يتساءل كل منا عن حجم الثبات واليقين الذي حوى قلبك يا عمر العبد، حين أطلقت العنان لابتساماتك في كل جلسة محكمة كانت تُعقد لك، وأنتَ تدرك أن حكمهم ضدك سيكون سنوات طوال، ولكنك تدرك يقيناً أنهم يقضون وفق أهوائهم وأنتَ قضيتً بفعلك وفق الحق المسلوب منك.
مررنا على ديارك يا عمر، كوبر الصمود، أو كما أسماها سكانها بعد فعلك البطولي "قلعة كوبر"، كانت حجارة البيت وركامه وكأننا لو أنصتنا لها جيداً تقصّ حكايتها عنك، كانت تحمل اسمك ورسم وجهك، كانت حجارة البيت تشبهك في كل شيء إلا في رمادها، فأنت عصيّ عن الانكسار، وبسمتك التي أخجلتنا بها جميعاً أولى دلائل يقينك بالحق الذي آمنتَ به ولم تتردد في أن تكون رقماً صعباً في معادلة يحاول الاحتلال تجريمنا من خلالها، معادلة قوة الحق وحق القوة، معادلة المقاومة كثابت وحق يمارسه الشعب الذي يمارس ضده أبشع صنوف الاحتلال.
ابتسامتك يا عمر مقابل الحكم الذي اشتمل على 4 مؤبدات وكأنك تقول لنا لا تصدقوهم هي 4 سنوات أو أقل، لأن الاحتلال زائل لا محال، أما عن بند عدم شمل اسمك في أي صفقة تبادل قادمة، فعن هذا نتحدث بلا وجل، أتدري يا عمر ماذا يعني أن يكون حكمك مشتملاً على هذا البند، يعني أن الاحتلال أدرج في قاموسه أن المقاومة الفلسطينية التي تأسر جنود الاحتلال نفذت في صفقة وفاء الاحرار 1 ما أرادت، وأنهم يتخوفون من أن تنفذ في الصفقة المقبلة ما تريد، بعد أن أكدت المقاومة على أن أي صفقة مقبلة ستشمل أبطال انتفاضة القدس، وأنتَ أحد هؤلاء الأبطال، الحكم عليك يا عمر بدده ابتسامتك، ففي فلسفة ما دار في المحكمة أول أمس كنتَ أنتَ مَن حاكمتهم ليسو هم مَن حاكموك، اسرتهم غيظاً وأنتَ تبتسم، أسرتهم قهراً وهم عاجزين عن فهم ما يدور في عقلك الذي حيّرهم يوم نفذّت عملية الطعن في مستوطنة "حلميش" والتي يواصل الاحتلال سرقة أراضٍ من قريتك لتوسعتها، وعجزوا عن فهمك أيضاً وأنتَ ثابت في الأسر رغم اعتقال عائلتك والتنكيل بها وهدم منزلكم.
عودة الى ديارك يا عمر، كُتب على إحدى الجدران عبارة "وكنتَ الندّ يا عمر" وأي ندّ كنت، ففي تعريف الندّ تحضر أنتَ وفعلك، لم تكن الند يوماً يا عمر إنما ما زلتَ الندّ، فعلك كان ندّا ضد الاحتلال، وابتساماتك في المحاكم كانت نداّ أيضاً، فإذا أردنا أن نسميك فيحق لنا أن نقول "عمر العبد، عمر الندّ".