شبكة قدس الإخبارية

ثمانية أعوام على ذكرى صفقة "وفاء الأحرار"

Uh5YH
هيئة التحرير

غزّة-  قُدس الإخبارية: يصادف اليوم الجمعة الثامن عشر من تشرين أول، الذكرى السنوية الثامنة لصفقة شاليط “وفاء الأحرار”، التي تعد أضخم عملية تبادل تمت بين حركة حماس والكيان الإسرائيلي بوساطةٍ مصرية.

وأرغم الاحتلال بالإفراج عن 1027 أسير فلسطيني مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي اُسر خمس سنوات مع "كتائب القسام" الجناح المسلح لحماس.

تفاصيل الصفقة

25 من يونيو، استهدفت العملية قوة إسرائيلية مدرعة من لواء جفعاتي كانت ترابط ليلاً في موقع كيريم شالوم العسكري التابع للجيش الإسرائيلي على الحدود بين مدينة رفح الفلسطينية وإسرائيل.. وإنتهى هذا الهجوم بمقتل جنديان وإصابة 5 آخرين بجروح وأسر شاليط  (جلعاد شاليط – هو ابن نعوم وأفيفا شاليط وهم يهود من أصل فرنسي هاجرا لفلسطين قبل عدة عقود” وأسر بعد عدة أشهر من تجنيده

وقع جلعاد في قبضة المقاومة الفلسطينية حيث تم أسره ونقله إلى قطاع غزة على يد مقاتلين تابعين لثلاثة فصائل فلسطينية، أسروه من داخل دبابته شرق محافظة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، واستشهد خلال تأديتها اثنان من منفذيها وعدد من المخططين لها لاحقًا.

ونفَّذت العملية بمهارة وتقنيّة عسكريّة عالية المستوى تخطيطًا وأداءً في أقلّ من 15 دقيقة في الموقع العسكري الإسرائيلي شرق رفح، وانسحب المنفذون ومعهم شاليط دون أن يتمكن الاحتلال من تعقبهم.

تم الإعلان عن التوصل لاتفاق بشأن الصفقة بتاريخ 11 أكتوبر 2011 م بعد مفاوضات مُضنية تمت بين قيادة حركة حماس والكيان الصهيوني بوساطة مصـرية، وقد تمت عملية التبادل فقد تمت على مرحلتين.

وأنجزت المرحلة الأولى من الصفقة بالإفراج عن 450 أسيراً و27 أسيرة من سجون الاحتلال مقابل إطلاق المقاومة سراح شاليط، في حين تمت المرحلة الثانية بعد شهرين بالإفراج عن 550 أسيرًا، وسبق الصفقة الإفراج عن 20 أسيرة بشريط فيديو يُظهر شاليط وهو حي.

المرحلة الثانية: تمت بتاريخ 18 ديسمبر 2011 م تخللها الإفراج عن 550 أسيرًا فلسطينيًا ليكون مجموع الأسرى المُفرج عنهم 1027 يُضاف إليهم 19 أسيرة تم الإفراج عنهن في صفقة “الشريط المصور” التي سبقت صفقة “وفاء الأحرار”.

نصّ الصفقة

1- الاستجابة لمطالب الأسرى المضربين عن الطعام وأبرزها إنهاء العزل الانفرادي.

2- ضمان عدم ملاحقة أي أسير من المفرج عنهم في الصفقة أو محاكمته لاحقًا على أي نشاط كان يمارسه قبل الإفراج عنه.

استراتيجية التفاوض التي وضعتها حركة حماس اشتملت على مجموعة من المعايير:

* عدد الأسرى: حيث وضعت الحركة ضمن الخطة الاستراتيجية أن تقوم بالإفراج عن (1000) أسير من أصل العدد الكلي للأسرى الذين يقبعون في السجون.

* مدة الحكم: حيث اشتملت الخطة على ضرورة التركيز على الأسرى أصحاب المحكوميات العالية (المؤبدات).

