتلال الإسرائيلي وتقديم الدعم المادي والإنساني، كرسالةٍ إنسانيةٍ لكلِّ لاعب يمتثل أمام الجميع ويُنصِّبُ نفسه ملهمًا له، لم يتوانى للحظةٍ عن التقاطِ صورة تجمعه مع وزير الخارجية الإسرائيلي، كاتس، ويهديه قميصه الشخصي لفريق يوفينتوس الإيطالي، وإن بدا هذا السلوك رياضيًا لأي لاعب، ولا يشكل تأثيرًا، فإن ذلك يعني بالنسبة لإسرائيل أنها تكتسب شرعيتها ودبلوماسيتها من هذه المظاهر، التي تروج لها بكلِّ قوةٍ إعلامية، والأمر غير مستبعد أن يحضر يومًا لإسرائيل ويلعب في ملاعبها، ما يزيدُ من حجم الكسب الدولي الإسرائيلي لها، خاصةً وأن إسرائيل تنافس رياضيًا في كأس الأمم الأوروبية وفي تصفيات الإتحاد الأوروبي لكأس العالم، مما يعني أن البرتغال مسقط رأس رونالدو وقائدها في المنتخب، ستأتي الأيام ويلتقيا دون أيِّ تأثيرٍ على أرضية الواقع، سوى الامتداد السياسي الرياضي للكيان الذي أصبح يجد شرعيته ويستنبطها في هذه الصور والمظاهر.
إن المتطلع للسياسةِ الإسرائيلية على الصعيد الخارجي، يجد بأنّها تمتلك كلَّ القطاعات التي تمنحها الضوء الأخضر للتعامل مع الدول الأوروبية والعربية، خاصةً في المجال التكنولوجي والعسكري، واليوم تسعى إسرائيل لأن تمتلك القطاع الرياضي بقوة دون ان تجد نفسها في كلِّ مرةٍ متذيلةِ الترتيب، ومن المعروف أن التبادل الرياضي الرياضي يعزز من واقع الخبرة لدى لاعبي منتخبها، الذين يبحثون عن مجدٍ رياضيٍ بعد ما حققوه في كلِّ القطاعات دوليًا وإقليميًا.
رونالدو بين دعم الفلسطينيين ومصافحة الإسرائيليين:
في الثاني عشر من يوليو لعام 2014، أدان رونالدو العدوان الإسرائيلي على غزة، وأعرب عن تضامنه الكامل مع ضحايا الحرب الإسرائيلية في ذاك العام، عدا عن تقديمه للدعم المادي لآلاف الأسر الفلسطينية المنكوبة جرّاء الحرب، وهناك من قال بأنه تبرع في قيمة كرته الذهبية لصالح المحاصرين في القطاع، إلا أنه في الثامن من كانون أول تُنتشر صورةً لرونالدو مع يسرائيل كاتس في إيطاليا مصافحًا إياه ومُهديًا قميصه الرياضي، وذلك يعني أن يدعم كلَّ من رحبَّ بالتصوير معه دون التفرقة أو النظرِ للمبادئ، ومما يعني أنه صافح ذات اليد التي اتخذت وأيدت القرار في قصف وقتل الفلسطينيين في قطاع غزة، ويُفرز كاتس على كتلة اليمين المتطرفة الداعمة لقتل وتهجير الفلسطينيين لإقامة دولتهم على كامل الأرض المحتلة.
ولم يقتصر هذا الدور على رونالدو، مؤخرًا ميسي لعب وديةً أمام منتخب إسرائيل في التاسع من يونيو لعام 2019، وهي تأكيدًا لمسار بلاده في زيارة إسرائيل وإجراء المباريات الودية في أربع مناسبات بدأت في ثمانينات وتسعينيات القرن الماضي، ولاقا استهجانًا واسعًا من الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك من منطلق الفقد الذي يشعر به الفلسطيني من الناحية السياسية الاقتصادية الاجتماعية، وبقيت الرياضة متنفسه التي باتت مسمومةً في ظلِّ تغير ملامح لاعبيّ كرة القدم ومشاهيرها، وهذا من شأنه أن يعزز من تغيير مواقف اللاعبين لربما من إيمانهم بعدالة القضية الفلسطينية، في ظلّ دبلوماسية الاحتلال في تغيير صورته النمطية المعروف عنها بالإجرام عالميًا.
إسرائيل تكسب الجميع دبلوماسيًا:
إسرائيل ككيان استيطاني استعماري أوجد القتل والتهجير لتمرير نفسه وفرض ذاته كأمرٍ واقع بدلًا من الفلسطينيين المتجذرين في أرضهم، باتت تهذب نفسها على الصعيديّن الدولي والإقليمي، فقد عززت نفسها كمُصَدِّرٍ للتكنولوجيا عالميًا وللمعدات العسكرية والصناعية، وأخيرًا تجد نفسها سفيرًا رياضيًا من خلال العديد من المشاريع واستقطاب المنتخبات من أجل اللعب في ملاعبها، وأخيرًا صورةِ كاتس وزير خارجيتها مع رونالدو، هذا المعطف الدافئ بالنسبة له في الصورة، لينشرها في الشارع الإسرائيلي ليعزز من رصيده الدبلوماسي الخارجي، بعدما جعل العديد من الدول تغير استراتيجيتها ومسارها في تأييد القضية الفلسطينية.
نتطلع للصورةِ على أنها اعتيادٌ طبيعي من لاعبي كرة القدم، لكنها تحمل في مضمونها رسالةً سياسيةً أكثر مما هي تشابك أيدي بين كاتس ورونالدو.