شبكة قدس الإخبارية

تفاصيل جديدة: كيف مات "الزعبور"؟

مريم شواهنة

نابلس المحتلة- خاص قُدس الإخبارية: الثالث من آب 2016، كان نقطة التحول في حياة أحمد ناجي أبو حمادة، الملقب بـ"الزعبور"، من كونه مطارداً من قبل الاحتلال الإسرائيلي إلى مطارد من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية؛ إذ ترجع خيوط القصة إلى ما حدث في مخيم "عسكر" بنابلس، في ذلك التاريخ من عراك بين الزعبور ويحيى السلمان الذي اعتدى على شقيق الزعبور "المختل عقليًا"، قُتل خلاله "السلمان" إثر إصابته بالخطأ نتيجة دفاع الزعبور عن نفسه، حسب ما ورد بالملفات القانونية وملفات المحكمة ولجنة التحقيق بالحادث.

ولوقف نزيف الدم، كان من المفترض أن يتم صلحٌ عشائري، تقدم فيها عائلة أبو حمادة 30 ألف دينار لعائلة المغدور يحيى السلمان، يقول النائب عن حركة فتح في مخيم بلاطة، جمال الطيراوي، "الزعبور قتل السلمان دفاعاً عن النفس، وكان هناك عطوة عشائرية، وكنت أحد الشاهدين عليها، وكان هناك توجه لإحداث الصلح، ولكن هناك جهات رسمية من محافظة نابلس تدخلت وضغطت ودفعت مبالغ مالية لعائلة المغدور لثنيهم عن المضي بالصلح".

كما قالت نسرين أبو حمادة، شقيقة الزعبور، إن "الذي أوقف صلحة أحمد مع عائلة السلمان ودفع إغراءات لهم لمنعهم من إكمال الصلح، همّا قائد قوات الأمن الوطني اللواء نضال أبو دخان ومحافظ محافظة نابلس اللواء أكرم الرجوب ولن نسامحهم بدماء أخينا"، بحسب قولها.

لاحقًا، اُتهم "الزعبور أبو حمادة" بإطلاق النار على قوى الأمن خلال مطاردته، وبتاريخ 13 آذار 2017، توفي الملازم في الأمن الوطني، حسن أبو الحاج، برصاص أثناء عملية للقبض على الزعبور، وأصيب الزعبور نتيجة ردّ القوات على إطلاق النار، أجريت له بعدها عدة عمليات جراحية وتماثل للشفاء التام كما تقول عائلته، ثم نقل للسجن، وبقي يحاكم الزعبور على هذه القضية حتى وفاته 12 آب 2018.

يقول الطيراوي إن الزعبور لم يعترف للجنة التحقيق بإطلاقه النار على الملازم أبو الحاج، كما أن شاهد العيان الوحيد على الحادثة نفى قيام الزعبور بإطلاق النار، ويضيف: "قضية العسكري المتهم فيها أحمد لم يحسم فيها القضاء قولاً ولا قراراً، القضية ما زالت أمام المحكمة، فلا يجوز محاكمة إنسان بسيط بهذه التهم خارج إطار القانون ولا تصح تسميته بالمجرم أو القاتل، الزعبور شاب عمره 28 عاماً، قضى خمس سنوات في سجون الاحتلال، واعتقل لدى السلطة أكثر من مرة، له ثلاثة إخوة أكبر منه ومعاقين عقلياً، ولديه ثلاث فتيات أطفال أكبرهن تبلغ السادسة من العمر، هو وحيد أسرته باختصار، وقصّته إنسانية أكثر مما يُتوقع".

كيف مات؟!

الرواية حول سبب وفاة الزعبور كانت غير واضحة، فصدر تصريح عن محافط محافظة نابلس يقول إن سبب الوفاة "نوبة قلبية"، وتصريح آخر ذكر أن سبب الوفاة كان نتاج إصابة الزعبور القديمة؛ أما العائلة فكانت قد نفت الروايتين، مؤكدة أن الزعبور تم اغتياله بتسميمه.

