شبكة قدس الإخبارية

لعنةٌ على ثوب الكبر

فاطمة عاصلة

بآياتٍ من الذكرِ الحكيمِ
يبتدي علاجُ أرقَ الليلِ
اطمئنانُ أمٍ على مولودها
الذي يخفي على الطبيبِ وجعَه،
ثم يمسحُ لحيتَهُ،
نصراً منَ اللهِ
ويصلي العشاءْ
قبل أن يحدقَ انكسارًا
في دمناِ المبعثَرِ
في نشرةِ الاخبارْ.

يسترجعُ العدلَ المثقوبَ
ذا الشيخُ
ويودّ من وحي الواقعِ المنفوشِ،
لو في القدسِ يعبرُ طريق الالام
كي يسألَ متى حقًا
سيقومُ المسيحُ
ليمسحَ عن اللافتات عبريتها؟

يودّ لو يغتالَ الوقتَ
كي نوفرَّ الغصاتَ
للحسرةِ على أحداثٍ بسيطة
كالسقوطِ في امتحانِ تقييمٍ
وبطئِ الوقتِ
وضيقِ بنطالٍ على الخاصرة.

مكحولٌ بنا الحزنُ
إذ نصمتُ
وإذ نسكتُ
وإذ نفعلُ

نلوكُ كلاماً
ثم يطحننا فعلٌ
فنخدر بألمِ المبالغةِ التمني
والقدرُ يفصفصُ الكلامَ
ويلهو بالتخيلِ
ويرمي القشرَ على رأسِ الحلم.

فأرى
وأرى
أرى حبا
انكسرَ على الحاجزِ
وفاض بين أرجلهم لعنةً
إذ أجلوا موعدَ الدخولِ
كي يتناولوا غدائهم
ثم مسحوا سقوطهم بسلاحهم عبثا

وأقولُ يا أمي:
أنجديني من هذا العلو
فتصيح بي ضاحكةً
كأنني العلوُ
أو الهواءُ الممتلئ
ما بين السطحينِ
فتسألني:
هل عادت بنتُ المختارِ الأول وزوجها
وهل قام شهيدٌ
حتى نهزمَ كلَّ هذه الارتفاعاتِ في ماسينا؟
ونسخر من الطائراتِ الساهرةِ على رعبنا المؤجج؟

أغرب عن ثوب امي
لتقلمَ فمَ وردة
فأنا ما عدتُ أقبلُ تقليمَ هواجسي
فقد كبرتُ
كبرت يا أمي،
فلتلتهي بربيع وبيدر
كأيِ امرأةٍ تستوحش الفيئَ
إن جاءَ آذار.

كبرتُ
فسألوا عن خيالي
فقلت:
حياةً لا تقبل الهزيمة
بها مناّ نساءٌ
صبغنّ حلاوتهنّ بماسيهنّ
ونعين في كل صبحٍ كيدٍ
فقالوا في نسائنا
"ان صمودهنّ لعظيم"

كبرتُ
فتعال يا حبيبي،
كي نبتلعَ البحرَ،
خوفاً من ارتفاعِ منسوب الحربِ في البلادِ
فيختنقُ طفلنا من رائحةِ الفوسفور والكلاشينكوف
الجاثم على رؤوسنا كالقبعة
من اصحاب الايادي الخفية
قل لهم يا حبيبي

قد انتهى السيركُ
وانقطعت حبالٌ
وبتنا نرقصُ
نحن-لا هم-على الكمائن
ونلعب
ونلهو في حكايا الحب
في ظل الحرب
ونلعبُ.

كبرنا يا حبيبي
على ضوء الكرنفالاتِ والمهرجانات العالميةِ
كبرنا
لنغضب من النكاتِ المكررةِ
ونستغبي الاحاجي المحلولة مسبقا

كبرنا يا حبيبي
وألعابنُا صغيرةٌ
كأن نزرعَ حقلَ الغامٍ للفراقِ
ونفيق القمر من نومه،
ليتسلى بُكرتهِ جنينا البكر

كبرتُ
ورأيتُ كُحلَ عتبٍ في جفن وطنٍ
لم ينم،
فيعيدني ألم
يعيدني أمل
فاسمح لي،
بوبي ساندز،
اسمح لي يا رفيقنا الايرلندي
أني إذ افقد الأملَ
أتلو عليّ صورَّ الاسرى
وأعد أياما

لسامر وميسرة
وهناء وخضر وعرفات
وثائر اذ يعلم لمار
كيف تخاطُ من العتمةِ
دميةً قماشيةً
تركب رأس السجان
فتوجعه قلقا،
كلما رأى الشمس.

أعدّ أياما،
وبلا وعيٍ,
أرسم الخارطةَ باربعِ ألوانٍ
ابتسامتي خامستهم،
أسودُ السهرِ لا العتمةٍ
أبيض العرسِ لا الكفنِ
أخضر الحقلِ,
أحمر، لا الدم على ثوب النوايا الطيبة

وابتسامتي غبطةٌ،
بانفعال جدٍ يحادث حفيدته بقوله:
"كانت هنا تسمى "زخرون يعقوب"
وكانوا يتغامزون على القدس لاخذها عاصمة"
وكأنها-حفيدته-تستصعب تصديق الخرافة.

وتوقظني من فرحتي
نجمةٌ سداسيةٌ
فألعن الواقعَ
وألعن العدوَ اذ تلهو بثورتي الحدودُ
فأخافُ على شاميةِ
وأغارُ من نوارةٍ في مصر.

وألعن العدو لعداوته
وألعن العدو
إذ أندمُ على لعنهِ
وأعود لالعن يقظتي
وأسأل:
"وعيسى إذ أحيا الموتَ معجزةٌ،
فكيف بمن يحيي البيتَ مراتٍ؟
وموسى إذ شق البحرَ منقذهم
فكيف بمن يشق الموتَ اقساما؟
ويبحر في صٌدفَه".

ربي،
اخفض لنا جناحَ الموتِ
من بلدٍ
ولتوقف المعجزات عن الصلاة لنا
ربي، لسنا أنبياء
فإننا كجلِ الورى
أهلُ الشرقٍ
أهلُ الغرب
لنا أمنية بالكؤوس المرفوعة
نخب العادية،

في الموت وفي الحياة
في العشق وفي اللهو وفي السهر
وفي العبث،
بها اكتمال الوطن سكينةً

عُبّاد الأرض هنا
معسولٌ بها لفظي،
اسم بإسم شعبي
الاه، لا حولَ ولا قوةَ
معجونٌ بها حلقي
"وطنُ"
أنادي
أنادي
وأتوكل.