شبكة قدس الإخبارية

اذا كنت مولعاً في السباق فرّبي خيولاً لا أطفالاً

محمد خميس
قراءة في فيلم "نجوم على الارض " معرفة المشكلة نصف الحل ايشان ضحكة البراءة وموسيقى الطفولة، طفولة الشغب والحركة الزائدة، يحب الألوان والرسم، يملك الوقت الكثير لكي يتأمل حوله وينمي خياله، ثمانية أعوام كانت كفيلة لتحكم عليه عند أهله ومدرسيه بالفشل ويلقب بملك الاغبياء. يعود ذلك إلى ان الأب لا يستطيع قراءة ما كتب على كرتونة الألعاب والسبب أنه لم يتعلم اللغة الصينية حتى يستطيع القراءة. (هيا ركز / موقفك خاطئ / لقد اخطأت التصرف) يقول له "نيكومب" وهو يحاول افهام عائلة ايشان بموقف ايشان. " الدسلكسيا" اللغز الذي أخذ وقتاً لكي يفهم لدى المنظومة المتكفلة به (الاهل والمدرسة)، هي اختلاف في تركيبة المخ في الجزء المتعلق بتحليل اللغة وتأثيرها السلبي على المهارات المطلوبة في القراءة والكتابة وعلى التحصيل الدراسي. فالادراك البصري وكيفية انتقال المعلومة من العين الى الدماغ لا علاقة بينه وبين مستوى الذكاء، والذي يحدث كما في حالة ايشان أنه يُعنّف ويُوّبخ ويُهان ويُضرب بالعصا فيمتد أثر "الدسلكيا" إلى النواحي النفسية والمهنية وأنشطة الحياة اليومية، فتدفعه نحو الانطواء والعزلة والاحباط وكره الدراسة والمدرسة والمدرسين. المُخلص والمُخَلص إيماناً بدوره الرسالي والتربوي والإنساني تواصل المعلم مع والديّ الطفل إيشان فزارهما في المنزل وقام بدور التوعية الأسرية، وأخذ نيكومب بمعالجة أيشان بطريقة غير مباشرة، وعرف التلاميذ في الصف على عدد من المبدعين الذين كانوا يعانون من صعوبة القراءة والكتابة أمثال «اينشتاين، أديسون، دافنتشي.. وغيرهم» ثم وبشكل مباشر يتحدث مع أيشان عن هذه المشكلة، ويمضي معه بخطة جديدة في أسالبب تدريس متنوعة، وقد لعبت الأغاني والموسيقى دوراً مكملاً في بناء الحكاية السينمائية عبر مشهدية متكاملة دعمتها بعض الرقصات المشتركة والمعبرة التي وضعتنا مباشرة أمام سؤال كبير عن ذلك الأسلوب القديم والبائس في التلقين التعليمي. "أين احتفظ برسومات الطلبة؟" يقول نيكومب،  يرد عليه الاستاذ: أرجعهم للطلاب. ما الفائدة منهم على كل حال. غرفة المعلمين تحاول عجين الاستاذ نيكومب المجدد بقالب الخبز المشابه لكل الاساتذة، تحاول شدّه للرجوع الى السرب وعدم الخروج عن المألوف، الانسان بطبيعته يبحث عن التقدير والاهتمام ، وايشان عندما وجد المتلازمتين هاتين أفلح، ليس شعار المدرسة المستخدم بالفيلم والذي هو عبارة عن اعمدة النجاح كما يقول احدهم من غرفة المعلمين "الترتيب / الانضباط / الكفاح" ليس هذا الشعار شعاراً وهمياً، مدارسنا تتعامل مع طلابنا كآلات قيد التأهيل لسباق تنافسي لا رحمة فيه هناك في الخارج حيث المشرحة، لا يخجل نيكومب من أن يقول للاستاذ بعد قوله هذا "يحيا هتلر". الاعراض مجرورة بالعلة التعامل مع الحدث دون التعامل مع أسباب الحدث هو السبب الكامن خلف ردة الفعل التي لم يتوقعها أهل ايشان، فقد ظنوا أنهم بإبعادهم لابنهم الى مدرسة خارج البلدة تستخدم اساليب ترويض أفتك من الاساليب الناعمة داخل البلدة، سيحظون بايشان متفوق. خيّب ايشان ظنهم فتراجع تحصيله الدراسي أكثر، واشتدت غربته الداخلية، ففي الدقيقة السادسة بعد مضي ساعة على الفيلم يظهر لنا ايشان يركض في ساحة الملعب يريد أن يفرغ الغضب بداخله ويفجر ما لم يعد يطيق كبته وكتمه. ولّدَ العجز في هذه المنظومة التي وضع فيها رغماً عن إرادته ودون اختياره عدم ثقة بالنفس. ولدحض اتهامات الاخرين له بالفشل أراد أن يثبت نفسه، وكطفل وجد بالتمرد وسيلة لذيذة ليغطي عجزه ويثبت ذاته. كان يهتم بالرسم، ولكنه لن يجني من ذلك ربحاً ولن يستطيع ان يقف على قدميه من وراء ذلك بحسب والده، الجميع يريدون تربية أوائل ومتفوقين واصحاب مكانة اجتماعية مرموقة ( طب هندسة ) أي شي اقل من ذلك غير مقبول، سوف نجبر أطفالنا على تحمل اعباء طموحاتنا ، فيقمع تمرده وينفى من بين اقرانه واهله الى حيث ابعد، وفجأة حتى موهبته يتوقف عنها. نادي زدني يعرض ويناقش الفيلم في بيت لحم أثناء عرض الفيلم من نادي زدنيولأن لكل اطفالنا احلام فريدة ومميزة، ولأننا نريد تربية نجوم على الأرض، دفعني ذلك إلى التمني على أصحاب الشأن أن يعملوا على عرضه، وقد كان نادي زدني الثقافي سباقا في عرضه وبالتعاون مع كلية التربية في جامعة بيت لحم، أول أمس 7-3  ثمانون مناقشا معظمهم من تخصص التربية الذين سيحتكون عن قرب في المستقبل القريب بـ ( الطلاب ) من مختلف الاعمار. "مها أكرم " احدى المشاركات التي خرجت مستمتعة تقول " لكل منّا جانبه .. فلو أننا تعلمنا العلم للعلم لا للمال و الوظيفة ، لرأينا التكامل الحقيقي بين كل مهنة و أخرى " واتبعت بوصف جوهري " السمكة قادرة على السباحة ، لكنك قد تصنفها ضمن الأغبياء إذا ما طلبت منها تسلق شجرة".   قال ايشان لاستاذه شكرا ولكن قالها بدموعه، فهل شاهدتم من يقول شكراً لأستاذه من قلبه وليس من لسانه ودون دموع. تمثيل: أمير خان : الأستاذ نيكومب دارشيل سفاري : ايشان أواستي إخراج : أمير خان تأليف : أمول جو بت مدة الفيلم : 165 دقيقة عام الانتاج : 2008 / 2007