نابلس- قدس الإخبارية: خلّف مقالٌ للصحافي والكاتب عارف حجاوي عاصفةً واسعة من الجدل وردود فعلٍ متباينةٍ لدى روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، وعَنوَن الكاتب مقاله بـ"نابلس.. مدينة النساء القويات" عبر موقع متراس، متحدثاً عن البيئة الاجتماعية للمدينة وبعض عاداتها ولهجتها، وطبيعة الرجل والسيّدة فيها.
وعقب عاصفة الجدل، خط حجاوي عبر صفحته الشخصية: "عندما أكتب عن (أبناء نابلس) فإنما أكتب عن نفسي. فلا يقولنَّ لي أحد ماذا أكتب".
"لم تسبق لي تجربة مع الممارسة الجنسية المثلية رغم أنني ولدت ونشأت في نابلس. وأغلب ظني أن هذا الشيء موجود في نابلس بقدر ما هو موجود في غيرها، إلا أن مؤلفي النكت يحتاجون دائماً إلى عنوان ثابت لكل خصلة بشرية" هذه هي الكلمات التي اختارها حجاوي كمقدمةٍ لسرد مقاله الذي سرد بعضاً من تجربته الشخصية في مسقط رأسه.
المقدمة السابقة حول الجنسية المثلية من أبرز النقاط التي أغضبت منتقدي المقال، واعتبروها إساءة للمدينة، في المقابل دافع آخرون عن حجاوي متهمين المنتقدين الغاضبين بأنهم "اكتفوا بقراءة المقدمة دون الخوض في متن المقال وبقية أجزائه".
ثم ينتقل حجاوي للحديث عن الفلسطيني النابلسي الأنيس والدود والبيوتي :”كان إذا أكل أوقية كنافة في السوق عاد إلى بيته ودفع لزوجته ثمانية قروش حتى لا يكون استأثر دونها بمتعة من متع الحياة”.
دور نابلس في النضال الوطني وتحديدًا خلال الثورة الفلسطينية الكبرى نقطة أخرى أحدثت جدلاً واسعاً أيضًا، حيث قال حجاوي: ”نابلس قد أسبغ عليها لقبها الشهير "جبل النار" ما لا تملك. هي بالأحرى طفل وديع يغفو بين ثديي أمه. ولئن صحت أقوال بعض الأنثروبولوجيين عن وعورة أخلاق أهالي الجبال وسهولة أخلاق أهالي السهول فإن نابلس كانت دائما وادياً، ولم تتسلق عماراتها سفوح جبليها إلا في العقود الأخيرة. وأما ثورة عام 1936 التي جاء في خضمها اللقب فقد كان الفاعل فيها ريف نابلس، وأما المدينة نفسها فاكتفت بنـزع الطربوش ولبس الكوفية بعض الوقت لتمويه تحركات الثوار على القوات البريطانية".
ويتحدث حجاوي عن استقلالية السيّدات في نابلس، واصفًا المرأة هناك بـ"قوية الشخصية ولها يد طولى في سوس بيتها واتخاذ القرارات في شؤون أهله... ورمال متحركة، فلا يدخلن فيها إلا من رضي بالاستقرار في داخلها والسير على قانونها.
وينتقل حجاوي للحديث عن تميز اللهجة النابلسية عن اللهجات المحلية الأخرى في فلسطين، ويختم مقاله بقوله:”انتقلت عن نابلس بعد أن بلغت الثامنة عشرة، وصرت أزورها مرة في السنة أو مرتين، لذلك فإن كلامي إنما يصور انطباعاتي في زمن معين. أما ما جرى عليها في العقود الأخيرة فلم أرصده بما يكفي لوصفه.
