فلسطين المحتلة- خاص قُدس الإخبارية: لا يمكن إبداء وجه المقارنة بين طالب الثانوية العامة في وضعه الطبيعي، وآخر يرافق منهجه الدراسي خلف قضبان السجون، أمور كثيرة غابت عنه من تحفيز العائلة اليومي وأجواء الراحة واحتفالات الفرح بالنتائج وإطلاق الأهازيج، لكنّ يبقى لكلٍ منهم حالته وفرحته الخاصة.
في التاسع والعشرين من تشرين أول الماضي، أُعلنت نتائج الثانوية العامة الخاصة بالأسرى في سجون الاحتلال، وبكل معاني الفرح والفخر استقبلت عائلة الأسير مجاهد بني شمسة (23 عاماً) نتيجة نجلها، الذي يقضي حكماً لعشر سنوات في سجن النقب والحاصل على معدل 65.7%
تقول والدته بسمة بني شمسة، "لا يمكن أن أصف شعوري حين صدرت نتيجة مجاهد، وفرحتي بنجاحه فاقت فرحي بنجاح وتفوق إخوته جميعاً، الحمد لله الذي أكرمنا بنجاحه، يوم أعلنت النتائج قمنا بتوزيع الحلوى، كل العائلة ابتهجت أيّما ابتهاج به، فك الله أسره وجمعنا به قريباً".
وأوضحت في حديثها لـقُدس الإخبارية، وقبل بدء تقديم الامتحانات كان بني شمسة قد أخبر أهله في مكالمة هاتفية أنه يريد كتباً دراسية، وأنه ينوي التقدم للامتحانات لهذه السنة، "أشجع مجاهد على إكمال دراسته الجامعية أيضاً، وبالرغم من أن الخيارات تكون محدودة أمام الأسير؛ لكننا نشجعه".
"صحيح أنَّ الفرحة منقوصة، وكنت أتمنى احتضان أنس في هكذا مناسبة"، يقول ممدوح مسكاوي، والد الأسير أنس مسكاوي، 19 عاماً المعتقل في شطة ويقضي حكماً لعشرين شهراً إضافة إلى غرامة بقيمة 2000 شيقل.
وأضاف في حديثه لقدس الإخبارية: "لم يقرر أنس أن يكمل دراسته في السجن بل الظروف حكمته، إذ أن أنس قبل أسره كان معتقلاً لدى الوقائي وكان حينها يدرس في الثانوية العامة، واعتقاله أعاق إكمال دراسته".
" لاحقًا اعتقلته قوات الاحتلال فأكمل دراسته في السجن، لم نكن نعرف الكثير عن أنس فالاتصالات الهاتفية غير متوافرة وأنا لا أزوره إلا كل ستة شهور بسبب الرفض الأمني، ومع ذلك أقمنا حفلةً صغيرة للعائلة احتفاءً بنجاحه".
توجيهي الأسير
في السجون لا يوجد فروع متعددة، فالامكانات لا تسمح بتوفير امتحانات ولجان إلا للفرع الأدبي، كما أن تقديم امتحانات الثانوية للأسرى لا يتم بالتنسيق مع الاحتلال، ولا مع إدارة السجون، حسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين.
"قدمت امتحاناتي في غرفة السجن ذاتها، وكنَّا نوزّع بناءً على العدد، فلا يتجاوز عدد المتقدمين أكثر من 15 في كل غرفة، نجلسُ على كل "برش" شخص ويراقب علينا أحد إخواننا الأسرى"، يقول الأسير المحرر حسام يونس، الذي قدمَّ امتحان الثانوية العامة عام 2014 في سجن جلبوع.
وأضاف المحرر يونس، "بالطبع لن يراعي السجان وجود تقديم امتحانات أبداً، ففي فترة تقديم الامتحانات تعرضنا عدة مرات للتفتيش في الغرفة التي نقدم فيها".
وعن أجواء الفرح، قال "في السجن تختفي كلياً ملامح الفرح بالمعدل بسبب منع السجان لأي مظاهر احتفال، إضافة إلى بعد الأسير عن أهله وأصدقائه، حتى أنَّ الأسير لا يعرف نتيجته إلا في الخارج يتم كتابة تعميم وقراءته داخل الغرف، طبعاً في بعض السجون تكون نتائج حقيقية ويتم الاهتمام بالتدريس بحق، ولكل مجتهد علامته وفي أقسام وسجون أخرى لا تراعي ذلك".
