غزة - خاص قدس الإخبارية: داخل أسوار نادي بيت لاهيا الرياضي شمال قطاع غزة، تقف اللاعبة فاطمة شديق (13 عامًا) على حافة حوض السباحة، مرتدية زيها الرياضي ونظارتها، قبل أن تقفز فور انطلاق الصفارة إلى عمق الحوض.
فاطمة وجدت في رياضة السباحة طوق نجاه لها يساعدها في التخلص من الآثار النفسيّة التي تركتها بداخلها ثلاثة حروب عاشتها في قطاع غزة، تقول فاطمة لـ قدس الإخبارية، "منذ طفولتي اعتدت الذهاب مع والدي للبحر.. كنت أشعر بالخوف من المياه، وعندما كانت تعلو كان أبي يقذفني للأعلى ثم يرميني بالبحر مرة أخرى فأصرخ وهو يضحك".
بدأت فاطمة مجابهة المياه بسبب تشجيع والدها الذي ترعرعت بين يديه على ممارسة هواية السباحة الأكثر شغفًا بالنسبة لهما؛ قبل أن تفقد والدها في الحرب الأخيرة على القطاع عام 2014، بسبب القصف على منزلها الذي تحول الى ركام ودمر جميع أحلامها التي كانت تسبح في خيالها برفقة والدها.
ورغم تلك الظروف الصعبة والعراقيل، لم تستلم فاطمة وأصرت على استكمال مشوار الحلم الذي رسمته برفقة والدها الشهيد، "أعلم مدى التحدي الذي أعيشه على مستوى نفسي والعالم؛ لأني أريد أن أحقق طموح والدي بالوصول للعالمية، وأبرهن للاحتلال الذي قتل والدي أن أطفال غزة لهم طموحات سيحققونها مهما حاولت آلياته القاتلة تدميرها"، لتصبح اليوم فاطمة ليس مجرد سباحة فقط، بل تبدع بحركات متنوعة تحت المياه تتمثل في كحركة النجمة والصارخ والدولفين.
الرياضيون في غزة يشكون من عدم وجود مقتنيات اللّعب والافتقار لوجود مساحات واسعة من المسابح، تتيح لهم فرصة التدريب بشكل أكثر وأعمق مجهزة بشكل سليم ملائم للاعبين، وهو ما تسبب به الحصار الذي يفرضه الاحتلال منذ 12 عاماً، تعلق فاطمة، "لا يوجد لدى غير زي واحد بصعوبة استطاع النادي توفيره لي بعد عام من التدريب، في البداية كنت أذهب بلبس ليس مناسب للعلب فكنت أجد صعوبة في السباحة فيه لأنه غير مجهز للمياه، وأحتاج كل فترة والأخرة لزى بديل آخر، لأنّ وطولي ووزني يزداد".
تحاول فاطمة تطوير أدائها في السباحة لمسافات أكثر في الماء، فتستعين بالذهاب إلى البحر الذي تعتبره منفذها الوحيد بعد المسابح، لكن ارتفاع نسبة التلوث فيه إلى 75% حسبما أوردته سلطة جودة البيئة، يبقى تدريبها مقتصر على أحواض السباحة ذات التجهيزات المتواضعة.
ورغم كل الصعوبات، فقط انتزعت فاطمة الفوز ثلاث مرات متتالية، بعدما اجتازت مسافة 50 متراً في مسابقة الرياضة الحرة التي أقيمت على مستوى قطاع غزة، كما حققت المرتبة الأولى بين خمسين لاعباً ولاعبة في فريقها، ما سيؤهلها للمشاركة في أولومبيات طوكيو التي ستقام عام 2020 .
وتبين فاطمة أنها تتشوق للخروج من غزة للمشاركة في الأولومبيّات العالمية لتمثيل اسم بلدها فلسطين، رغم احتدام العراقيل أمامها لكنها إصرارها يصنع الأمل في طريقها، وتعمل على تكثيف تدريبتها للتأهل لإحراز نجاح باهر.
من جانبه، أكد نائب رئيس الاتحاد الفلسطيني للسباحة والرياضة المائية، محمود شمعة، لـ قدس الإخبارية، على أنّ هناك ظهور على مستوى مشاركة الفتيات في رياضة السباحة، رغم أنها بالماضي كانت محدودة وعلى مستوى ضيّق، إلا أن الأهالي اليوم باتوا يشجعوا الفتيات على ممارسة السباحة.
وأضاف أنّ هناك انتشار ملحوظ لعدد من الأندية الخاصة في السباحة بقطاع غزة ووصل عددها 11 نادياً، وكل نادي يضم قرابة أكثر من 100 لاعبة ولاعبة، مبينًا أنّ جهود فردية فقط تبذل لتطوير الرياضة في غزة خاصة السباحة، ويتم التركيز على وجودها لأنّ لها تأثير ايجابي للتخلص من الآثار السلبية الناجمة عن الحروب المتكررة على غزة.