الاستقلال: "هو تحرر شعب ما من نير الاحتلال بالقوة المسلحة أو بأي وسيلة أخرى، إذا كان هذا الاستقلال مشروطا فهذا يعبر عنه بشبه الاستقلال لا الاستقلال الكامل".
هذا هو المفهوم العام للاستقلال حسب التعريفات والمواثيق الدولية المعترف بها، وبالنظر إلى التعريف يبرز لدينا السؤال: هل هذا التعريف ينطبق على حالتنا الفلسطينية؟ مما يستدعي حالة الاحتفال الراهنة والتي تستنفر من أجلها السلطة كوادرها ومدخراتها كافة.
بالتأكيد لا، لأننا وبالنظر إلى أهم شروط الاستقلال وهو "التحرر من نير الاحتلال" نجدد خللاً جسيما وسقوطا لأهم الشروط، وذلك بكل بساطة لأن الاحتلال مازال جاثما فوق صدورنا وقرارنا السياسي الحقيقي مصادر من قبل الاحتلال الصهيوني وقوى رجعية عربية أهمها السعودية، مما يعني أنه ليس هنالك استقلال كامل ولا حتى شبه استقلال.
ولكن، من أين أتى ما تسمية السلطة الفلسطينية عيد الاستقلال؟.
في ذروة انتفاضة الأقصى الأولى والتي اندلعت شرارتها عام 1987 وتحديدا في عام 1988 في الخامس عشر من تشرين الثاني أقر المجلس الوطني الفلسطيني في دورته العادية التاسعة عشر والمقامة في العاصمة الجزائرية الجزائر حينها، إعلان قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس، كمحاولة وتمهيد لرفع المعنويات وتدعيم الحالة الثورية المتشكلة وقتها، ولكن ما يغفل عنا جميعا أن إعلان الجزائر لم يكن الأول وإنما الثاني لقيام الدولة، حيث قامت حكومة عموم فلسطين بإعلان قيام دولة فلسطين عام 1948 كرد فعل على إعلان قيام دولة الكيان الصهيوني، ولذلك الأجدى بنا الاحتفال بالإعلان الأول والعمل على تثبيته وتدعيمه وليس الثاني، إذا، لماذا نحتفل وتحتفل سلطتنا بهذا اليوم؟.
لأن ما تقوم به السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس وهو الذي أقر عيد الاستقلال كعطلة رسمية وأمر بالاحتفال به يأتي ضمن إطارين رئيسيين:
الأول: التغطية على ما تقوم به القيادة الفلسطينية المتنفذة من إجرام بحق أبناء شعبنا الفلسطيني من تنسيق أمني مع العدو الصهيوني بهدف الحفاظ على أمن الكيان الصهيوني، واعتقال للأسرى المحررين، واعتقالات بالجملة بدون تهمة يضاف إليها مصادرة للأسلحة الموجهة إلى صدر العدو، وتتوسع دائرة جرائمها إلى سرقة مقدرات الشعب الفلسطيني ومكتسبات ثورته وصولا إلى العهر السياسي والمتمثل بالانبطاح الكامل تحت أقدام العدو الصهيوني.
الثاني: تسويق إعلان الدولة كإنجاز يضاف إلى قائمة إنجازات القيادة المتنفذة ليبرر بقاءها في مواقعها، وبالنظر إلى هذه الإنجازات نجدها إنجازات وهمية أو مسروقة من الأرشيف الثوري الفلسطيني وعلى سبيل المثال الاعتراف بالسلطة الفلسطينية كعضو مراقب بالأمم المتحدة، مع العلم أن الأمم المتحدة في نص القرارين 242 و181 والمرفوضان شعبيا فلسطينيا وعربيا قد تضمنا الاعتراف بدولة فلسطينية .
لذلك، يتوجب علينا جميعا التنبه لألاعيب القيادة المتنفذة والتي تستخدم مبدأي التجهيل والاستغفال لتسويق بقائها وعدم الانجرار خلف أوهامها والعمل على تعريتها واستبدالها وصولا لقيادة فلسطينية حقيقية قادرة على الوصول إلى الاستقلال الحقيقي عسكريا وسياسيا واقتصاديا.