رام الله - خاص قدس الإخبارية: ترفع هيام العزة عاليا صورة نجلها على دوار الساعة وسط رام الله، وقد كُتب على صورته اسمه أحمد صلاح، متبعاً حكمه بالسجن 21 مؤبداً و50 عاماً، لم يقض منها حتى الآن إلا 15 عاماً، إلا أن لوالدة تأكد مجددً على أن ابنها لن يقضي الحكم كاملاً وسيتحرر وقد انتزع حريته قريباً.
هيام التي يحرمها الاحتلال من زيارة ابنها الأسير منذ خمس سنوات، حضرت من مدينة بيت لحم إلى مدينة رام الله لتشارك في المسيرة الأولى للحملة الوطنية لرفض القرصنة وسرقة أموال ومخصصات الأسرى وأهالي الشهداء والجرحى من العائدات الضريبية، تقول لـ قدس الإخبارية، "هو ابني الوحيد، والده توفى منذ سنوات، ومذ ذاك الحين لا معيل لنا إلا راتب أحمد"، مؤكدة على أنها ستبقى تدافع عن حق ابنها الذي لن تسمح لأحد بمسه.
صور أسرى محكومين بالسجن المؤبد تعلو فوق الرؤوس خلال إطلاق الحملة الوطنية لرفض القرصنة وسرقة أموال ومخصصات الأسرى وأهالي الشهداء والجرحى من العائدات الضريبية، التي انطلقت بعد قرار الاحتلال خصم تلك المخصصات والرواتب من العائدات الضريبة للسلطة الفلسطينية كوسيلة للضغط عليها لتتوقف عن منح جزء منها لعائلات الأسرى والشهداء والأسرى، فيما يرى مراقبون أن هذا الإجراء هو جزء من "صفقة القرن" والمساعي لتصفية القضية الفلسطينية.
وصادقت اللجنة الوزارية للتشريع في كيان الاحتلال على مشروع القانون الذي قدمه وزير الجيش أفيغدور ليبرمان، والقاضي بخصم مبالغ من عائدات الضرائب للسلطة بهدف إجبارها على وقف دفع رواتب الأسرى، وعلق ليبرمان حينها، قائلاً، "قريبا ستنتهي المسرحية العبثية وستتحول الأموال وندفع تعوضيات لعائلات القتلى الاسرائيليين".
الأمهات رفع صور ابنائهن عالياً وتقترب أمام كاميرات الإعلام لعلها تلتقطها وتنقل لأبنائهن الأسرى هذه الصور، وقد أكدن على أنهن لن يتنازلن عن حقوق ابنائهن وكما يسعين منذ سنوات، سيواصلن ذلك رغم خوفهن الذي بات يعايشنه يوميا أن يحرم ابنائهن من هذه المستحقات.
تقول هيام، "وسط كل هذه الأخبار التي تصلنا، نحن نتخوف من قطع راتب أحمد، كما بات ذلك يشكل ضغطاً نفسياً على أحمد الذي لن يفكر بعد اليوم إلا بي وبشقيقته.. ورغم ذلك سنواصل الدفاع عن حق ابنائنا ولن نسكت".
مجدداً يعلو هتاف،"لأكتب ع زناد الكتسار .. لأسرانا الانتصار"، وقد ورث هؤلاء الأسرى المعتقلين في سجون الاحتلال لعائلاتهم ذاك النور الذي يستطع بالمقاومة، فالحق لا يُهدى وإنما ينتزع انتزاعا، تقول والدة الأسير فؤاد القاق من القدس والذي يخضع للتحقيق منذ 45 يوماً، "كلنا فداء الوطن وفداء الأقصى.. أنا أفتخر بابني الذي ضحى بحريته فداء للمسجد الأقصى وسأبقى أرفع صورته عالياً في كل مكان".