"أجاني تلفون الساعة 3 الصبح، مش من إدارة السجن ولا من الشرطة اللي كان موقوف عندهم"، تروي زوجته "سماح مرشود" كيفية إخبارهم بوفاته قائلة "الاتصال كان من شخص بيشتغل بمشفى أريحا، أنا ممرضة وبعرف ناس بالمشفى، لما وصلنا أريحا لاقيناه بس عجهاز بيتنفس، ومعه تشنجات من الصدمات اللي أعطوه إياها، لأنه قلبه وقف أربع مرات، أجرينا اتصالات كثيرة حتى وافقوا على نقله للمشفى الاستشاري، الدكتور اللي عمله عملية قسطرة نفى إنه عنده شرايين مسكرة أو اشي ممكن يخليه ينصاب بجلطة، وهو ما بيعاني من أية أمراض ولا بياخد أي نوع من الدواء"، تروي زوجته.

بالعودة إلى شقيقته نسرين، تقول "الخميس الذي سبق يوم الأحد، هاتفنا أحمد وكان بصحة جيدة، في الليل تحمم وشارب كولا ومي، وبعدها تعب، الشباب اللي بالغرفة معه صاروا يطبلوا عالباب وينادوا عالشرطة، أجى الدكتور عمله صدمات، بعدها أسعفوه لأريحا، وبيتفرجوا عليه وهو قلبه واقف 4 مرات".

وتضيف، "طلبنا نقله للاستشاري، ما سمحولنا نشوفه ولا نمسك إيده، بس أنا فتت، دخلني شرطي من الحراسة، ولما عرفوا اني دخلت طردوا الشرطي اللي سمحلي من الحراسة".

وتستنكر العائلة ما جاء في تصريح المحافظ، أن الزعبور توفي نتاج إصابته القديمة وتؤكد أن ابنها تماثل للشفاء منذ زمن، ولا يعاني إثر إصابته، حيث اعتبرت شقيقته "أن كل التقارير الصادرة كاذبة، قائلة "لما يموت أحمد ويتكتموا الدكاترة عالسبب ويطلع دكتور يقلنا إنه سبب وفاة أحمد لسا بدها أبحاث!، بس شو بيطلع بإيدنا نعمل لما يكون الحكم والجلاد شخص واحد، أي حد بنواجهه من الجهات الرسمية بيقول مات بنوبة قلبية، واشي بيقلنا بسبب إصابته الأولى، أحمد ما كان فيه اشي، كنا نزوره كل ثلاثاء، ونحكي معه مكالمات وما كان يشكي من اشي، وبس بنوكل الأمر لربنا هو ياخد حق أخوي منهم".

ووفقًا للطيراوي، "كانت جنازة الزعبور من أكبر الجنازات التي شهدها المخيم على مدار تاريخه بحيث تجاوز الحضور 40 ألف مُشيّعٍ، وهذا الاجماع الوطني على شخص، يُفهم منه أن هذا الشخص على حق"، متابعًا "ظروف وفاة الزعبور بالصادمة جداً لعموم أبناء مخيم بلاطة، ولمحافظة نابلس جميعها".

وينفي أن يكون سبب وفاة الزعبور كانت بجلطةٍ قلبية، مضيفًا "التقرير الحاسم في القضية لم يصدر حتى الآن، ويجب ألا يغيب عن بالنا وقوع خلل إداري في قضية الزعبور، ولو أن ما صدر على لسان محافظ محافظة نابلس هو الصحيح، مع أن هذا شيء سابق لأوانه".

وتساءل، "هل من الممكن أن يصاب شخص بجلطة يخرج من غرفته في السجن بعد 15 دقيقة، ثم 25 دقيقة حتى يصل مشفى أريحا؟!"، مضيفًا "هذا يعكس خطأ إداري قاتل في التعامل مع الحياة المرضية للمعتقلين يجب أن تتحمله الأجهزة الأمنية إذا كان الكلام صحيحاً، والتعامل مع المعتقلين يجب أن يكون القضاء فيه هو الفيصل"، وفقًا لقوله.

وفي مطلع إجابة النائب الطيراوي عن سؤال "من هو المسؤول عن أحداث بلاطة؟"، قال: "من يتحمل مسؤولية ما جرى في بلاطة أو البلدة القديمة منذ أربع سنوات إلى الآن هو من قال "سأنتزع القلوب" في أول كلمة له، فزرع ثقافة الدم والقتل بين الأخوة وأبناء الشعب"، مضيفًا "هو ذاته المسؤول عن مقتل الزعبور وحلاوة وغيرهم ممن سفكت دماؤهم خلال هذه الفترة".

وحاولت "شبكة قدس الإخبارية"، الحديث مع محافظ نابلس والأجهزة الأمنية على مدار أسابيع دون أن تتلقى ردًا بالخصوص.