غزة – خاص قدس الإخبارية: تتزايد المحاولات الفردية -غير المنظمة- في قطاع غزة لتنفيذ عمليات مسلحة داخل السياج الفاصل مع الاحتلال الإسرائيلي، لكن تبدو فرص نجاحها الميدانية محدودة، فمن بين ست محاولات فردية وجماعية نجحت حالة واحدة نفذها الشهيد هاني أبو صلاح شرق خان يونس اعترف الاحتلال خلالها بإصابة ثلاثة من قواته.
تفتقر العمليات الفردية وفق خبراء أمنيين تحدثوا لـ قدس الإخبارية لمقومات الهجوم العسكري الناجح الذي تعتمد عليه المقاومة في غزة التي تتضمن جمع معلومات كافية عن الهدف المهاجم، مسبوقا بخطة تشارك في إعدادها أجهزة المقاومة الاستخبارية التي توفر كافة المعلومات والخرائط عن هدف العدو، مدعومةً بأسلحة تتناسب مع الهدف وقوات دعم واسناد واشغال العدو، وهذا كله ما تفتقر إليه العمليات الفردية مما يزيد من نسب فشلها وكشف الاحتلال للمنفذين.
يقول المختص الأمني محمد أبو هربيد إنّ فصائل المقاومة الفلسطينية والأذرع العسكرية الرئيسية بغزة خاصة كتائب القسام يهمها أن يكون العمل العسكري المقاوم منظم لأسباب مختلفة بأن تكون موحدة بالقرار، لأمر دقيق وحساس حتى لا يتم التعرض لها من قبل الاحتلال ويحدث بعضًا من الاختراقات واستخدامها ضد المقاومة، ولا زالت تحاول المحافظة على الشباب من خلال تفريغ الطاقة بتجنيدهم بأجنحة عسكرية رسمية بعيدة عن الاتجاهات الفردية.
تخطيط أقل
وأضاف أبو هربيد ل قدس الإخبارية بأنه ليس في صالح المقاومة أن تتشكل حالات فردية لأنها تؤثر على حالة الاستقرار والتحكم والسيطرة التي تتمتع بها الأجهزة العسكرية في غزة فهناك مرجعية وقيادة لكل جهاز، مبينًا أن الحالات الفردية ليست مرتبطة بمرجعية محددة، إذ حدثت أكثر من خمس محاولات لتنفيذ عمليات فردية كان يمكن توجيهها بشكل أفضل لو كان هناك مرجعية أساسية وقيادية.
بحسب المختص الأمني، فإن الخطأ يكثر بالاجتهاد الفردي بخلاف العمل الجماعي الذي يشترك فيه أكثر من عقل بالتفكير، مدعوم بإمكانيات أكبر، بخلاف العمل الفردي.
واستدرك، لكن الظروف التي تحيط بغزة والواقع يفرض نفسه أحيانًا، في ظل حالة السخط من الحصار والبطالة وعدم وجود أفق وعدم التزام الاحتلال بتطبيق تفاهمات كسر الحصار، فمن الطبيعي أن تنضج حالات تمارس العمل المقاوم محاولةً تغيير الواقع، تدفعها كمية "هائلة" من الطاقة والعنفوان في نفوس الشباب تتجه لتفريغها نحو الاحتلال.
أبو هربيد، يعتقد كذلك أن الاحتلال يدرس هذه الحالات من حيث دوافعها ومن يقف ورائها، على غرار تشكيل وحدة لكشف نوايا منفذي العمليات بالضفة الغربية لإحباطها.
أنظمة مراقبة
حول أنظمة المراقبة والتحكم على طول السياج الفاصل، يبين الخبير الأمني أن هناك حالة يقظة لدى الاحتلال بالتعامل مع رواد الحدود، بالفترة السابقة تعامل مع بعض المتسللين الشباب بأسلوب الاعتقال محاولًا تجنيدهم، واليوم لديه تعليمات مشددة لمنع دخول الحالات الفردية.
ينشر الاحتلال كاميرات مراقبة مسلطة على طول السياج الفاصل مع قطاع غزة، وفق أبو هربيد، وينشر قواته بدشم محصنة مموهة ويعمل على تحريك طائراته المسيرة لمراقبة الحدود، كما أنه استخدم طائراته المروحية التي لم يستخدمها منذ فترة طويلة في التعامل مع الحدث الذي وقع شمال بيت لاهيا والذي نتج عنه استشهاد ثلاثة شبان.
محدودة النجاح
بشأن فرص نجاح العمليات الفردية، يقول إنّ العملية الفردية محدودة النجاح كونها تعتمد على فرد تفتقر للتخطيط الكافي وتفتقر لعامل مساندة للشخص المهاجم، مبينًا أنه في العلم العسكري فإن العمليات العسكرية المنظمة تكون ذات خطة متكاملة تعتمد على اقتحام وانسحاب مع دعم لوجستي واتصال وتحكم من القيادة، ويمكن فيها تجنيد وحدات واستخدام أسلحة متنوعة، وادخال قوات مساندة للقوة المهاجمة حسب مجريات الهجوم.
خلال تنفيذ الاقتحام، والكلام لأبو هربيد، بالعمليات المنظمة تقوم قوات أخرى بإشغال العدو باستهداف مناطق بعيدة عن مسرح العملية لضبط ايقاع المباغتة وتحقيق الهدف، أما في العمليات الفردية فإن فعاليتها أقل.
وقال "إن أهم شيء بالهجوم العسكري امتلاك معلومات عن الخصم فالعمليات المنظمة توفر معلومات كبيرة عن الهدف وطبيعته وخارطة للمكان المراد مهاجمته، وهذا ما لا يتحقق بالعمليات الفردية" مشيرًا إلى عملية خطف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط التي كانت مخططة ونتج عنها بعد ذلك تحرير اكثر من ألف أسير فلسطيني.
مشاركة جماعية
الخبير في شؤون الأمن القومي إبراهيم حبيب، يقول إنّ "العمليات المنظمة تشارك أجهزة استخبارية تابعة للمقاومة في عملية الرصد ويجري التخطيط لها بعناية، مما يوفر لها أسباب النجاح، أما العمليات الفردية فهي تعتمد على النشاط الذاتي للمنفذ بما يمتلك من أدوات تمكنه من عمليات التمويه وهذه العمليات إمكانية نجاحها أقل بكثير من العمليات المنظمة".
وأضاف أبو حبيب لـ قدس الإخبارية بأن ما يجعل الفصائل الفلسطينية لا تذهب نحو تنفيذ عمليات مسلحة منظمة، أن ذلك سيؤدي إلى اندلاع مواجهة شاملة مع الاحتلال.
نسبة الفشل في العمليات الفردية عالية جدا، كون هناك أنظمة رصد متقدمة وأجهزة اشعاعية حسية بشكل أساسي، وكاميرات تصوير، ورصد ليلية كلها تخدم الحالة الأمنية للاحتلال، وفق الخبير الأمني، قائلا "إن الاعتماد على حالة الجرأة والغفلة التي يكون عليها جيش الاحتلال لا يمكن أن ينجح إلا في إطار حالة تنظيمية وإذا نجحت بشكل فردي فهذا تقدير إلهي".