غزة - خاص قدس الإخبارية: برفقة كراسيهم المتحركة، مرتدين بزتهم البيضاء الخاصة بالتدريب، قفزوا فوق الحواجز، رافعين شعار التحدي، جمعهم ملعب واحد أبطاله من ذوي الإعاقة الحركيّة، ليكونوا أول فريق يمارس رياضة الكاراتيه ضمن هذه الفئة في قطاع غزة على مستوى فلسطين والوطن العربي.
ولم يمضِ على وجود الفريق حديث النشأة سوى أسبوعين فقط، حتى بدا اللاعبين بكامل مهاراتهم، منصاعين لإشارات مدربهم الذي يعلمهم حركات الكاراتيه المتنوعة في نادي السلام الوحيد الذي تبّناهم في القطاع.
وتستغرق عملية تدريبهم ثلاثة أيّام في الأسبوع لمدة أربعة ساعات متتالية في اليوم الواحد، اجتازوا بعزيمتهم الفولاذيّة مراحل مهمة في فترة وجيزة بالكاد يقدر على الخوض فيها من هم خالين من أي إعاقة.
وتباينت إصابات أعضاء الفريق بين ما هي بتر بسبب الحروب التي تكررت على القطاع من قبل الاحتلال الاسرائيلي، وآخرون تسبب العامل الوراثي فيها، لكنهم قرروا التمرد على واقعهم في اندماجهم للكاراتيه مثبتين أنّ الإعاقة ليست جسد وإنما عقل.
اللاعب محمد طوطح الذي بترت قدمه في حرب 2014 عندما قصف الاحتلال الاسرائيلي منزله الكائن بحيّ الشجاعيّة، عكس المعادلة القائلة بأنه ليس من السهل على من يتعرض للإصابة الاندماج بالمجتمع دون أن يتعرض لبعض المعضلات في حياته.
طوطح تحدث لـ "قدس الإخبارية" قائلا: "كنت بالبداية لاعب كرة سلة قبل تعرضي للإصابة، كثيرا ما حلمت الاستمرار في هذه الرياضة، لكن الاحتلال قضى على حلمي، رغم ذلك لم أستسلم، ونهضت مرة أخرى وشاركت في فريق الكاراتيه".
وأضاف: "هنالك الكثيرون يعتقدون بأنّ الاعاقة تقف عائقًا أمام تحقيق أهدافنا، ولكن نحن قررنا اثبات خلاف ذلك، وخوض غمار الكاراتيه متسلحين بقوتنا البدينة والعقلية دون الحاجة لأقدام نقف علينا".
وأظهر الفريق أن ممارسة الرياضة خاصة القتالية منها ليست حكرًا على فئة دون الأخرى، رغم ما يواجههم من عقبات في طريقٍ ليس بالوردي خاصة أنهم يعيشون في قطاع غزة المحاصر للعام الثاني عشر على التوالي.
في الاتجاه الآخر، تنهمك اللاعبة عبير الهروكلي من أجل إتقان حركة جديدة تعلمتها في الكاراتيه بعدما قررت الخروج من ظلمات نظرة المجتمع النمطيّة التي قد تحد من مشاركة الفتيات في مثل هذه اللعبة الى النور، وقد ساعدها بذلك تشجيع عائلتها لها.
وتوضح الهوركلي لـ "قدس الإخبارية" قائلة: "جاءتني فكرة الانتماء لفريق كارتيه في البداية لأني أشاهد باستمرار أشقائي يمارسونها فقلت ما المانع في أن أكون مثلهم أمارس هواياتي".
فلم يمنع عبير كونها ذوي إعاقة وفتاة من عرض الفكرة على نادي السلام وهي أحد أعضاؤه فوافقوا بالفور وكانت هي بذرة نجاحها الأولى، رغم أنها خريجة صحافة واعلام، لكن هوايتها المفضلة هي الرياضة.
وأضافت اللاعبة أنّ رياضة الكاراتيه أعطتها فرصة للدفاع أكثر عن نفسها، كما أنها عززت ثقتها بنفسها دون الحاجة لمساعدة الآخرين لها.
ويستعد الفريق للمشاركة في بطولة نادي ذوي الاعاقة الحركية على مستوى الوطن العربي الذي سيقام في العاصمة المصرية القاهرة بعد شهر، فقدموا خطوات مهمة بشكل ايجابي رغم العقبات التي تواجههم وتنحصر في قلة الإمكانيات، وعدم وجود داعمين لهم لتمويل شراء الأجهزة الخاصة بهم، كذلك الزي الرياضي، البساط الأخضر الذي يحتاجه الفريق ليتمكنوا اتحرك دون صعوبة.
وبحسب إحصائية للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة البالغين أكثر من 18عاماً يصل لنحو 27 ألفا، منهم 17 ألفا يعانون من إعاقة حركية، كما بلغ عدد جرحى مسيرة العودة التي انطلقت في الثلاثين من آذار / مارس للعام 2018 أكثر من 13 ألف إصابة غالبيتهم في الأطراف السفلية ما ساهم في ازدياد حالات البتر والتسبب بإعاقات دائمة للجرحى.
أما مؤسس ومدرب الفريق حسن الراعي بيّن أنّ ما دفعه لتكوين فريق كاراتيه من ذوى الاعاقة الحركية هو النجاح الباهر الذي حققه قبل ذلك فريق كاراتيه للمكفوفين في قطاع غزة، مدركًا أن باستطاعة ذوى الاعاقة الحركيّة أيضًا تحقيق تطورًا باهرًا خاصة أنّ معظم المنتمين للفريق هم بالأساس لاعبي كرة سلة، لديهم عزيمة قوية شجعته على تكوين الفريق.
وعبّر الراعي عن سعادته في تكوين الفريق في الوقت الذي كان اللاعبين نفسهم يعانون من تهميش، قائلاً: "إنّ الهدف من تكوين الفريق ليس فقط اثبات وجود اللاعبين، بل أيضًا إيصال رسالة للعالم بأن رغم ما يعانيه قطاع غزة من حصار، دمار، قتل، إلا أنه قادر على تخريج فئات جديرة بالحياة وتحقق الفوز في كافة المجالات التي تتاح أمامها".
وأشار لـ "قدس الإخبارية" إلى أن ممارسة هواية الكاراتيه ليست بالبسيطة قهى تحتاج لبنيّة جسدية قوية وشجاعة، كذلك إتقان الحركات بشكل سليم دون أي خطأ حتى لا تسبب أي ضرر للاعبها، ويحقق من خلالها اللاعب هدفه أمام خصمه.