فلسطين المحتلة- قُدس الإخبارية: ذكر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أن انتشار الفساد والمحسوبية داخل أروقة السلطة الفلسطينية، دفع الشعب لفقدان الثقة بالرئيس محمود عباس وحركة فتح بشكلٍ أكبر.
واستعرض الموقع في تقرير له أمس، أن الناس يرفضون دفع ضرائب إضافية، ناقلة عن أحد الشبان بالخليل يدعى علي (22 عامًا)، بأنّه يعتبر السلطة الفلسطينية التي يقودها محمود عباس ليست إلا مؤسسة فاسدة تستفيد منها الأقلية من النخبة الحاكمة، مضيفًا: "هل تسمون هذه حكومة؟ أنا أسميها مافيا. إن أبناء أبو مازن يرتادون أفضل المدارس، وأفضل المستشفيات، ويسافرون إلى كافة أنحاء العالم، ولا يهتمون بالشعب الموجود في فلسطين".
كما نقل التقرير عن أحد العاملين داخل السلطة الفلسطينية لأكثر من عشرين عاما، وكان عضوًا في المجلس التشريعي وحركة فتح، بأن سوء التصرف السياسي والمالي للحكومة في أشياء، مثل ضخ أموال طائلة في بناء سفارات في خارج البلاد، عوضا عن تشييد مشاريع داخل فلسطين، أدى لتآكل ثقة الرأي العام في الحكومة، مضيفًا: "نحن نتجاهل الشعب الفلسطيني، ولذلك فإن ثقتهم فينا انخفضت كثيرا، لأنه على مدى السنوات العشر الماضية لم نشهد أي تقدم على الأرض".
وعرضت قول "عمار"، من رام الله، "إن الحكومة لم تفعل أي شيء لبناء مناطق صناعية جديدة، وفي الوقت ذاته تريد رفع الضرائب، وأنا لا أرى أي شيكل منها يعود بالنفع على السكان. كيف تتوقعون مني أن أعطي مالي للحكومة وهي غير قادرة على إجبار الجنود الإسرائيليين على البقاء خارج رام الله".
السلطة الفلسطينية، التي تم إنشاؤها في أعقاب اتفاقات أوسلو في 1994، كان الغرض منها هو أن تلعب دور الحكومة الانتقالية لمدة خمس سنوات، إلى حين إنشاء سلطة فلسطينية كاملة، كجزء من حل الدولتين، لكن بعد مرور حوالي ربع قرن، لا يزال الفلسطينيون بعيدين عن الحصول على دولتهم. أما السلطة الفلسطينية فقد تحولت إلى عملاق بيروقراطي يهتم بالحفاظ على سلطته، أكثر من الدفاع عن حل سياسي طويل المدى لمعضلة الاحتلال الإسرائيلي، أورد الموقع نفسه.
ووفقًا لتقرير نشره ائتلاف "أمان" من أجل النزاهة والمساءلة، أن 91% من الفلسطينيين الذين أدلوا بآرائهم يؤكدون أنهم لا يثقون في السلطة الفلسطينية.
ووفقًا لأمان: "فإن الجزء الأكبر من الفساد يتركز في القمة. وأولوية الحكومة هي الاستثمار والسيطرة على كل الموارد في البلاد لفائدة حركة فتح، التي هيمنت على السلطة الفلسطينية منذ إنشائها، تستخدم ورقة هامة للحصول على ولاء الناس، وهي فرص الحصول على وظائف في القطاع العام".
وبحسب الموقع، فإن الفساد السياسي غالبا ما يظهر جليا في عمليات خلق وظائف ومناصب وهمية، إلى جانب تعيين المسؤولين الكبار بناء على الولاء والمحسوبية، عوضا عن الكفاءة. كما أن من بين أسخف الأمثلة على سوء استغلال الموارد المالية في القطاع الحكومي، ما ذكره ائتلاف أمان في تقريره للعام 2017، حول شركة الخطوط الجوية الفلسطينية، المملوكة للسلطة.
وأوضح التقرير أن فلسطين لا يوجد فيها أي مطار ضمن الخدمة منذ 2001، بعد أن قامت إسرائيل حينها بتدمير مطار غزة الدولي أثناء الانتفاضة الثانية. ورغم ذلك فإن شركة الطيران استأنفت أنشطتها في مصر في العام 2012، بينما هي ليس معترفا بها من قبل هيئة الطيران المدني المصرية، لكن الشركة لا تزال ضمن ميزانية وزارة النقل، دون تقديم أي تفاصيل أو احترام للشفافية.
وأضاف "إن حوالي 200 موظف يعملون لدى الشركة داخل الأراضي الفلسطينية، وهؤلاء لا يحصلون فقط على رواتبهم، بل أيضا على علاوات. كما يتم تضخيم مرتبات ومناصب هؤلاء، ويحصلون على بدلات كثيرة، وتصل مرتبات بعضهم إلى 10 آلاف دولار شهريًا، إلى جانب التمتع بإعفاءات جمركية على استيراد السيارات الفخمة".
وبحسب تقرير ائتلاف أمان أيضا، فإن قيمة الأموال التي أهدرت بسبب التهرب من الجمارك عند إدخال السيارات الفخمة في 2017 فقط، تقدر بحوالي 357.600 دولار، وهو مبلغ كاف لتغطية ميزانية وزارة التنمية الاجتماعية، التي توزع 214 دولارا في كل ثلاثة أشهر على 1670 عائلة محتاجة.
يُذكر أن احتجاجات اندلعت مؤخرا في الضفة ، ضد مقترح قانون الضمان الاجتماعي الذي كان سينص على فرض ضريبة على الدخل تتراوح بين 7 و9 بالمئة على موظفي القطاع الخاص. وقد جاءت ردة الفعل هذه دليلا على غياب ثقة الفلسطينيين في الحكومة، وهو ما دفع بعباس لتعليق هذا المشروع.
المصدر: عربي 21