الكتابة عن المصالحة في ظل حواراتها لا يستقيم خاصة وأن النتائج ستكون بعد أيام، إذ سينشر الكثير عن كواليس الاجتماعات ومخرجاتها.
في هذا المقال القصير حرصت على تقديم الرواية الكاملة لما يجري في اللقاءات المغلقة، لفهم حراك الفصائل وتوجهاتها، وهذا استشرفناه في مقال سابق بالمعلومة الموثقة.
اليوم يتضح أن ما حصلنا عليه من معلومات كان دقيقا حول سلوك فتح وتوجهها الرافض لتجاوز التمكين على الأرض كحجة منهجية تمنع التقدم الى الملفات المهمة.
الجديد الذي يمكن إضافته اليوم هو التوثيق للقاء الأهم بين السنوار وفرج في غزة قبل ثلاثة أيام، والذي رسم خارطة ما سيجري في القاهرة، حين طلب الأخير رسميا من حماس، تأجيل النظر في ملفات المنظمة والانتخابات والحكومة لأن فتح غير جاهزة الساعة لأخذ قرارات فيها.
كون البيئة العامة والمحيطة ليست سانحة الآن لاتخاذ قرارات كبيرة، مع ضرورة المضي في التهدئة على الأرض والعمل على تمكين الحكومة، مع حديث عن تصورات ضبابية لسلاح المقاومة.
متمنيا على السنوار حصر التقدم في الملفات بالتوافق مع فتح في إشارة إلى تفريغ حوار القاهرة مع الفصائل من مضمونها.
رفضت حماس المطالب المتعلقة بهذا الأمر، معتبرة أن الفرصة التي تملكها في القاهرة مهمة، لما أنجز من شبه إجماع تحصل لحماس على سلوكها فيما تعلق في تمكين الحكومة، الأمر الذي سيوفر لها ضغطا على السلطة للشروع في تنفيذ رفع العقوبات، بالاضافة إلى احترام مخرجات لقاء حماس فتح السابق وتطبيق بنوده المتعلقة بلجان العمل خاصة في ملف الموظفين والتمكين.
هذا التصور لدى حماس وفتح عن لقاء القاهرة، خيم على أجواء اللقاء الأول مع الفصائل يوم أمس، مما حولها إلى جلسة صاخبة إلى حد ما قبل الانفجار.
عزام الأحمد بدأ مداخلته بأن جدول الاجتماعات عليه التركيز، على مسألة واحدة تتعلق بتمكين الحكومة، وعدم قيام حماس بذلك، حيث أكد على أن ما جرى في وزارة التعليم وسلطة الأراضي يؤكد على بقاء وجود اللجنة الإدارية الأمر الذي يستحيل معه رفع العقوبات عن قطاع غزة.
مطالبا المخابرات المصرية والفصائل التركيز على هذا الشق، دون الانتقال إلى استحقاقات أخرى.
حماس ومن خلال رئاسة وفدها، وضعت المجتمعين في تفاصيل التمكين وخطواتها العملية، والتي أقرها الأحمد، كما أقرتها الفصائل الفلسطينية المجتمعة.
برغم ذلك رفض الأحمد ووفد فتح اعطاء موقف من العقوبات على غزة، الأمر الذي تصدى له نائب رئيس حركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، مطالبا فتح الوقوف عن استخدام وجع الناس في الخلافات السياسية بين الفصائل، وسرعة وقف الإجراءات العقابية غير المبررة والمفهومة في غزة، كون هذا العمل غير أخلاقي ولا ينسجم مع كينونة الفلسطيني ولا يمكن استيعابه من حركة فتح.
أثناء ذلك حدث تشنج من الأطراف وتصعيد في مواقف فتح عصفت باللقاء وكادت تنهيه، مما دفع المخابرات المصرية للتدخل وإرساء النقاش على جملة محاور.
أولا: مرجعية اللقاءات بين الفصائل باعتبار اتفاق 2011 أساس لتفصيل ما يمكن الاتفاق عليه.
ثانيا: اعتماد رقابة مصرية على مصطلح تمكين الحكومة وعدم تركه لحماس وفتح من خلال ارسال لجنة رقابة إلى غزة وتم التوافق عليه.
ثالثا: تأكيد ما تم الاتفاق عليه بين حماس وفتح خاصة في لجنة الموظفين والقرارات التوافقية في ذلك.
رابعا: الخوض في جدولة الملفات زمنيا عبر تحديد ما يجب أن يتم، الأمر الذي سينقل الى جلسة اليوم والتي من التوقع أن تكون صاخبة خاصة عند الحديث عن الحكومة والانتخابات والمنظمة.
خلاصة المشهد:
أولا: وفد فتح غير مخول ولا في أجندته اتخاذ خطوات مهمة وجوهرية لدعم حوارات القاهرة بوزن رفع العقوبات ولا اتفاق على منهجية زمنية لانهاء الانقسام الأمر الذي سيبقي نقاشه حول تمكين الحكومة والأمن مما سيجعل الخيارات في يد الجانب المصري.
ثانيا: استخدام فتح لبعض الفصائل الصغيرة، و التي كانت تؤدي دورا جماعيا للحفاظ على مستوى التوازن في جلسة الأمس مما سيجعل الحوار تحت عنوان (مماحكة) .
ثالثا: الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية، حماس وجزء مهم من الجبهة الديمقراطية باتوا أقرب إلى حد الاتفاق على ما يجب أن تقوم به فتح في ملفات العقوبات والتمكين، والمنظمة واتفاق القاهرة 2011.
كلمة سر النجاح أو الفشل: هذه الكلمة تتعلق بقرار رئاسي لوفد فتح، يعطيهم الصلاحيات في الاتفاق على الملفات المعقدة، الأمر المستبعد حتى اللحظة كون المطلوب وضع حماس في زاوية التنازل في ملفات الأمن و السلاح.
إلى أين تسير الأمور؟
صيغة الاجابة علي هذا السؤال من قبلي تشاؤمية، لكن تظل الفرصة قائمة لحدوث تكتيكات تمتص انقطاع الحبل، وتبقي عنصر المراوغة قائما عبر بعض القرارت غير الجوهرية.
هذا المقال يعتبر اليوم إطارا معرفيا، يمكن البناء عليه من قبل المحللين خلال الساعات القادمة، على أن يظل في ذهن المتابع أهمية جلسة اليوم والتي سيناقش فيها تفصيلا معمقا حول الملفات الرئيسية للحوار.