* وحدة الوطن: أن تشتمل الصفقة على جميع الأراضي الفلسطينية، وعدم الخضوع للابتزاز في هذه المعيار عندما يرفض العدو الإفراج عن أسرى من القدس والـ 48 بحجّة أنه أرض تابعة للكيان الصهيوني، فقد جرى كسر هذا المعيار الصهيوني.

* الوحدة الوطنية: أن تشمل الصفقة أسرى من كافة التنظيمات السياسية، والطوائف العقائدية.

* تبيض السجون من الأسيرات: وضعت الحركة منذ البداية في الخطة أن يتم الإفراج عن جميع الأسيرات وبدون تحديد العدد والأسماء.

* مراعاة المدة التي قضاها الأسير في السجون.

* مراعاة الحالات المرضية وكبار السن.

صفقات سابقة

منذ قيام دول الاحتلال الإسرائيلي في العام 1948 على أنقاض القرى والبيوت الفلسطينية المهدمة، وعلى أشلاء جثث آلاف الشهداء ودماء عشرات الآلاف من الجرحى وآلام مئات الآلاف من المعتقلين، جرت عشرات عمليات تبادل للأسرى ما بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي ودول مصر والأردن وسوريا ولبنان ومنظمة حزب الله اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية، تم بموجبها إطلاق سراح آلاف المعتقلين الفلسطينيين والعرب من سجون الاحتلال الإسرائيلي، واستعادة المئات من رفات الشهداء المحتجزة لدى سلطات الاحتلال في ما تعرف بمقابر الأرقام.

كما حدث أكثر من مرة أن رفضت "إسرائيل" مبدأ التبادل، أو التفاوض من أجل التبادل كما جرى في “عنتيبي” و”معالوت” وغيرها من عمليات الخطف واحتجاز الرهائن، كقضية اختطاف الباص الإسرائيلي “رقم 300” المليء بالركاب، حيث اختطفته مجموعة من المقاتلين الفلسطينيين من عسقلان باتجاه الأراضي المصرية في 12 نيسان 1984، وتمت مهاجمة الباص من قبل القوات الإسرائيلية قبالة دير البلح بقطاع غزة مما أدى لمقتل وإصابة العديد من الركاب الإسرائيليين واستشهاد اثنين من المقاتلين الفلسطينيين وقتل اثنين آخرين بعد أسرهما، وقضية الجندي الإسرائيلي “نحشون فاكسمان” الذي خطفه نشطاء من حركة “حماس” عام 1994 وتم مهاجمة المكان المحتجز فيه مما أدى لمقتله واستشهاد محتجزيه، كما كان هناك العديد من المحاولات لفصائل المقاومة الفلسطينية منها خطف طائرات من قبل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في أعوام 68، 69، 1970 واحتجاز الركاب كرهائن لتحرير الأسرى والأسيرات.

وهناك محاولات عدة لخطف جنود ومستوطنين في فلسطين المحتلة من قبل العديد من فصائل المقاومة الفلسطينية، وكانت أولى تلك العمليات هي أسر الضابط الإسرائيلي “دافيد بن شموئيل شامير” عام 1979 واحتجازه لبضعة شهور في رفح، وتلاها عمليات كثيرة وعلى سبيل المثال لا الحصر، كان عملية خطف الجندي الإسرائيلي “موشيه تمام” التي نفذتها مجموعة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في منتصف الثمانينات في فلسطين واحتجزت الجندي لعدة أيام، وعندما استحال نقله الى خارج فلسطين قتلوه، وكذلك خطف الجنديين الإسرائيليين “ايلي سعدون وآفي سبارتوس” من قبل مجموعة من حركة المقاومة الإسلامية – “حماس” بتاريخ 3/5/1989، وتم قتلهما ودفن جثتيهما، واكتشفت جثة الأول بعد شهر تقريباً وجثة الثاني بعد بضعة سنوات وكان الهدف مبادلتيهما بأسرى، وفي العام 1992 تمكنت مجموعة من مقاتلي حركة “حماس” من أسر الجندي الإسرائيلي نسيم توليدانو وتم قتله حين هاجمتهم القوات الإسرائيلية.

