فلسطين المحتلة – قدس الإخبارية: نشرت القناة 13 العبرية تفاصيل جديدة تُعرض للمرة الأولى عن الأحداث التي رافقت محاولة الاحتلال الفاشلة عام 1997 لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس آنذاك، خالد مشعل.
ويشير معد التحقيق الصحافي "الإسرائيلي" ألون بن دافيد إلى أنّ محاولة اغتيال خالد مشعل في الأردن كانت حماقة سياسية وعملياتية، كما تساءل عن جدوى بعض عمليات الاغتيال التي نفذتها إسرائيل والتي يرى بأنها أضرتها.
ويوحي تقرير القناة العبرية حسب مزاعم قادة أمن الاحتلال، إلى أن العلاقة بين الاحتلال والممكلة الأردني كانت تشهد علاقات متميزة ويقول رئيس الموساد السابق داني ياتوم في التحقيق إن علاقات متينة جدًا ربطته بالملك حسين، لافتًا إلى أنه دأب على مخاطبته بـ"جلالة الملك" وهو دعاه بالمقابل "حضرة الجنرال".
عمليات حماس
ويرى داني ياتوم الذي ترأس إدارة الموساد من 1996 إلى 1998، أن عمليات حماس المتتالية في قلب مدن الكيان، جعلت نتنياهو في حالة ضغط، ويذكر ياتوم أنه -أي نتنياهو- ألّح في الاجتماعات وضرب بيده على الطاولة مبديًا تصميمه لتحديد أهداف خاصة بحماس للانتقام منها.
ويشير ياتوم إلى تداول فكرة اغتيال أحد قادة حماس من الدرجة المتوسطة في واحدة من الدول البعيدة آلاف الكيلومترات عن الأردن، وبالفعل صادق نتنياهو عليها، إلا أنّه قبل 16 يومًا من موعد اغتيال مشعل طالب بتغيير الشخصية البعيدة واختيار مشعل.
ويعقب رئيس الموساد آنذاك "أصبت بالذهول ولو كان لي شعر لنتفته من رأسي إذ كيف ممكن تغيير العملية بسرعة بعدما بدأت ودون استشارتي والقيام بعملية في الأردن".
ويضيف بأنه تحدث مع نتنياهو بلهجة غاضبة، لكنه فهم منه أنه تلقى توصية من وزير الأمن يتسحاق مردخاي ورئيس الشاباك عامي أيلون باستهداف من هم مركزيون في حماس وفي الأردن رغم حساسية الوضع بدلًا من تبديد الطاقات على هدف غير معروف.
لكن التحقيق أظهر تخبطًا بين قادة الأمن في الكيان، حيث قال أيالون إنه أوصى بذلك بعدما فهم من ياتوم بأن الموساد موافق وقادر على تنفيذ العملية لكن ياتوم في التحقيق نفى ذلك وقال إنه لم يكن شريكا بتغيير المخطط.
مزاعم التهدئة
وقال البروفيسور عوزي أراد مستشار نتنياهو السياسي في ذلك الحين، إن اتصالات سرية جرت بين الملك حسين وبين الموساد حول العلاقة بين إسرائيل وبين حماس.
وزعم مسؤول في الموساد عن العلاقات مع الأردن، أنه التقى بالملك حسين في القصر الرئاسي قبيل خمسة أيام من الحادثة بطائرة أرسلها الملك، ويشير إلى طرد كل الخدم والحشم لدرجة أن الملكة بنفسها قدمت له القهوة حسب زعمه، ويشير إلى أنّه في اللقاء حمّله الملك رسالة سرية لرئيس الموساد مفادها أن حركة حماس معنية بهدنة لعشر سنوات على الأقل وربما يتم بعدها الاقتراب من اتفاق سلام.
ويضيف "عدت بطائرة الملك في الثانية قبيل الفجر لتل أبيب وسارعت لكتابة تقرير ووضعته في الصباح على طاولة ياتوم وطلبت من مساعده أن يبدأ ياتوم عمله في صباح ذاك اليوم بقراءة هذا التقرير الهام وظننت أن الرسالة وصلت لرئيس الوزراء".
عتب أردني
ويشير أفرايم هليفي رئيس الموساد الذي سبق ياتوم، إلى أنّه تم طلبه على عجل من بلجيكيا حيث كان في مهمة دبلوماسية، للسفر لعمان ومحاولة امتصاص الأزمة بعد فشل عملية الاغتيال وانكشاف أمر وكيلي الموساد، ويقول إنّه حين قابل الملك حسين وجده غاضبًا جدًا وعاتبه قائلًا "كيف يمكن أن تفعلوا ذلك معي وبالذات رئيس الموساد صديقي داني ياتوم؟ تدخلون وتخرجون وتفعلون ما تشاؤون في المملكة وكأنه أمر عادي ومفهوم وبعدما وقعنا اتفاق سلام. هذا مرفوض".
ويضيف هليفي أنه اقترح إنقاذ مشعل بمصل طبي كان بحوزة بعض رجال الموساد ممن احتموا بالسفارة في عمان، حيث احتاطوا عليه خوفًا من أن يصاب أحدهم بالسم خلال رش مشعل.
ويزعم هليفي أنه بعد إنقاذ مشعل عاد للملك الأردني، وقال "أتمنى أن يكرم علينا الملك بمكرمة ملكية الآن"، وبعدها أخبره الملك حسين "بمقدورك أن تصطحب رجال الموساد الأربعة المتحصنين داخل السفارة لكن عليك أن تعلم أن الموضوع لن ينتهي هنا"، وبعدها عاد هليفي لكن بقي السجن وكيلا الموساد اللذان تم اعتقالهما خلال العملية الفاشلة.
ويكشف رئيس الموساد السابق، أن نتنياهو طلب منه ابتكار فكرة تتيح استعادتهما، فاقترح إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين، لكن نتنياهو رفض في البداية، قبل أن يتراجع ويخبره بموافقته، وعليه أخبر هليفي الملك حسين، وغادر في اليوم ذاته وزير البنى التحتية أرئيل شارون ونائب وزير الخارجية مجلي وهبي إلى عمان لاستكمال الصفقة.
ويقول مجلي وهبي إنّ الملك حسين ضحك حينما مازحه شارون قائلًا "أريد استعادة وكيلي الموساد معي بالطائرة كي أعاقبهما على فشل العملية إذ أنوي أن أضعهما تحتي كي يئنان تحت وزني الثقيل فكما تلاحظ أنا من الوزن الثقيل"، ويضيف وهبي بأن شارون سأله على مسمع الأمير حسن "هل علي أن أشرب كل هذه القهوة وهذه المشروبات المقدمة لنا وأنا جائع؟ ففهم الأمير حسن الإشارة وسرعان ما بدأوا بترتيب موائد الطعام وما لبث الملك أن دعونا لتناول طعام العشاء".
لكن وهبي لفت إلى أن الملك حسين قال في تلك الليلة إنّ العلاقات مع إسرائيل لن تعود لسابق عهدها.