وتضيف لـ قدس الإخبارية، "في ظل تضحيات الأسرى وما قدموه للوطن، وما يعايشونه الآن من ظروف صعبة في سجون الاحتلال.. يدفعنا لنخرج جميعاً ونطالب بحقوق أولادنا الأسرى، ونرفض مساعي الاحتلال لحرمانهم من مخصصاتهم ورواتبهم"
من جانبها، ترفض والدة الأسير محمد أبو طه المحكوم بالسجن المؤبد و15 عاما، المطالبة فقط بتحسين ظروف الأسرى وانتزاع مخصصاتهم المالية، "أولادنا لن يبقوا داخل السجن، نريد إغلاق السجن وتحرير كل أبنائنا"، وتتابع في حديثها لـ قدس الإخبارية، "أولادنا بخير، معنوياتهم عالية وايمانهم في ربنا كبير، هم الذين ضحوا بحياتهم لأجلنا ولأجل الوطن... يجب أن نتحرك لأجلهم الآن ونقف بجانبهم".
القرار لن يقتصر على مستحقات الأسرى في سجون فقط بل ستمتد أيضاً لمستحقات الأسرى المحررين، وعائلات الشهداء والجرحى، وهما ما دفع نجية الزواهرة والدة الشهيد معتز زواهرة والأسير المحرر غسان زواهرة والجرحين حمدان ومحمد زواهرة، لتحضر من مخيم الدهيشة إلى رام الله لترفع صوتها مطالبة بحقوق أبنائها.
نجية الني استقبلت ابنها الأسير غسان قبل أيام قليلة بعد 12 عاما من غيابه عنها في سجون الاحتلال، تقول لـ قدس الإخبارية، "لدينا تخوفات كبيرة من قطع راتب الأسرى المحررين، وخاصة أن ابني تحرر قبل أيام قليلة فقط وبحاجة للكثير من الوقت حتى يستطيع الوقوف على قدميه، إضافة أنه متزوج ولديه أطفال"، مشيرة إلى أن نجلها يعاني من أمراضاً ومشاكل صحية عدة جراء خوضه الإضراب المفتوح عن الطعام وسيبدأ بتلقي العلاج قريباً بالاعتماد على المستحقات التي يتلقاها.
وأضافت، "نطالب السلطة الفلسطينية والمسؤولين فيها ألا تقطع رواتب الأسرى والشهداء الذين خلفهم عائلات تعتمد على هذه الرواتب والمستحقات".
من جانبه، يؤكد مدير نادي الأسير قدروة فارس لـ قدس الإخبارية، على أن الحملة تنطلق اليوم بجهود شعبية في كل المدن والمحافظات الفلسطينية، إضافة أن الحملة تتضمن أيضاً بذل جهود على المستوى الدولي مع المؤسسات الأهلية والحقوقية، "يقع أيضا في هذه الحملة جهود سياسية ودبلوماسية وقانونية تبذله منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية .. هذه الجهود مجتمعة يجب أن تستمر كلها حتى يتراجع الاحتلال عن هذا القرار".
وعن مدى خضوع الاحتلال للضعوطات التي ستمارسه الحملة، تابع فارس، "الحراك الشعبي الفلسطيني مهم جداً والذي مهمته أن يربك حسابات المؤسسات الأمنية الإسرائيلية، سيدفع الاحتلال لإعادة نظره في هذا القانون"، مبيناً أن الاحتلال سبق أن قام بإجراءات قطع المستحقات والرواتب ولكن كانت نابعة عن قرارات تتخذها حكومة الاحتلال وتعيد النظر فيه، وإنما هذه المرة هو قانون ستتبعه.
وتابع قدروة، "هذه الأموال ليست مخصصة بأسماء أسرى وشهداء، هذه أموال العائدات الضريبية باسم وحق لكل الشعب الفلسطيني.. فإذا سرق الاحتلال منها شيء فالعبء سيوزع على الكل الفلسطيني ولن يقع على عائلات الأسرى والشهداء فقط".