ولكن جميع تلك المحاولات باءت بالفشل ولم تنجح في تحرير أي من الأسرى، وتبقى عملية أسر الجندي الإسرائيلي “جلعاد شاليط” بتاريخ 25 حزيران 2006 هي الأبرز ونأمل أن تنجح في اطلاق سراح العديد من الأسرى لا سيما القدامى منهم.

أما عن أسباب فشل تلك المحاولات فلسطينياً وعدم نجاح اتمام عمليات تبادل جديدة والتي كان آخرها في مايو عام 1985، فيمكن تلخيصها على أنها ذاتية وموضوعية، ذاتية مرتبطة بأجندة الفصائل وعدم اصرارها على ذلك أحياناً، وبخبرة منفذي العمليات ومحتجزي الجنود أحياناً أخرى، وموضوعية تتعلق بالوضع الجغرافي والوجود العسكري المباشر لقوات الاحتلال في كل مدن ومخيمات وشوارع فلسطين مما صعب من مهمة نجاحها، ومن ناحية أخرى طبيعة حكومات الاحتلال المتعاقبة التي ترفض مبدأ التبادل، أو التفاوض من أجل التبادل والرهان على القدرات الأمنية والعسكرية وانتهاج القوة في تحرير المحتجزين لدى المقاومة كما تطرقنا إليه آنفاً.

أما حركة “فتح” والسلطة الوطنية فركزت اهتمامها ومنذ إعلان المبادئ في أوسلو بتاريخ 13/سبتمبر 1993، على تحرير الأسرى من خلال العملية السلمية والمفاوضات المباشرة، وبالرغم من التحفظات والانتقادات الشديدة لما تخلل “أوسلو” والاتفاقيات اللاحقة وما واكب العملية التفاوضية من أخطاء كبيرة ذات علاقة بقضية الأسرى، إلا أنها “أي السلطة الوطنية الفلسطينية ومن خلال العملية السلمية” نجحت فعلياً  خلال الفترة الممتدة ما بين “أوسلو” سبتمبر 1993 وحتى انتفاضة الأقصى سبتمبر 2000  في تحرير الآلاف من الأسرى الفلسطينيين والعرب، وصلت نسبتهم إلى قرابة 90% من الأسرى، وحتى خلال انتفاضة الأقصى تم اطلاق سراح أكثر من ألف وخمسمائة معتقل تحت عنوان “حسن النية” أو تعزيز الثقة.

صفقة تاريخية

وشكلتْ صفقة “وفاء الأحرار” نقطة فاصلة في تاريخ القضية وصفحة مشرقة في أجندة العمل المقاوم، فلأول مرة في تاريخ القضية الفلسطينية تتم عملية أسر ومكان احتجاز وتفاوض داخل أرض فلسطين.

وما تخلل سنوات الاحتجاز من عمل حثيث عكفتْ فيه كل أجهزة الاستخبارات الصهيونية أملاً في الوصول إلى مكان احتجاز “شاليط” ولكنها جميعًا باءتْ بالفشل، وما أظهره المفاوض المقاوم من صلابةٍ في الموقف وثبات على المبدأ حتى كان المُراد.

ومما يُحسب لصالح الصفقة أنها شملت أسرى من كافة الأراضي الفلسطينية (قطاع غزة، الضفة الغربية، القدس المحتلة والأراضي المحتلة عام 1948م) بالإضافة لأسرى من الجولان السوري المحتل وكذلك شملت أسرى من كافة الفصائل الفلسطينية بلا استثناء إلى جانب الإفراج عن أسرى مسيحيين في سجون الاحتلال.