باسم النعنع علّق على مقال حجاوي بالقول:”كم هو مخجل أن يبدأ المقال بكلمة مشينة وهي مدينة سميت عش العلماء ومدينة المآذن وأم الشهداء، يكفينا فخرا أنها تعج بالينابيع مما يطهر دنسها ورجسها، وتعد من كبرى المدن الفلسطينية من حيث عدد السكان، كما أنّها تحتل موقعاً استراتيجياً مهماً، وهي العاصمة الاقتصادية لدولة فلسطين".
غسان الكتوت عقّب قائلًا: المقال احتوى على كم كبير من المعلومات عن الثقافة والتاريخ النابلسي، قد نتفق مع بعضها ونختلف مع بعضها الآخر، وانا أرى بعض المعلومات غير دقيقة، لكن البداية بلا شك غير موفقة حتى لو كتبت بحسن نية، وكان بالإمكان طرح الفكرة بطريقة لا تثير اللبس".
أما رُشد البيطار قال:”لا أدري سبب الهجوم على الكاتب بهذا الشكل. ولكن يبدو أن استاذ عارف كان عليه أن يضيف الى مقالته الآتي: ولا يمكن لأهل نابلس تقبل أي نوع من أنواع النقد، ويأخذون النقد دائما بشكل شخصي".
آية استيتة عقّبت موجهة كلامها لكاتب المقال:”يبدو أنّ الكتابة والأدب قد أصبحت بالحضيض ، للأسف لا يحتوي مقالك عن أي موضوع مهم يدفع القارئ الى الاستمرار بالقراءة او حتى اعادة قراءته من جديد ، اكاد اجزم بأنك لا تنتمي لهذه المدينة ولا تعرف عنها سوا ما يعرفه غرباؤها".
يصف وليد نصار عارف حجاوي بـ"أستاذي العارف"، والقامة العلمية والعملية الهائلة وشعلة من الأدب والفن ومنهل من الإعلام. وخطّاط في زمن الحرف المضيء والإملاء الرديء، لا يطيق المجاملات ويهرب من المناسبات، كتلة من اللطف والأدب ودماثة الخلق.
مضيفاً:” كتب مقالاً يحتوي مئات الكلمات، هاجمه كثير من الناس بسبب السطر الأول فيه، ولا أراه إلا محبا ً لنابلس (بلده الذي تربى فيه طفلا) ولفلسطين، وما عرفت عنه غير ذلك، فهل من هاجمه قرأ المقال كاملاً أم لا يطيق؟”.
ويتابع نصار:”المقال الذي أثار الجدل منشور على صفحة العارف ولم يشطبه، ولا أظنه من الذين يخضعون لضغط فيرفعون منشوراً".
سائد أبو حجلة عقّب:”في اللحظة التي تودع فيها نابلس بمدينتها وقراها ومخيماتها إبنها البار و "جبلها الثالث" المناضل الوطني القومي الأممي بسام الشكعة يخرج علينا عارف حجاوي بمقالته الهزيلة الهزلية المسيئة لنابلس وتاريخها العريقة… وأقل ما يمكن أن يقال له": "لم تكن موفقاً"!!.
خالد عليان ذهب في تعقيبه إلى منحى آخر، قائلًا:”يبدو أن الجغرافيا والطبوغرافيا لها علاقة بطباع النساء في الارض ايضا نساء السلط قويات وهي أخت نابلس".
حازم صالح أيضًا علق بالقول:"دعنا نقول انها خواطر لزمن بعيد.. العالم بشكل عام أصبح منفتحًا أكثر على بعضه، ومع تقدم العلوم والتكنولوجيا لم يبقى مناطق منعزلة عن العالم الجديد إلا القليل من القرى والضيع والخرب النائية مثل ضيعة أم الطنافس وأخواتها في أعماق الهند وأدغال أفريقيا".
