تعتبر الاستخبارات الفنية اليوم هي الفاعل الأكبر والعين التي ترى وتسجل وتتجسس, فلم يعد ممكناً السيطرة على الميدان بالأساليب القديمة، وأصبحت الاستخبارات بلا تقنية الكاميرات – ولاسيما الذكية منها – هي استخبارات عمياء فاشلة.
ولأن الضفة المحتلة هي الذخر الاستراتيجي للمقاومة وقوتها وتطورها يخدم مشروع المقاومة والتحرير ويقرب من زوال الاحتلال، يسعى الاحتلال بكل الوسائل لضرب أسس المقاومة فيها، لذلك تعتبر انظمة المراقبة الرافد الذي يرفد الاجهزة الاستخبارية والامنية الصهيونية بالصور والافلام، هذه الكاميرات تقوم بعملية الرصد والمراقبة القريبة والبعيدة لمراقبة الاحياء والشوارع وتحركات الاشخاص والمركبات، فأصبحت تمثل العين في الجهد الاستخباري الفني، وتؤدي دوراً استخبارياً كبيراً، الامر الذي جعل الأجهزة الأمنية الصهيونية في موقف متقدم في تتبع والوصول لمنفذي العمليات .
قوات الاحتلال بعد كل عمل مقاوم، تسارع بمصادرة كاميرات المراقبة من مدن الضفة الغربية، وتكثَّيف عمليات الاقتحام لبعض المناطق القريبة بهدف الاستيلاء على ذاكرة هذه الكاميرات، والحصول على ما تحفظه أولًا بأوَّل، ولعل الكثير منا سمع وشاهد كيف أن عشرات العمليات بالضفة المحتلة خلال السنوات الاخيرة اكتشفت ووصل العدو إلى منفذيها عن طريق الكاميرات .
القناة الإسرائيلية الـ 13 قالت في تقرير لها حول كاميرات المراقبة الإسرائيلية والفلسطينية في الضفة الغربية، أن ما تغير بعد مقتل المستوطنين الثلاثة، قبل خمس سنوات هو نصب مئات الكاميرات في كافة أنحاء الضفة المحتلة، والتي تزود الاحتلال بمعلومات ذات قيمة كبيرة في التحقيق في أي عملية، وإضافة إلى الكاميرات التي نشرها جيش الاحتلال، فإن هناك آلاف الكاميرات الفلسطينية الخاصة، والتي توفر صورة واضحة عن تحركات أي "مشتبه به" في شوارع الضفة المحتلة.
كاميرات المراقبة تساهم في تحليل التفاصيل المتعلقة بالفعل المقاوم ورسم سيناريوهات لسلوك وتحرك المقاومين، ويتعامل معها الاحتلال في السنوات الأخيرة كأداة فعالة في ملاحقة المقاومين وفي التعامل مع عمليات المقاومة، ترى الأجهزة الامنية الصهيونية أن هذه الكاميرات تلعب دور كبير في تحليل العمليات، إلا أن المشكلة تكمن في أنها تساعد فقط في تحليل العملية التي حصلت، وليس في منعها، وهنا تفترض النظريات الأمنية الإسرائيلية أن انتشار كاميرات المراقبة يخلق حالة ردع لدى المقاومين، وأن فرص الوصول إليهم باتت كبيرة، وأن المقاوم الفلسطيني يقع في دائرة موازنة المنافع والمفاسد المترتبة على العمل المقاوم الذي سيقوم به، وبالتالي فإن وجود الكاميرات يؤثر بشكل كبير على اتخاذ القرار بالفعل المقاوم.
الوعي أساس القوة، فقد أثبت مقاومي شعبنا قدرتهم على التعامل مع كل سياسة جديدة يستخدمها الاحتلال، بحيث يتم التعامل معها بطريقة تفاجئ المحتل وتربك حساباته، واستمرار العمليات بالضفة حتى الآن يشير إلى أن الاحتلال لم ينجح في سياسته التي أرادها والتي تهدف إلى ردع المقاومة وترهيب الشباب وإقناعهم بأنه سينجح بالتعرف عليهم من خلال تلك الكاميرات .
المطلوب الآن منا استشعار المسؤولية الفردية والوطنية، ونشر حملات الوعي والتحذير من خطر تلك الكاميرات، والعمل على استهداف الصهيوني منها لأنها باتت شكَّلت خطورة كبيرة على المقاومة والمواطنين وضيقت الخناق عليهم، ووجودها أصبح بمثابة مساهمة في مساعدة الاحتلال على تتبُّع المقاومين.
من الوعي والمسؤولية الوطنية ضرورة معرفة التعامل مع الكاميرات بحيث يكون تركيبها ضمن الحاجة الملحّة، على أن لا تخدم الاحتلال في تغطيتها للشارع بالكامل بل يجب توجيهها في نطاق المحال التجاري فقط، كي لا تكون كنزاً ثميناً للاحتلال، وضرورة تفريغها أولاً بأَّول.
تحصين المجتمع الفلسطيني وتعزيز وعيه الأمني، بحاجة الى كل الجهود للتحصين وحماية الشعب وعناصر المقاومة من مخططات ووسائل العدو التي تسعى لكسر ارادة المقاومة والنضال، واجبنا ان نحمي ظهر المقاومة ولا ندع الاحتلال يحصل على المعلومات بالمجان من خلال كاميرات المراقبة الخاصة بدون قصد، وبذلك نخدم خطط الاحتلال في مواجهة المقاومة، فكم من عمليات الاعتقال والاغتيال لمقاومين لم تكن لتنجح لولا وجود تلك الكاميرات، فاحرص ألا تكون كاميرات المراقبة الخاصة بك عيناً للاستخبارات الصهيونية بأي شيء يخص عمل وتحرك المقاومين.