دولة الاحتلال تنظر للعلم أداة حادة في إدارة الصراع قبل أن ترى فيه عاملاً مهماً في مجال التقدم العلمي والمعرفي.
لذلك جزء من حربها مع المقاومة تعتمد على اغتيال العلماء وقتل العقول، وقد مارست هذا اللون من الإجرام مطلع السبعينات عندما شكلت جهازاً خاصاً باسم المجموعة X في ظل حكم رئيسة الوزراء "چولدا مائير" لمواجهة منظمة أيلول الأسود، وأُلحقت الوحدة بوحدة أخرى تابعة للموساد والتي يُطلق عليها في هذه الأيام (كيدون) وأخرى للاستخبارات العسكرية أمان من أجل إحكام عملية التحري وجمع المعلومات عن العلماء ثم تنفيذ عملية الاغتيال، وقد نُفذت مئات عمليات الاغتيال بهذه الطريقة ووفق هذه السياسة الإجرامية الممنهجة.
لكن ما هي أهم الدوافع التي دفعت دولة الاحتلال لاختيار المكان والزمان لاغتيال الشهيد الدكتور فادي البطش حسب تلميحات العدو ومراسليه العسكريين والاستخباريين؟.
أولا: الدكتور البطش عالم متميز في علمه يشكل خطراً كامناً على دولة الاحتلال ضمن الهواجس الأمنية التي تعشعش في العقل اليهودي الصهيوني. ثانيا: محاولة التأثير على الحراك من خلال تنفيذ عملية الاغتيال لهز الحالة المعنوية لدى المشاركين وتيئيسهم من المشاركة فيه.
ثالثا: اختيار ماليزيا نظراً لعدد الطلاب الفلسطينيين الذين يدرسون في ماليزيا خاصة من الضفة الغربية ويخشى العدو أن يتم استغلالهم وتنظيمهم وتدريبهم على النشاطات العسكرية.
رابعا: محاولة العدو إحكام دائرة التضييق على المقاومة من خلال اعتراض عمليات الإمداد المعرفي والتسلحي في مجال السلاح النوعي والعلم العسكري.
خامسا: التأثير على قدرة المقاومة الجوية بما يوازي التصدي للأنفاق التحت أرضية.
سادسا: إعادة ترميم نظرية الردع التي تأثرت في الآونة الأخيرة بشكل كبير.
العدو الصهيوني سيستمر في عمليات الاغتيال ما لم تجعل المقاومة ثمن اغتيالاته المدفوعة أكبر وأعلى بكثير من مكاسبها، خاصة أن دولة الاحتلال عندما تتخذ قرار اغتيال في بلد ما تأخذ بعين الاعتبار الاستعداد للثمن السياسي الذي ستدفعه مقابل تنفيذ عمليتها، فما لم يتم ردعها بالمثل وما لم تشرب من نفس الكأس الذي تسقي الآخرين منه ستستمر في الاغتيالات.