شبكة قدس الإخبارية

عن شروق، في يوم ميلادها

img
لمى خاطر

حين تعرفتُ على شروق دويات أيقنتُ كم أن لها من اسمها نصيب، كانت شروق أول من سكنتُ معها في سجن الشارون بعد انتقالي إليه من تحقيق عسقلان.. استقبلتني ببشاشة واجتهدت في متابعة احتياجاتي والتخفيف عني، وتعريفي على متعلقات السجن المختلفة، منحتني فوراً (البرش) الخاص بها وآثرت أن تنام على فرشة على الأرض، لأن الغرفة كانت مكتظة، وعبثاً حاولتُ إقناعها بأنني أفضل النوم على الأرض بدلاً منها..

لاحقاً تعرفتُ على شروق القوية والرقيقة، المتسامحة والأبية، الحنونة والذكية، النشيطة والمعطاءة، ذات الفضائل العديدة والسمات الاجتماعية الثرية التي مكنتها من أن تكون ملجأً لكل من تشكو هماً أو تشعر بضيق، كانت شروق تتقن مواساة الأخريات دون أن تنتظر من يواسيها، وحينما اضطرَت مرة للبكاء أمامي أنا وياسمين اعتذرَتْ طويلاً لأنها كانت ترى أن دورها يتطلب منها ألا تكون عبئاً علينا بل عنصراً فاعلاً ومساعدا، لا متذمراً أو شاكيا.

أدركتُ مدى أصالتها ونبل أخلاقها حين بادرتْ مرة إلى الاعتناء بأسيرة مريضة، رغم أن تلك الفتاة أساءت لشروق قبل مرضها بيوم، رأيتُ كيف يتحول الخلاف فجأة إلى مودة حينما يغلّب المرء أخلاقه على الانتصار لنفسه.

كنت أرى في شروق دائماً وجه ابنتيّ بيسان ويمان، وحين كانت تمرّ على غرفتنا يومياً في سجن الدامون للسلام والتفقد بمجرد فتح الفورة أشعر أن طاقة من الإيجابية والفرح أشرقت مع وجهها الصبوح.

شروق المحكومة 16 عاما، على وشك دخول عامها الخامس في الأسر، دخلت السجن جريحة بإصابة صعبة، ثم تعافت منها وهزمت الجرح والألم، ترقب اليوم هي وكثيرات من ذوات الأحكام العالية بأمل وشوق ويقين لحظة فرج يتمنين أن تكون قريبة، لكن هذا الحلم الذي يبدو بعيداً في لحظات ضيق كثيرة لا يمنعهن من صياغة حياة حافلة بالمرح والحيوية والفائدة داخل السجن.

كل عام وشروق بخير وحرية، كل عام وهي مصدر إشراق الفرح والعطاء، والنبل والإباء.

#شروق دويات #سجن الشارون