ترجمات عبرية - خاص قدس الإخبارية: نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في نسختها الورقية، اليوم الجمعة، تفاصيلَ محادثاتٍ مُسجّلةٍ جرتْ قبل عشرين عاماً، تكشفُ جانباً من عمليات تسريب عقارات الفلسطينيين في القدس لصالح الجمعية الاستيطانية "عطيرت كوهنيم".
ويُسمع من المحادثات المُسجّلة التي جرتْ في نهاية التسعينات رئيسُ جمعية "عطيرت كوهنيم" المدعوّ "متاتياهو دان"، ومحامي الجمعية "إيتان جيفع"، وموظفون آخرون يتحدثون عن الطرق المختلفة التي تَتَبِعُهَا الجمعيةُ في سيطرتِها على عقارات الفلسطينيين في القدس.
من بين تلك الطرق، نسمعُ في إحدى المحادثات رئيسَ الجمعية "دان" متحدثاً مع أحد السماسرة الفلسطينيين عن "العاهرات" اللواتي سيجلبهُنَّ له، ويسأله عن العمر الذي يُفضله. يقول له:"تريد فتاة (عاهرة)؟ اثنتين؟ كم واحدة تريد؟ ما عمرها؟"، ويردّ السمسار أن يُفضلُ فتاةً صغيرةً بالعمر، ما بين 18-22 عاماً، وأن تكون "روسيةً"، بينما يحرص "دان" ألاّ تكون أيّاً من تلك العاهرات اللاتي سيجلبهن مُساعدُه يهوديةً، فيردّ الأخير: "لا تقلق، لا توجد عاهرات يهوديات في إسرائيل اليوم، كُلُّهنّ روسيات".
وفي محادثةٍ أخرى، يتحدثُ محامي الجمعية "إيتان جيفع" شارحاً للعاملين معه عن كيفية الضغط على الفلسطينيين لإنجاز الصفقات بأقل التكاليف. إحدى تلك الوسائل، أن يتم الاتفاق مع البائع على مبلغٍ ماليٍّ معينٍ مقابل العقار الذي سَيُسرِّبَهُ، ومن ثمّ الضغط عليه للقبول بمبلغٍ أقل من ذلك بكثير، حينها لا يملكُ البائعُ الفلسطيني الاعتراضَ خوفاً من الفضيحة.
يقول "جيفع" شارحاً للموظفين كيفية الحديث مع السماسرة أو البائعين المحتملين: "[قولوا لهم] هناك طريقتان، إما أن تُغلِقوا المكان وتسلِّموه لنا، أو تذهبون للمحكمة وتحصل لكم الفضيحة، سيتضح - في حال رفعتم محكمة ضدّنا- أن أباكم، أو زوجك، قام بذلك من أجل اليهود، كعامل لدى اليهود. هناك طريقتان لإنجاز هذا الأمر، إما بالهدوء أو بالضجة، ومن أجلكم من الأفضل أن يكون ذلك بالهدوء".
من أجل الحفاظ على ذلك "الهدوء" وفق تعبير المستوطنين، يشرح رئيس الجمعية "دان" أنه يجب الاستعانة بسماسرة فلسطينيين. يساعدُ هؤلاء السماسرةُ الجمعيةَ في الحصول على العقارات التي يريدون، خاصةً أن الفلسطينيين يرفضون بيع عقاراتِهم للجمعيات الاستيطانية. يؤكد "دان" في محادثة مع مالك إحدى العقارات بأن الصفقة ستتم بواسطة سمسار معروف، ويقول:" أنا أبني ذلك بحيث يكون في المقدمة شخصٌ قويٌّ جداً ولديه اسمٌ جيّدٌ في المنطقة، حتى لا يقوم أحدُهم بأية مشكلة".
ويستذكر تقرير "هآرتس" محمد مراغة، أحد أشهر السماسرة الذين استخدمتهم جمعية "عطيرت كوهنيم" في نهاية التسعينات، لتعزيز وجودها الاستيطاني في قلب الحارة الوسطى، أو ما يسمى "حارة بطن الهوا" في سلوان، جنوب القدس.
