رام الله - خاص قدس الإخبارية: ربع قرن مرت على توقيع إتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير والاحتلال الإسرائيلي، شهدت فيها مسارات القضية الفلسطينية تحولات وتطورات كثيرة جعلت الفلسطينيين يرون في هذه الاتفاقية أحد أسوأ الأحداث التي مرت عليها في ظل ما وصلت له الأمور على الساحة الداخلية.
وبرزت خلال السنوات الماضية العديد من الأصوات التي دعت لإعادة النظر بها ووقف التعامل بشكلٍ كلي فيها إضافةً لإلغاء برتوكول باريس التجاري والعمل على تحديد شكل العلاقة مع الاحتلال.
وترى غالبية الفصائل والقوى على الساحة الفلسطينية أن الحل يتمثل في وقف العمل بالاتفاقية وإعادة الوحدة الوطنية بما يخدم مصالح الشعب الفلسطيني ووقف كافة أشكال التنسيق مع الاحتلال وإعادة النظر في الاتفاقية كونه لم يبقى منها سوى اسمها على أرض الواقع.أم الكوارث
في السياق، وصف القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل اتفاقية أوسلو بـ "أم الكوارث" التي أوقعت الشعب الفلسطيني في هذه الأزمات ولم يكن الشعب هو المستفيد. وقال المدلل لـ "قدس الإخبارية" إن المستفيد الوحيد من هذه الاتفاقية هو الاحتلال الإسرائيلي في حين خسرت القضية الفلسطينية كل مقوماتها وقيدت المقاومة في الضفة المحتلة. وأضاف قائلاً: "اتفاقية أوسلو أعطت العدو الشرعية في قضم الأرض وتهويد الأقصى إضافةً إلى الاقتحامات المتكررة والمتصاعدة للأقصى، وشكلت جسرًا للدول العربية لأن تعلن صراحة تطبيعها مع الاحتلال وتهرول باتجاهه"، منوهًا إلى أن التنسيق الأمني كان ثمرةً سيئة للاتفاقية. وشدد القيادي في الجهاد الإسلامي على أن الورقة الوحيدة بيد الفلسطينيين هي المقاومة بكافة أشكالها إلى جانب العمليات النوعية، مطالبًا بتفعيل الانتفاضة في الضفة والقدس المحتلتين وإطلاق يد المقاومة المسلحة كي تقوم بواجبها. وبشأن إمكانية حل السلطة علق بالقول: "هكذا قرار يجب أن يتخذ في إطار التوافق الوطني، وكخطوة أولى يقوم الرئيس بدعوة الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير للإنعقاد ثم النظر في إيجابيات وسلبيات بقاء السلطة، وحلها يجب أن يكون وفق اجماع وطني شامل".لم تكن بلا أخطاء
من جانبه، قال الناطق باسم حركة فتح عاطف أبو سيف لـ "قدس الإخبارية" إن المسيرة الفلسطينية لم تكن بلا أخطاء، إلا أن أوسلو أوجدت مؤسسات وسلطة فلسطينية كنواة للدولة، مضيفاً: "لدينا مؤسسات ترقى لمستوى دولة فلسطينية، والنظرة لأوسلو يجب أن تكون مختلفة". وأشار إلى أن مختلف الفصائل الفلسطينية استفادت من أوسلو بما فيها حركة حماس التي فازت في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي أقيمت عام 2006، معتبرًا أن الاتفاقية نقلت المركز الفلسطيني والقيادة للداخل حتى لا يبقى القرار تحت تأثير الضغوط الخارجية.وتابع قائلاً: "فكرة النظرة إلى أن اتفاقية أوسلو بدونها لم يكن هناك استيطان وتمدد على حساب الشعب الفلسطيني فكرة خاطئة فالرئيس الراحل ياسر عرفات والرئيس محمود عباس لم يكونا يتوقعان أن يكون الاحتلال يومًا صديقًا للفلسطينيين ويتوقف عن ممارسته".
فخ السلطة
من جانبه، أقر القيادي في حركة حماس والنائب عنها في المجلس التشريعي يحيى موسى أن حركته وقعت في نفس الفخ التي وقعت فيها السلطة الفلسطينية حينما فازت بالانتخابات، إلا أنه فرض عليها حصار منذ اللحظة الأولى لفوزها عام 2006. وقال موسى لـ "قدس الإخبارية" : "نحن عالقون بموضوع السلطة، والخروج من حالة السلطة يجب أن يكون عبر سلاح الانتفاضة الشاملة في غزة والضفة المحتلة والأراضي المحتلة عام 1948"، مشيرًا إلى أنه يمكن حل السلطة وتشكيل قيادة فلسطينية ثورية. وشدد على أنه لا توجد حتى اللحظة إرادة متوفرة من أجل التحلل من اتفاقية أوسلو خصوصًا في ظل إصرار الرئيس الفلسطيني وفريقه على الإلتزام بهذه الاتفاقية، مؤكدًا في الوقت ذاته أنه لا أفق لذلك الأمر، على حسب قوله. وتابع قائلاً: "الاحتلال حاول أكثر من مرة بناء سلطات قبل توقيع الاتفاقية ولكن كان يلقى معارضة تحت الاحتلال، وأوسلو لم تكن تمثل انجازًا فالمستفيد الاحتلال، فبدل من أن يقوم هو بدفع كلفة الاحتلال سواء ماليا بالاعاشة أو أمنيا تفكيك القضية الفلسطينية لصالح الاحتلال عبر جسم السلطة".التحلل منها
من جانبه، قال القيادي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة لـ "قدس الإخبارية" إن تجاوز اتفاقية أوسلو يجب أن يتم عبر التحلل من الالتزامات على الأرض.
وأضاف قائلاً: "اتفاقية أوسلو لم تجلب إلا الكوارث، لذلك مطلوب تجاوزه وتنفيذ قرارات الاجماع الوطني وسحب الاعتراف بالاحتلال وتنفيذ قرارات المجلس الوطني والمركزي واعتبار اتفاق أوسلو لاغية ووقف التنسيق الأمني والتوجه نحو استراتجية وطنية شاملة وتوسيع مساحة المقاومة بكافة أشكالها".