طريف عاشور رد قائلًا: "يتحدث الحجاوي في مقاله البائس عن الأعمال التي انخرط فيها الرجل النابلسي، وبلغ فيه التحقير بأن يستهزئ بالصابون النابلسي المقرن اسمه في العالم بنابلس كما الكنافة، فالعامل الذي يحمل القصعة يا حجاوي، والتي تخرج منها رائحة مؤذية كما تقول، هو من يؤمن لك الصابون الذي تغسل به يديك وحتماً فمك ولسانك".
وواصل عاشور: "ابن نابلس يا حجاوي ليس كما تقول لم يدخل السياسة إلا متأخراً، فولله لو كنت صحفياً هاوياً، لما كتبت ذلك، نابلس كانت ولا تزال عاصمة السياسة والسياسيين، مناضل كبير قال لي: صفقة تبادل الـ 83 أسميناها صفقة (النابلسيين) لكثرة الأسرى من نابلس، والذي خرج كثير منهم، بل ومعركة الكرامة، ألا تذكر يا صحفي عشرات النابلسيين، هواش والدنبك والشخشير، وهم منأاوائل من التحق بالثورة الفلسطينية بل وغيرهم المئات، حتى إن أحد المناضلين قال لي أيضاً: هل تعلم أن بدايات الثورة الفلسطينية كان هناك مناضلون من نابلس ما يفوق معظم المناطق، وإن كنت لا تعرف، ادرس عن القطاع الغربي يا "عارف ".
وأضاف: "ابن نابلس لا يعمل خادماً يا حجاوي عند أهل الثروة، ويعتاش على فتات موائدهم، ربما قلبت الحديث وبدلت المواقع، ولن أخوض أكثر.. أما الزراعة وسقايتها من مياه المجاري، فلربما هنا كنت أنت الأعرف يا عارف، ونشأت على هكذا مزروعات، أما نحن، فلا".
وتابع طريف عاشور متسائلًا: "ألا يكفي نابلس أن أبو عمار كان يقضي فيها يومين على الأقل أسبوعياً لعلمه بأهميتها السياسية، بل وعين وزير الاقتصاد منها، و6 وكلاء وزارات مرة واحدة من أهم الوزارات كالداخلية والصحة والمالية والثقافة ومحافظ سلطة النقد، حتى بحكومات الأردن، لا تمر حكومة إلا من 3 إلى 6 وزراء أصلهم من نابلس، لأن الساسة هناك يعرفون إخلاص وصدق وسياسة النابلسي المشهود لها".
من جهته، أخذ الصحفي بشار دراغمة على كاتب المقال "الاستهلال غير الموفق" في المقدمة والمتعلق بجزئية المثلية الجنسية، ولامه كونه قد يعزز فكرة وصورة نمطية مغلوطة عن نابلس، إضافة لأفكار أخرى كالعنصرية بين النابلسي والفلاح وتصوير الرجل النابلسي أنه "لا حول ولا قوة" ويسير بجانب الحائط وحصر دوره في الدفاع عن المصالح الشخصية والتقليل من دوره السياسي.
وختم دراغمة حديثه بالقول: "رجال نابلس ونساؤها قدموا الكثير ويستحقون أن تُكتب عنهم الحقيقة وليس النوادر كما ورد في المقال".
أما نجوى الحمدان فعقّبت: ”أستاذي الفاضل عارف حجاوي تعرض و يتعرض لهجمة تعليقات تعايره بأنه فلاح و غيرها من الاتهامات لمجرد كتابته مقالاً لم ارَ انه اساء فيه لأحد، احنا كلنا روس بصل على بعضنا البعض، نحاكم الآخر فورا و نكيل الاتهامات وما بيهمنا هل هو شخص مخطئ ام لا، هل هو مثقف و انسان ذو قيمة للكثيرين ام لا هل يقدم قيمة ام لا”.
وتتابع الحمدان: ”يقرأ البعض أول سطر و يبدأ بالشتم هذا إن قرأ أصلا… عيب جدا ما يجري بحق انسان اكبر من بعض المعلقين بثلاثين عاما. تربيتنا مش هيك لازم تكون".