القدس المحتلة- خاص قُدس الإخبارية: استولى مستوطنون على عقارٍ في حارة السعدية بالبلدة القديمة في القدس، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على استيلاء جمعية "إلعاد" الاستيطانية على منزلٍ وقطعة أرض في بلدة سلوان جنوبي الأقصى.
ووفق مصادر محلية في القدس، وشخصيات فلسطينية، فإن قاسمًا مشتركًا يجمع بين العقارين، وهو تسريبها لصالح المستوطنين. إذ أفادت المصادر بأن نحو 60 مستوطنًا قد اقتحموا البناء فجر الخميس وأقاموا فيه.
ويدور الحديث عن بناء مُكوّن من ثلاثة طوابق في عقبة درويش بحارة السعدية، قالت المصادر إنه يُفضي إلى محاور طرق لأحياء رئيسية ويطل على الأقصى، وكان يُستخدم عيادة طبية لكن تم إخلاؤها في وقت سابق.


والبناء في الأساس تعود ملكيته لعائلة جودة، لكنها باعته سابقًا للناشط الذي يقيم في الولايات المتحدة فادي السلامين، إلا أن عملية البيع فشلت في خطواتها الأخيرة، فباعت العائلة العقار لاقتصادي فلسطيني يُدعى خالد العطاري، أكدت مصادر مقدسية أنه يشتري عقارات في رام الله والبلدة القديمة.
وتعود القضية إلى خمس سنوات سابقة، عندما أعلنت عائلة جودة أنها ترغب ببيع العقار، فتوجه لها فادي السلامين من أجل شرائه، وبعد الاتفاق على التفاصيل، تعطّلت عملية البيع بسبب عدم دفع السلامين الدفعة الأخيرة من ثمنه، إذ توجهت حينها عائلة جودة للقضاء من أجل إبطال البيع، وتمكنت من ذلك بالفعل.
يقول السلامين إن إبطال البيع تم بتوجيه من السلطة الفلسطينية، بعد أن قررت تجميد حساباته ولم يعد قادرًا على تحويل الدفعة الأخيرة لأصحاب العقار، مضيفًا أن قرار السلطة جاء بسبب كشفه عن فسادٍ داخلها. وادعى السلامين أن السلطة هي من وجّهت عائلة جودة لرفع الدعوى ضده.
وذكرت عائلة جودة أنها بعد إبطال البيع للسلامين، باعته للعطاري بعد أن سألت شخصيات فلسطينية في القدس، وسألت محافظة القدس السابق عن الرجل وتلقّت ضوءًا أخضر لبيعه باعتبار الرجل "من أصحاب السيرة الطيبة" كما قال أديب جودة. لكن السلامين يدّعي أن العطاري مقرب من رئيس المخابرات العامة ماجد فرج، وأنه قام بشراء المنزل بناء على توجيهاته، مضيفًا أنه يحمّل اللواء فرج والرئيس محمود عباس مسؤولية تسريب العقار.
ويمتنع العطاري حتى اللحظة عن الخوض في تفاصيل هذه القضية، كما يمتنع عن توضيح كيفية وصول العقار إلى المستوطنين، رغم أنه مسجلٌ باسمه في الطابو، بعد أن اشتراه مطلع السنة الجاري من عائلة جودة رسميًا.

وتُعدُّ محافظة القدس طرفًا أساسيًا في الخلافات حول هذا العقار قبل تسريبه، كونها أعطت الضوء الأخضر لبيع العقار للعطاري، المتهم بتسريبه الآن، وهي أيضًا متهمة وفق الناشط كمال أبو قويدر بالتقاعس عن متابعة هذه القضية منذ بدايتها في عهد المحافظ السابق عدنان الحسيني.
ونشر أبو قويدر تسجيلاً صوتيًا لمكالمة أجراها مع الحسيني، يسأله فيها عن المعلومات المتناقلة - آنذاك - حول تسريب العقار، إلا أن الحسيني نفى أن يكون العقار قد تم تسريبه، وأكد أنه بيع للعطاري، مشددًا في الوقت ذاته أن العقار وقف ولا يمكن بيعه، ولكن ما تم بيعها هي حق حماية العقار.
وعندما سأل أبو قويدر، الحسيني، عن العطاري وأهدافه من شراء هذه العقارات، أكد الأخير أنه لا شبهات حول الرجل، مشددًا أنه يخضع للرقابة ولا شيء يجري بعيدًا عن عيون المحافظة.
ويؤكد أبو قويدر، أن العطاري، "رجلٌ مشبوه وسمسار" وفق وصفه، وهو يملك مشاريع كبيرة في الأردن، مضيفًا أنه أبلغ جهات عديدة منذ البداية بأنه تورط في تسريب البيت، وقد تم استدعاؤه للتحقيق، لكنه نفى أن يكون قد سرّب العقار للمستوطنين، إلى أن استولى المستوطنون على البناء فجر الخميس.
الحكومة الفلسطينية تعقّب من جهتها، قالت الحكومة الفلسطينية اليوم الخميس، إن استيلاء المستوطنين على بناية تاريخية في محيط المسجد الأقصى، بأنه "عمل وحشي ومفزع"، وتنفذه جموع المستوطنين تحت حماية عناصر جيش وحكومة الاحتلال.
وأكد الناطق باسم الحكومة يوسف المحمود، على أن الاستيلاء على البناية التاريخية القديمة في عقبة درويش داخل البلدة القديمة من القدس العربية المحتلة يترافق مع الهجمة الاحتلالية الاستيطانية المسعورة على حي سلوان الملاصق للمسجد الاقصى المبارك من الجنوب وعلى سائر أحياء مدينة القدس العربية المحتلة.
ووفقًا للحكومة، فان هذه الهجمة التي ينفذها آخر احتلال في التاريخ تذكر أبناء شعبنا وأبناء أمتنا بما اقترفته أيدي الاحتلال خلال عهوده السابقة على مر التاريخ، وقد اندثرت جميعها ولم يظل منها سوى ذكريات سوداء بشعة يخجل منها ابناء البشرية الأحرار.
وطالب المحمود، المنظمات والهيئات والمؤسسات الدولية وخصوصا منظمة اليونسكو بالتدخل لمنع الاحتلال من الاستيلاء على الموروث الحضاري العربي الأصيل في مدينة القدس العربية المحتلة، ووقفه عن العبث بهوية المدينة العربية الاسلامية المشهود لها تاريخيا والمثبّت علميا منذ فجر التاريخ.