الخليل- خاص قُدس الإخبارية: يحتار والد الأسرى الثلاثة على أيهم يبكي، وفي أي منهم يفتخر، واضعًا كفّه على قلبه، كيف يوزع حبه ورحمته على ثلاثة، جميعهم أبطال، وجميعهم قد حرمه الاحتلال من رؤيتهم.
ويعتقل الاحتلال الأشقاء الثلاثة "أحمد وقاسم ومحمد عارف عصافرة" من بلدة بيت كاحل غرب الخليل، إضافة إلى "إيناس عصافرة"، وهي زوجة قاسم، وذلك في شهر أغسطس/آب الماضي بعد دهم منازلهم، التي هدمت لاحقًا.
ففي العاشر من آب، اقتحمت قوات الاحتلال منزل عائلة عصافرة بالقوة، وباشرت بتفتيش المنزل والاعتداء على ساكنيه فجرًا، قبل أن تعتقل قاسم وزوجته من منزلهما، وتصادر مركبتهما للاشتباه باستخدامها أثناء تنفيذ عملية.
بعد خمسة أيام بالضبط من حادثة الاعتقال، لقاسم وزوجته، عاودت قوات الاحتلال مداهمة منزل العائلة مرة أخرى، واعتدت بالضرب المبرح على شقيقيه أحمد ومحمد واقتادتهما للاعتقال، ومن حينها انقلبت حياة العائلة تمامًا.
ويتهم الاحتلال المعتقلين عصافرة، بالضلوع بتنفيذ عملية "غوش عتصيون" التي قُتل فيها الجندي "دفير سوريك" من مستوطنة "إفرات"، طعنًا، في السابع من شهر آب/ أغسطس الماضي، بالقرب من مستوطنة "مجدال عوز" جنوب بيت لحم.
حياة أخرى
3 أشقاء في سجون الاحتلال الآن، جميعهم متزوجون ولديهم أبناء أطفال، وأحدهم تُعتقل زوجته أيضًا، فيما يحمل الثقل كلّه "والد قارب السبعين وأمُ أعادها قدرها لتربي من جديد".
الوالد عارف عصافرة تحدث لـ"قدس الإخبارية"، عن اللحظات الأولى للاعتقال، إذ اقتحمت أعداد كبيرة من جيش الاحتلال منزله فجرًا، وبدأت بالضرب والاعتداء والتفتيش بشكلٍ جنوني، قبل أن تقتادهم للاعتقال، ضمن حملة اعتقالات طالت أقارب لهم وشبان في المنطقة.
ويشير الأب، إلى أن المحامي الذي يتابع قضية أبنائه الثلاثة وكنّته "زوجة قاسم"، قد جرى تغييره، والمحامي الأخير أبلغه بأن الحكم لن يخرج على الأغلب عن دائرة المؤبدات، فيما اتهمت زوجة قاسم بالتغطية على زوجها والمشاركة في العملية. لافتًا إلى أن أبناءه خضعوا لتحقيقٍ قاسٍ لدى مخابرات الاحتلال، وتركوا خلفهم "6 أطفال" بلا آباء.
وفي التفاصيل، فإن أحمد (40 عامًا) هو أكبر أشقائه المعتقلين، متزوج ولديه 3 أطفال هم "براءة وحمزة وجنات"، يليه قاسم (35 عامًا)، ولديه ولدان "عبد الرحمن 3 سنوات، ومحمد 5 سنوات"، ثم أصغرهم محمد (26 عامًا)، وهو متزوج ولديه "ولد وابنة ولدت بعد الاعتقال أسموها حياة".
وعن أبنائه، قال: "كانوا رجال، صايمين، مصليين، ومطيعين، أخلاقهم عالية، مش منتمين لفصائل، منتمين لفلسطين، الله يرضى عليهم كلهم".
عبد الرحمن لم يعرف أمّه
وفيما يتعلق بزيارات العائلة لأبنائهم الأسرى، أوضح أنه تقدم بطلب لزيارتهم لكنه رُفض إضافة إلى منع والدتهم من زيارتهم، لافتًا إلى أنهم تمكنوا من إرسال أطفال قاسم، "عبد الرحمن ومحمد"، لزيارة والدتهم "إيناس"، مع قريبة لهم في الخليل، إذ دومًا ما كانوا يفتقدونهم وينادونهم "بابا، ماما" ونذكرهم أمامهم كلّ يوم.
وفي الزيارة، حصل ما لم يكن متوقعًا، قال جدهم عارف: "استغربنا أن عبد الرحمن الصغير لم يعرف أمّه، بعد غيابها لشهور، أطَل عليها ثم بدأ بالهرب، كأنه يرفض واقعها وابتعادها عنه، ويرفض أن يراها خلف القضبان، فيما وقف محمد (5 سنوات) صامتًا، يعرف أنها أمه لكنه لا ينطق بكلمة، كأنه يعاتبها بالصمت".
"كانت من أقسى اللحظات علينا وعلى إيناس"، يقول الجدّ، مضيفًا: "نحتضن أطفالهم جميعًا، تقوم جدتهم برعايتهم، لكنها متعبة ولا تقوى على ملاحقة الصغار، أصبحتُ مسؤولًا عن 3 عائلات الآن، زاد الحمل، وسيعرف الصغار يومًا أن آباءهم أبطال".
وأقدمت قوات الاحتلال على هدم منازل الأسرى الثلاثة، إضافة إلى اعتقال مشتبهين آخرين بالمشاركة في العملية وهما "نصير عصافرة، ويوسف زهور"، وهدم منازلهم في بيت كاحل أيضًا، وذلك في الثامن والعشرين من نوفمبر/ تشرين ثان الماضي.
تتحشرج الكلمات في حنجرته، يغصّ، يبكي: "ماذا أقول عن أولادي؟ لا أعرف، لكن كلّ شيء فداهم".