وقد قام مراغة في العام 2000 تقريباً بشراء قطعة أرض من أخيه في حارة بطن الهوا، بواسطة أموال من جمعية "عطيرت كوهنيم"، ومن ثمّ بنى عليها عمارةً مرتفعةً. في العام 2004، بعد أن أتمّ مراغة البناء، وبينما كان يرافق عدداً من موظفي الجمعية الاستيطانية في رحلة تجنيد أموال في أمريكا، حيث وعدوه بأن يُأمنوا له معيشة هناك، أَخلَتْ شرطةُ الاحتلال ومستوطنون من "عطيرت كوهنيم" زوجتَه وأولادَه من تلك العمارة، وحُوِّلت إلى "بيت يوناتان"، وهي أضخم بؤرة استيطانية في سلوان، لا بل في القدس كلّها، والتي تُرَى من بعيد وعليها علمٌ إسرائيليٌّ ضخمٌ.
منذ 2004، بحسب تقارير "هآرتس"، شعر مراغة بأن "عطيرت كوهنيم" قد أدارت له ظهرها، وهو يحاول "الانتقام" عن طريق "فضح الجمعية والحديث مع الصحافة الإسرائيلية عن خباياها"، خاصة أنه يعيش على أموال "التأمين الوطني"، وفي بعض مراحل حياته كان يعيش في الشارع.
[embed]https://www.youtube.com/watch?v=FokGTTfwg3g[/embed]وفي بقية التسجيلات يتحدث "دان" رئيس جمعية "عطيرت كوهنيم" عن الصفقات التي أجرتها الجمعية مع البطريركية الأرثوذكسية ببطاركتها اليونان، وسُرب من خلالها فندقا "البتراء" و"إمبريال" في باب الخليل في القدس، وعن السعر المنخفض جداً الذي بيعت به تلك العقارات.
وبحسب المصدر الخاص الذي زوّد "هآرتس" بتلك التسجيلات، وهو مقرّب سابق من "عطيرت كوهنيم"، فإنّ السرّ في تلك المبالغ الزهيدة جداً لقاء عقارات ضخمة وغالية جداً في القدس يكمنُ في العلاقة القوية التي حافظ عليها "دان" مع شخص يعمل في البطريركية ويُكنى بـ "حاي". وفقاً للتسجيلات الصوتية فإن لـ"حاي" قدرة فعالة في التأثير على سياسة البطريركية فيما يتعلق بالعقارات التي تُعنى بها "عطيرت كوهنيم"، وأنه يجب الحفاظ على سريته وعدم كشفه.
يذكر أن جمعية "عطيرت كوهنيم" هي إحدى جمعيتين استيطانيتين تعملان على تهويد القدس وسلب عقاراتها. تُركّز جمعية "عطيرت كوهنيم" عملها الاستيطاني في البلدة القديمة للقدس، وقد نجحت منذ بداية عملها في سبعينات القرن الماضي في السيطرة على عشرات العقارات في الحيّ الإسلامي في البلدة القديمة، وغيره من الأحياء. ويعيش في تلك العقارات - البؤر الاستيطانية - اليوم أكثر من ألف مستوطن.
كما تعمل "عطيرت كوهنيم" على تهويد منطقة "حارة بطن الهوا" في سلوان، بادعاء أن تلك "منطقة يهودية الأصل"، وأن "يهود اليمن سكنوا فيها" أواخر العهد العثماني. وما زالت عائلات كثيرة في حارة بطن الهوا تنتظر مصيرها في قضايا رفعتها في المحاكم الإسرائيلية ضدّ إخلائها من بيوتها في المنطقة.
أما الجمعية الثانية فهي "إلعاد" والتي تُركز عملها في سلوان، وفي حي وادي حلوة بالذات، كما لديها بؤر استيطانية أخرى في جبل المكبر. وتدير "إلعاد" اليوم عدة مواقع أثرية في القدس، منها ما يُسمى "عير دافيد"، وتدير كذلك منطقة القصور الأموية جنوبي المسجد الأقصى المبارك.
* الصورة: حارة بطن الهوى في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى تصوير: أحمد صندوقة