في السجون، من يقوم بعقد الامتحانات هم لجان علمية من الأسرى أنفسهم من حملة الشهادات العلمية الأولى "البكالوريوس" فما فوق، فتكون هذه اللجان مسؤولة عن تدريس الأسرى وعقد الامتحانات ومراقبة سيرها ثم تصحيحها ورفع العلامات لهيئة شؤون الأسرى والمحررين، ويختلف عدد الأشخاص في كل لجنة من سجن لآخر، وذلك حسب عدد الأسرى داخل السجن، فسجني النقب وعوفر سجنان كبيران، فيكون عدد أفراد اللجنة العلمية من( 4-5) أشخاص، وتحصل اللجان على أسماء الأسرى المتقدمين حسب الكشوفات من خلال محامي الهيئة، وترفع العلامات للهيئة من خلال المحامين أيضاً ثم تقوم هيئة شؤون الأسرى بإدخال العلامات على الكشوفات وترفعها لوزارة التربية والتعليم العالي.
كان الأسير المحرر ،محمد ناصر (25 عاماً)، أحد أفراد اللجنة العلمية التي تعقد الامتحانات داخل سجن، " قبل فترة من بدء تقديم الامتحانات، يبدأ الأسرى المتقدمون للامتحانات بأخذ حصص تدريسية داخل غرف في السجن يخصصها الأسرى لهذا الغرض، ثم بعد مدة يوزع برنامج الامتحانات، وعندما يبدأ تقديم الامتحانات كنا نخصص غرفة لذلك"، يقول ناصر.
وأضاف لقدس الإخبارية، "تكون أوراق الأسئلة منسوخة بخط اليد، ثم نقوم بتصليحها، ونرفع العلامات للوزارة، وعند صدور النتائج كان الأسرى يتبادلون التبريكات ويُوزّعون الحلوى، ولكن لا يوجد مظاهر فرح حقيقة وما يمنع ذلك هو وجود تنقلات للأسرى في الفترة ما بين التقديم وصدور النتائج، عدا عن وجود أسرى غير ناجحين وعلامات متدنية".
بين الهيئة والوزارة
فداء أبو لطيفة، مسؤولة ملف الثانوية العامة للأسرى في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، والوزارة، قالت إن التنسيق بين هيئة شؤون الأسرى والمحررين ووزارة التربية والتعليم باتفاق يتم في بداية كل عام، هذا ما أطلعتنا عليه.
"الاتفاق الذي يعقد في بداية السنة الدراسية يكون فيه شروط تحدد مواصفات الأسرى الذين يستطيعون التقدم للامتحانات، هذه الشروط تتعلق بالعمر، وآخر مؤهل علمي حصل عليه الأسير ومدة الاعتقال والحكم، وهذه الشروط تتغير حسب كل عام"، تقول فداء.
أما عن كيف يستطيع الأسير اطلاع الهيئة على رغبته في التقدم، فأوضحت، "يقوم أهل الأسير بتقديم الأوراق المطلوبة للهيئة ثم تُرفع الملفات بعد تدقيقها لوزارة التربية والتعليم".
وبحسب وزارة شؤون الأسرى والمحررين، فان اقتصار التوجيهي بالسجون على الفرع الأدبي مرده إلى أنه لا تتوافر إمكانات كافية ومؤهلات علمية للجان العلمية لتدريس مواد الفروع الأخرى كالعلمي والتجاري؛ فغالبية الأسرى تتجه مؤهلاتهم إلى الجانب الأدبي والعلوم الإنسانية.
وعن نظام احتساب العلامات، تقول أبو لطيفة، إنَّ نسبة النجاح التي تصلنا تكون في العادة 100%، وهذه نسبة غير طبيعية، إذ لا بد من معدل رسوب معين، ولهذا تقوم وزارة التربية والتعليم ووفق نظام خاص بها بإخضاع العلامات لمعايير تتعلق بالمؤهل العلمي للأسير وفترة الاعتقال، ومعايير أخرى خاصة بالوزارة، وبناءً على هذه المعادلة تجمع العلامات وتحتسب المعدلات، وتكون هناك نسبة نجاح ونسبة رسوب.