الداخل المحتل – خاص قدس الإخبارية: إصابات عدة بصفوف المستوطنين، أضرار مادية بالمركبات، هي نتائج يومية تحصدها عمليات إلقاء الحجارة المستمرة على طول شارع عارة في الداخل المحتل، عمليات تؤرق سلطات الاحتلال، وخاصة مع تزايدها ردا على الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
شارع عارة يتوسط بلدات المثلث الشمالي المحتل، وتقع على طرفيه بلدات أم الفحم وعارة وعرعرة ومصمص ومعاوية وكفر قرع وغيرها، يصل شمال البلاد المحتلة بمركزها، تُفرض عليه السيطرة الفلسطينية مجددا بعمليات إلقاء الحجارة التي تفشل سلطات الاحتلال بردعها والتصدي لها، فيما تتخبط باستمرار بين الحديث عنها إعلاميا أو التستر عليها. الشارع الذي يمتاز بالتواءاته الكثيرة، يتيح للشبان إلقاء الحجارة على مركبات المستوطنين والانسحاب السريع من المكان، دون أن يتم اعتقالهم أو تصويرهم حتى. العاشر من كانون أول الجاري، عبّر وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان مجددا عن القلق الإسرائيلي من شارع عارة، إذ نقلت إذاعة جيش الاحتلال قوله، "ما يزعجني أكثر من غيره هو المواجهات في وادي عارة، إنه أمر مزعج للغاية". وطالب ليبرمان بمقاطعة سكان بلدات وادي عارة وأم الفحم بالمثلث الشمالي المحتل على خلفية مشاركتهم في التظاهرات الرافضة لقرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. فرغم أن ردود الفعل الفلسطينية في الداخل المحتل في تصاعد بطيء جراء ما يفرضه الاحتلال من قيود على الفلسطينيين هناك، إلا أن عمليات إلقاء الحجارة الفردية والجماعية غيرت المعادلة وباتت تعجل من الحراك الشعبي الفاعل في القرى والبلدات المحتلة عام 1948، فها وادي عارة يردد صدى حجارة باب الزاوية في الخليل، والبالوع في البيرة، وباب العامود في القدس، وغيرها من نقاط التماس المنتشرة في كل الأرض الفلسطينية. التاسع من كانون أول الجاري، تظاهر عشرات الفلسطينيين من أهالي وادي عارة في الشارع الذي أطلق عليه الاحتلال "شارع 65" عند مفرق عرعرة، معبرين عن رفضهم لقرار ترامب. تظاهرة لم تمض إلا بمحاولة إغلاق الشارع وعرقلة مرور المستوطنين قبل أن تقتحم قوات الاحتلال المكان وتقمع المتظاهرين وتفتح الشارع مجددا، وتبقي حراسة مستمرة من قبل شرطة الاحتلال. مصدر خاص من وادي عارة قال لـ قدس الإخبارية، إنه يوجد محاولات بالداخل المحتل لأخذ الناس إلى المربع الأصح بمقاومة الاحتلال، وهو ما يترجم في شارع وادي عارة بالأيام الحالية، مبينا أن الداخل المحتل شهد تراجعا بالعام الأخير بالعمل الوطني والشعبي إلا أن قرار ترامب جعله يستعيد عافيته مجددا، وهو ما يستدعي استغلاله للنهوض مجددا بالحالة النضالية. وأضاف المصدر، أن شارع وادي عارة بالتحديد له أهمية كبيرة في المنطقة وخاصة لكونه الشارع الرئيسي الذي يربط المناطق الشمالية المحتلة بالمركز، وهو ما جعله نقطة حساسة وسلاحا فعالا يستخدمه أهالي البلدات المحتلة في نضالاتهم المستمرة، وخاصة التظاهرات التي تنظم يومي الجمعة والسبت. ووجه النشطاء دعوات للتظاهر في الشارع يوم الجمعة المقبل 15 كانون أول الجاري، رفضا وتصديا لقرار ترامب. 170 ألف فلسطيني يقطن في البلدات المحتلة الواقع في منطقة وادي عارة، إذ يمر الشارع من هذه البلدات جميعها، ويبين المصدر أن الاحتلال شق شارع رقم 6 لتجاوز منطقة وادي عارة، إلا أنه لم يكن بديل مناسب، إذ يضطر المستوطنين سلوك مسافات أطول للعبور، كما أنه لا يستوعب الزحمة المرورية إذا تغير مسار شارع عارة باتجاهه. وبين أن الأهالي قبل صدور قرار ترامب كانوا وما زالوا يعتصمون على مدار الساعة في منزل الناشط السياسي عبد الله جزماوي في قرية عارة وذلك بعد صدور قرار بهدم منزله، لافتا إلى أن الأهالي يهددون بإغلاق الشارع وتصعيد التظاهرات عليه إذا نفذت سلطات الاحتلال قرارها بهدم المنزل. فيما تصاعد التصريحات الإسرائيلية الغاضبة من منطقة عارة، بعد تشييع جثامين الشهداء الثلاثة: محمد أحمد محمد جبارين، ومحمد حامد عبد اللطيف جبارين، ومحمد أحمد مفضل جبارين، منفذي عملية الاشتباك المسلح في باحات المسجد الأقصى في الرابع عشر من تموز، إذ شارك في تشييعهم أكثر من 10 آلاف فلسطيني رافضين الشروط التي حاولت سلطات الاحتلال فرضها. كما وشهد الشارع إغلاقات مستمرة وتظاهرات حاشدة خلال الحراك الشعبي الذي انطلق للتصدي لمخطط برافر عام 2013. يعلق المصدر الخاص لـ قدس الإخبارية، "قضية الشارع وما يترتب عليه من تظاهرات وإغلاقات، يعتبرها الاحتلال قضية حساسة جدا ويحاول بشكل مستمر نشر الشرطة الإسرائيلية لقمع أي محاولة، وخاصة أن الشارع هو شارع رئيسي بدونه تفقد حركة السير حيويتها.. بالتالي المواجهة المستمرة على الشارع هي المواجهة الصحيحة برأي". وتابع، "هناك تصريحات مجنونة لكبار المسؤولين الإسرائيليين بعد كل تظاهرة يشهدها الشارع تتضمن مطالبة بتسليم هذه المنطقة إلى السلطة الفلسطينية بتبادلها مع إحدى المستوطنات". وعن الأحداث الأخيرة التي شهدها الشارع، بين أن قوات الاحتلال اعتقلت ستة شبان على خلفية إغلاق الشارع، وتواصل شن حملات اعتقال في المنطقة إثر كل عملية إلقاء حجارة يشهدها الشارع. وبين أن الشبان استطاعوا إصابة مجموعة من المستوطنين وإلحاق أضرار مادية بحافلة كانت تقلهم، إضافة لتحطيمهم مركبة صحفي إسرائيلي يعمل في صحيفة يديعوت أحرنوت ومنعوه من التغطية بعد ضربه، فيما أشارت الصحيفة على صفحتها الأولى أن الصحفي تعرض لمحاولة قتل خلال تغطيته للتظاهرات في المنطقة. وهو ما كان قد علق عليه ليبرمان بقوله، "قاموا بالاعتداء على صحافي وهاجموا ضباط الشرطة.. لقد قلت لسنوات عديدة إن هؤلاء الناس لا ينتمون إلى إسرائيل، وليس لديهم علاقة بالدولة".