شبكة قدس الإخبارية

5 سنوات على رحيل فرحات "أم الشهداء وحاضنة المطاردين"

هيئة التحرير

غزّة- قُدس الإخبارية: يصادف اليوم 17 آذار، الذكرى الخامسة لرحيل "خنساء فلسطين" مريم فرحات النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني عن كتلة التغيير والإصلاح، التي سميت بـ"بأم الرجال وأم الشهداء وأم الفقراء، وحاضنة المطاردين".

مريم محمد يوسف محيسن والشهيرة بخنساء فلسطين أو أم نضال فرحات (1949–2013)، داعية إسلامية، ومربية، ومقاومة، وسياسية فلسطينية، ونائبة في المجلس التشريعي عن كتلة التغيير والإصلاح، وقيادية بحماس، قدمت ثلاثة من أبنائها شهداء في فلسطين، وآوت الشهيد عماد عقل، وكان منزلها منطلق عملياته الفدائية، واغتيل في منزلها بعد اشتباك مسلح مع جنود الاحتلال.

ولدت بعد النكبة في 24 كانون الأول 1949م بغزة لأسرة بسيطة من قطاع غزة، ولديها 10 من الإخوة و5 من الأخوات، وسكنت حي الشجاعية، تفوقت في دراستها المدرسية، وتزوجت من فتحي فرحات وهي في بداية الثانوية العامة، لكن لم يمنعها الزواج من إكمال دراستها، فواصلت، وقدمت لامتحانات الثانوية وهي حامل بمولودها الأول - سيكون لاحقاً القائد القسامي نضال فرحات - وحصلت على 80%، وأنجبت 6 من البنين و4 من البنات. وتعود أصول عائلتها عائلة "محيسن" إلى عائلة "المغني" وهي عائلة في حي الشجاعية من أقدم العائلات الغزية.

كانت أم نضال تسمع كثيراً عن وضع الشباب المطاردين الذين لا يجدون بيوتا آمنة ومناسبة لإخفائهم عن أعين الجيش الإسرائيلي ومخابراته، فأشرفت هي على إيوائهم على الرغم من مخاطر وعواقب ذلك الإيواء، وقامت بعرض فكرة حفر الخندق خلف المنزل ليكون مخبأ للشباب المقاوم المناضل. ومما يذكر في سيرتها أنها كانت امرأة مجاهدة مقاومة للاحتلال الإسرائيلي، فقد بدأ صدامها بالعدو الصهيونى عندما استشعرت أمومتها لأبناء الوطن المناضلين والمجاهدين وكانت البداية عام 1992م.

"لم يسلبني الاحتلال أبنائي بل أنا قدمتهم راضية مختارة للشهادة” هذه الكلمات قالتها خنساء فلسطين مريم محمد يوسف فرحات "أم نضال" ومنذ أيامها الأولى  وهي تسطر تاريخا حافلاً ومشرفاً، ونحاول في هذه السطور أن نقتبس شيئاً منه.

اغتيال عماد عقل بمنزلها 

وظل بيتها مأوى للمقاومين، حيث آوت في بيتها المتواضع الشهيد عماد عقل قائد الجناح العسكرى لحركة حماس (كتائب القسام) وأخطرهم على الاحتلال الصهيوني آنذاك، وكان "عقل" على رأس قائمة المطلوبين للاحتلال الصهيوني حياً أو ميتاً، حتى أطلق عليه "ذو الأرواح السبعة"، وأمر الاحتلال عملاءه في غزة بتكثيف جهدهم فقط لمعرفة مكان عماد عقل. تحول منزلها إلى غرفة عمليات منها ينطلق عماد لتنفيذ عملياته العسكرية ضد الاحتلال، فيقتل ويصيب ويبث الرعب في قلوبهم، ثم يعود إلى منزلها ليختبئ فيه. إلى أن وشى به أحد عملاء الصهاينة، فحاصرت قوات خاصة إسرائيلية المنزل وكانت مختبئة في سيارات مدنية، كان وقت أذان المغرب وعماد صائماً، فلما علمت أم نضال بالأمر، كان لها الدور في تثبيت عماد، فاشتبك عقل مع جنود الاحتلال وكان معه مسدس واحد فقط، فقتلوه على باب المنزل بأكثر من 70 رصاصة.[5]

استشهاد 3 أبناء وقصف البيت 4 مرات

ابنها البكر نضال فرحات قائد عسكري فيكتائب القسام، أول من صنع صاروخاً بفلسطين ويعزى له اختراع صاروخ القسام برفقة تيتو مسعود

أطلق عليها خنساء فلسطين، هو لقب تجسد من سير التاريخ، للصحابية الخنساء، امرأة عربية قدمت أبناءها في سبيل نشر رسالة الإسلام، ثم عقدت الشعر في فراقهم فرحة باستشهادهم.

