صيفًا و شتاءً، في ساعات النهار والليل، في كل حين يتوقع سكان مدينة طولكرم وعدة قرى محيطة أن ينحرموا من أبسط مقومات الحياة، الكهرباء، التي يتحكم بمقدارها الاحتلال، شأنها شأن كل مقومات معيشتنا على أرضنا، فلماذا لم تتحرر بلدية طولكرم من الارتهان للاحتلال بموضوع الطاقة، وكيف تؤثر الأزمة على السكان وحياتهم اليومية، ما الحلول المطروحة وما الممكن منها، والسؤال الأهم الذي يسأله الجميع: متى الخلاص؟
تذمر
الشاب براء اصليح ابن قرية عتيل قضاء طولكرم يشير في حديثٍ مع قدس الإخبارية إلى تذمر السكان في طولكرم وقراها بسبب المشاكل التي تخلقها حالات القطع المتكررة للتيار الكهربائي.
ويرجع أحد مسببات الأزمة إلى الاتفاقيات مع الاحتلال "الإتفاقيات السياسية التي ربطت طاقتنا واقتصادنا بشكل كامل مع الاحتلال، واتحدث تحديدا عن أوسلو وبروتوكولها اتفاق باريس، إن اعتمادنا على الطاقة مبني بشكل كامل على الاحتلال، وما يقدمه لنا وهذه الآفة الكبرى ، وما زاد الطين بلة أن السلطة لم تعمل أي شئ لتحررنا من قبضة جبروت الاحتلال".
ويضيف "على دولة المؤسسات التي راهنوا عليها ايجاد حل كامل وجذري وشامل لهذا الموضوع وتأميم الطاقة في فلسطين الدولة".
كما يعتقد اصليح بأنّ ضعف التخطيط والتنبؤ بالمستقبل لدى البلديات من مسببات الأزمة، بحيث انه كان بالإمكان قبل 20-30 سنة طلب قدرة كهربائية أعلى من القطرية ولكن ضعف التخطيط وقف حيال ذلك.
الكرمي أسامة عبدالله أستاذ الإعلام في جامعة النجاح يرى أنّ البلدية عبر وسائلها الإعلامية لم توفّق بتوصيل الصورة الكاملة حول الأزمة مما أدى إلى ما نراه عبر وسائل التواصل الإجتماعي من ضجر على البلدية، ويؤكد عبدالله خلال حديثه لقدس أنّ المسبب الأساسي للأزمة هو الاحتلال، ولذا يكمن الحل بالتحرر من التحكم الإسرائيلي ببناء مشروع مستقل عن الاحتلال يوفر الطاقة للسكان من خلال مشاريع الطاقة الشمسية، وترشيد الاستهلاك ووقف حالات السرقة للتيار الكهربائي.
الأزمة
بلدية طولكرم في حديثٍ ل قدس الإخبارية قالت إنّها حاولت منذ عام 2012 شراء خط ثالث لزيادة كمية الكهرباء للمدينة من الاحتلال ودفعت مبلغ مليون و600 الف شيكل من ثمن المشروع لكن منذ ذلك الحين حتى اللحظة لم يكتمل تنفيذ هذا الحل وتوصيل الخط الثالث.
ويتذرع الاحتلال بعدم وجود خط كافي في محيط مدينة طولكرم قادر على تغذية الكهرباء في المدينة، مع العلم أنّ بلدية طولكرم أبدت استعدادها لبناء أي غرفة ربط بأي وقت وأي مكان وبالسرعة الممكنة، وردًا على سؤالنا عن أي منحنى قانوني اتخذته البلدية، يشير نائب رئيس بلدية طولكرم سهيل سلمان إلى أنّ البلدية في العهد السابق تواصلت مع محامٍ من الداخل الفلسطيني المحتل لمتابعة القضية إلا أنّ الجانب الإسرائيلي كان دومًا يتذرع بحجج واهية ويضع العقبات أمام الحل، في محاولة لتجنب التصريح بالمنع.
من جانبه قال مدير دائرة الكهرباء في طولكرم المهندس محمد جلاد بحديثٍ ل قدس الإخبارية إنّ الكمية التي تحتجاها المدينة من القدرة الكهربائية تبلغ 42 ميجا واط في حين الكميات الواردة من الجانب "الإسرائيلي" فقط 32مجيا واط، بعجزٍ يصل إلى 10 ميجا واط.
الحلول
اقترح الجانب "الإسرائيلي" حلًا للأزمة من خلال تركيب خط جديد من كفراللبد وذلك في عهد حكومة رامي الحمدالله، لكن لم يتم تنفيذ الاقتراح حتى اللحظة بالرغم من استعداد بلدية طولكرم لتنفيذ كل ما يطلب منها في أي وقت حسب ما أفادنا به سهيل سلمان، ويضيف بأن رئيس الحكومة الحالي محمد اشتية أبلغهم بقرب حل الأزمة عقب اجتماع بين سلطة الطاقة والجانب "الإسرائيلي" ومن المتوقع تنفيذ الاقتراح عام 2020حسب وعود الاحتلال، ويشير سلمان إلى أنّ هذا الحل يوفر للمدينة 100أمبير من أصل 300، في حين لو نُفّذ مشروع الخط الثالث الذي بدأ العمل بشأنه عام 2012 فسيكفي طولكرم لمدة 10 سنوات من الكهرباء.
وبالتوازي مع ذلك، تؤكد البلدية أنّها تعكف على توفير حلول بديلة إضافية، منها قيامها بتغيير "كشافات الإنارة" بالشوارع إلى نوع "led" الموفرة للطاقة بنسبة 50%، كما تسعى إلى تشجيع فكرة الطاقة البديلة، وتواصلت مع الجهات المختصة للعمل على تركيب خلايا شمسية فوق أسطح المدارس والمساجد، كما إنّها -حسب حديث نائب رئيس البلدية مع قدس الإخبارية- عملت على تسهيل إجراءات تركيب خلايا الطاقة الشمسية للمنازل وتذليل العقبات لدرجة أنّ من عليه مخالفة ولا يمكنه أخذ موافقة البلدية إثر ذلك، تعمل البلدية على السماح له بتركيب النظام الشمسي فيما تتابع أمر المخالفة فيما بعد بمعنى لا تتخذ منها عقبة أمام تركيب خلية للطاقة الشمسية.
ولفت سهيل إلى مقترح حديث لإنشاء محطة للطاقة الشمسية في "واد الزومر" على قطعة أرض كبيرة يجري مناقشته والبحث في إمكانية تنفيذه.
الطاقة الشمسية
مهندس الكهرباء براء شديد -صاحب فكرة إنشاء مظلة شمسية في جامعة خضوري- أوضح بحديث ل قدس الإخبارية الصعوبات التي ترافق مشاريع الاعتماد على الطاقة الشمسية في المنازل، أهمها عجز الخلايا الشمسية عن توفير الطاقة الكهربائية خلال ساعات المساء بسبب صعوبة تزويد الخلايا الشمسية ببطاريات تخزين حيث تحتاج المنازل عدد كبير من البطاريات ذات السعر المرتفع وأيضًا عمرها الإفتراضي لا يتجاوز سنواتٍ عدة قد يصل ستة سنوات إذا كانت من النوع الجيد، لكنّه أكد مساعدة الخلايا الشمسية على تخفيف الضغط على الأحمال الكهربائية من البلديات.