رام الله- قُدس الإخبارية: طالبت 54 مؤسسة حقوقية وجمعية في غزة والضفة، بإلغاء القرارات بقانون والمراسيم والقرارات الرئاسية التي صدرت مؤخراً في الشأن القضائي ووقف تغول السلطة التنفيذية في شؤون العدالة.
كما حملت مؤسسات المجتمع المدني، في بيان لها، السلطة التنفيذية تبعات التدهور في القضاء ومنظومة العدالة وفشل جهود الإصلاح.
وكان الرئيس محمود عباس أصدر في الخامس عشر من تموز الماضي، قرارين بقانون، بتعديل قانون السلطة القضائية وتشكيل مجلس قضاء أعلى انتقالي، ونشرا في اليوم التالي بالجريدة الرسمية.
كما وأصدر الرئيس قرارات رئاسية بتاريخ 29 تموز الماضي أيضًا، بترقية (33) قاضياً بناءً على تنسيب مجلس القضاء الأعلى الانتقالي، ومرسوماً رئاسياً بتاريخ 31 تموز بتشكيل المجلس التنسيقي الأعلى لقطاع العدالة برئاسة رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي وعضوية كل من: المستشار القانوني للرئيس، ووزير العدل، والنائب العام، ومدير عام الشرطة، ونقيب المحامين، ومدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان.
ووفقًا لمؤسسات المجتمع المدني، فإن هذه القرارات بقوانين والمراسيم والقرارات الرئاسية، تأتي في ظل استمرار التصدع في النظام السياسي الفلسطيني وغياب الانتخابات العامة بعد سنوات من انتهاء الولاية الدستورية للسيد الرئيس والمجلس التشريعي الذي جرى حلُّه بقرار تفسيري من المحكمة الدستورية العليا، وانتهاك مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات، وتفرُّد غير مسبوق من السلطة التنفيذية بالقرار، واستثناء قطاع غزة واستثناء المحكمة الدستورية العليا من الإجراءات التي طالت السلطة القضائية وشؤون العدالة، والمساس بحقوق المواطنين في الوصول للعدالة الناجزة وحقوق المتقاضين أمام القضاء.
كما مَنحت القرارات بقانون المذكورة- بحسب المؤسسات الموقِعة- الرئيس صلاحية حصرية بتشكيل مجلس قضاء أعلى انتقالي، ومنحت المجلس الانتقالي صلاحيات واسعة على القضاء والنيابة العامة، وإمكانية تعيين قضاة مباشرة في الدرجات القضائية كافة، وعزلهم أو إحالتهم للتقاعد المبكر أو نَدبهم لوظائف أخرى.
وأَعادت تعيين أعضاء في مجلس القضاء الأعلى السابق ومَنحته صلاحية إعداد مشاريع مُعدِّلة للقوانين القضائية، ومَنحت المجلس الانتقالي ولاية مدتها سنة قابلة للتمديد ستة أشهر بناءً على تنسيب من مجلس القضاء الانتقالي ذاته وقرار رئاسي، ومَنحت الرئيس صلاحية صرف مكافأة شهرية غير محددة للقضاة المتقاعدين الذين جرى تعيينهم في المجلس الانتقالي علاوة على راتبهم التقاعدي بما يشمل رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي، وفقًا للبيان.
وبحسب البيان، فإنها استثنت قضاة مجلس القضاء الانتقالي من سِن التقاعد الحُكمي (60 سنة) الذي شمل جميع القضاة، ورفَّعت عدداً من أعضائه الذين تجاوزوا سن التقاعد إلى المحكمة العليا التي سيستمر عملها بعد انتهاء ولاية المجلس الانتقالي في مساس مباشر بعمومية وتجريد النص القانوني ومساس بالقانون الأساسي ومبدأ المساواة وعدم التمييز.
وتَرتب على القرارات بقانون المذكورة إحالة ربع عدد القضاة الفلسطينيين للتقاعد، وشملت الإحالة قضاة مشهود لهم بالنزاهة والحياد، وقضاة تَحومُ حولهم شُبهات بالفساد دون التحقيق معهم ومُحاسبتهم حال ثبوت فسادهم، وانطوت على مخالفات للقانون الأساسي والمبادئ والقيم الدستورية وقانون السلطة القضائية، ومساس بالنزاهة والشفافية ومُتطلبات الحكم الصالح وتضارب في المصالح، وخالفت قرارات المحاكم بعدم أَخذ رأي مجلس القضاء الأعلى قبل صدور القرارين بقانون وباستنادهما إلى توصيات اللجنة الرئاسية لتطوير قطاع العدالة، وانطوت على تمييز محظور دستورياً فيما يخص سن التقاعد بين القضاة وقضاة المجلس الانتقالي.
وأكدت أن المرسوم الرئاسي بتشكيل المجلس التنسيقي مخالفٌ للصلاحيات الدستورية "الحصرية" للسيد الرئيس الواردة في المادة (38) من القانون الأساسي التي تؤكد صراحة على أن يُمارس السيد الرئيس سلطاته ومهامه التنفيذية على الوجه المبين في القانون الأساسي، وليس من بينها الصلاحية المذكورة.
كما أن عدم الإعلان على الأُسس والمعايير التي جرى اتباعها في الترقيات التي جرت في السلطة القضائية تُدلل على أنَّها تسعى لملء الفراغ في القضاء بعد الإحالات على التقاعد وأنها لم تأتِ نِتاج تقييم موضوعي ومهني وجاد للأداء القضائي يؤدي بالمحصلة النهائية إلى الترقيات القضائية.
وشددت على أنه لا يجوز لرئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي، دستورياً وقانونياً، أن يشغل وظيفة قاض تحت طائلة الانعدام الذي لا يتقيّد بموعد زمني في الطعن، لأنه يطال القانون الأساسي وإرادة المشرّع الدستوري، وبذلك يحظر على رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي أن يُمارس أية صلاحية أناطها قانون السلطة القضائية وغيره من التشريعات برئيس المحكمة العليا لأن الأخير قاض ورئيس المجلس الانتقالي ليس قاضياً.
وطالبت المؤسسات في بيانها، بالقيام بمشاورات مجتمعية في محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة لإصلاح وتوحيد القضاء ومنظومة العدالة بما يشمل المحكمة الدستورية العليا، ضمن مدة زمنية محددة ومنهجية مستندة إلى سيادة القانون ومتفق عليها، والقيام بحملة مناصرة جماعية مُنَظَّمة وواسعة النطاق تُستخدَم فيها مختلف أدوات المناصرة محلياً، ودولياً (آليات الأمم المتحدة) إنْ تطلب الأمر، للضغط المتواصل على السلطة التنفيذية وأجهزتها لكف يدها عن القضاء ومنظومة العدالة، والقبول بمخرجات الحوار المجتمعي انطلاقاً مِن أن الإصلاح حقٌ للمجتمع والإرادة الشعبية مصدر السلطات، والعمل الجاد على مُحاسبة كل مَن ثبت أو يثبت عليه جُرم الفساد وتحقيق العدالة الناجزة وسُبل الانصاف الفعّالة.
كما دعت الرئيس محمود عباس للإعلان عن موعد الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية في أسرع وقت للخروج من الأزمة العميقة التي تعصف بالنظام السياسي، وتهيئة بيئة انتخابية قائمة على صيانة وتعزيز الحقوق والحريات، واحترام نتائج الانتخابات العامة والشاملة، والحفاظ على انتظامها واستمراريتها، بالتزامن، في الضفة الغربية وقطاع غزة.