قدمت أم نضال ثلاثة من أبنائها شهداء في سبيل الله، فكان أولهم:

الاستشهادي محمد فرحات (17 عاماً)، ورغم صغر سنه إلا أنها أصرّت على قائد كتائب القسام صلاح شحادة آنذاك لينفذ ابنها الهجوم، تدرب محمد على يد عماد عقل الذي كانت تؤويه الأسرة، وعلى يد أخيه الأكبر نضال، وقبل خروجه ظهرت مع ابنها "محمد" بتسجل مصور في مطلع عام 2002م، وهي تقبله قبلات الوداع، وهي تعلم أنه ذاهب بلا رجعة فسجّل وصيته معها، وتصورت معه بسلاحه في فيديو خاص وأوصته.[6]، فكانت أول أم فلسطينية تودع ابنها وهو خارج إلى عملية استشهادية في تسجيل مصور، وأوصته بألا يعود إليها إلا مثخناً في عدوه محمولاً على أكتاف الرجال، فذهب في عملية إقتحام قتل فيها 9 جنود إسرائيليين، حيث اقتحم مدرسة تدريب جنود داخل مغتصبة (مستوطنة) عتصمونا (بالعبرية: בני עצמון) من مجمع مغتصبات غوش قطيف.[7]

وبعد عام واحد أي في 2003 قدمت ابنها الثاني، وهو البكر نضال فرحات (31 عاماً) قائد ميداني في كتائب الشهيد عز الدين القسام، وهو أول من صنع صاروخاً في فلسطين، ويعزى إليه إختراع صاروخ القسام برفقة الشهيد تيتو مسعود صاحبي فكرة صناعة الصواريخ، وعرف في أوساط حركة حماس بـ "مهندس الصواريخ". ظهر نضال في تسجيل مصور-حقيقي- في فلم (نسمة وإعصار) الذي أنتجته كتائب القسام، وظهر نضال وهو يدرّب أخيه الاصغر محمد قبل خروجه لتنفيذ عملية الاقتحام بأيام، وبمشهد آخر وهو سهران معه ويعلّمه ما يصنع أثناء الهجوم وكيف يتعامل مع السلاح. إغتاله جيش الاحتلال الإسرائيلي وهو يحاول تجهيز طائرة القسام بدون طيار (أبابيل1) التي أعلنت عنها كتائب القسام لاحقاً في عام 2014م.[8]وكان لا يتردد على لسانها إلا كلمات الشكر والحمد لله بأن أكرمها باستشهاد نجلها الثاني.

ولم يمر عامان حتى استشهد ولدها الثالث (رواد) بعدما قصفت الطائرات الحربية الصهيونية سيارته في قطاع غزة في عام 2005م، كما قضى ولدها الرابع 11 عاما أسيرا في سجون الاحتلال الصهيوني، فما كان منها إلا أن كانت تصبّر النساء والناس الذين كانوا يأتون لمواساتها بأبنائها.

قُصِف بيتها أربع مرات، وعندما عرضت حكومة إسماعيل هنية على أم نضال إعادة بناء بيتها بعد قصفه رفضت ذلك إلا بعد ترميم جميع الدمار الذي لحق ببيوت جيرانها جراء القصف.

نشاطها ومقاومتها

كانت عضواً بلجنة التربية في كتلة التغيير والاصلاح، ورئيسة "جمعية الشموع المضيئة"، وشاركت في العديد من الندوات والمحاضرات الدينية، وشاركت في العديد من الاحتفالات والمهرجانات الإسلامية.

أكملت أم نضال عملها ومسيرتها، حينما ترشحت على قائمة حركة حماس كتلة التغيير والإصلاح للمجلس التشريعي الفلسطيني، وسافرت ضمن وفود الحركة إلى بعض الدول، لتجذب المساعدات لأهل غزة بعدما فرض عليهم الاحتلال الإسرائيلي وحلفاؤه حصاراً خانقاً حتى يركعوا ويطأطئوا الرؤوس، لم تكل ولم تمل، بينما كان آخرون يحرضون الاحتلال على مزيد من الحصار وتضييق الخناق.

إضافة لإيواءها المقاومين الفلسطينين من كتائب القسام أهمهم عماد عقل وأبنائها، شاركت أم نضال في إطلاق صورايخ القسام بنفسها على المستوطنات (المغتصبات) الإسرائيلية، وكانت في رمضان تتفقد المرابطين على ثغور وحدود غزةوتحضر لهم طعام السحور.

في يوم 17 آذار 2013م توفيت أم نضال في مستشفى الشفاء بقطاع غزة، بعد صراع مع المرض استمر سنوات، بعدما قضت سنوات في رحلات العلاج بين مصر وغزة وسوريا وأجري لها عمليات المرارة والزائدة والقلب المفتوح.

  «محمد.. نضال.. مؤمن.. وسام.. رواد.. أرضكم مدنسة وأنتم تنظرون، أريدكم منتصرين أو على الأعناق محمولين» «من يحب الله والوطن فلا يتوانى عن تقديم أبنائه فداء له، والأم التي تحب ولدها تطلب له النجاة في الدنيا والآخرة وتدفعه للجهاد ولا تجزع عند فوزه بها، ولا تشمت الأعداء بشعبنا بدموعها على شاشات التلفزة» «ابني الشهيد هو خير من يبرني فهو الذي سيشفع لي بشهادته.. من كانت تحب ولدها فلتعطه أغلى ما تستطيع.. وأغلى ما يمكن أن تقدمه هو الجنة»
Atyaf.co