شبكة قدس الإخبارية

محيط مار سابا إلى خزينة السلطة

شذى حمّاد

بيت لحم – خاص قدس الإخبارية: رغم ملكيتها الخاصة، قررت السلطة الفلسطينية ضم مساحات واسعة من أراضٍ محيطة بدير مار سابا في بلدة العبيدية إلى "خزينة الدولة"، دون إبداء أسباب واضحة حول ذلك، ما أثار ردود فعل غاضبة من أصحاب الأراضي، وخاصة أنه تم تجاهل ما قدموه من وثائق.

منسق لجنة أصحاب الأراضي في بلدة العبيدية، محمد ردايدة أوضح لـ قدس الإخبارية أنه منذ عامين وأصحاب الأراضي يقومون بالإجراءات اللازمة ويجمعون الوثائق المطلوبة التي تثبت ملكيتهم للأراضي، وتم التوصل لتسجل الأراضي بأسماء أصحابهم بناء على الوثائق المقدمة. وأضاف أن أصحاب الأراضي يمتلكون "إخراج قيد" من الحكومة الأردنية يعود تاريخها بين 1956-1958، "قدمنا في شهر آذار 2017 الأوراق كاملة لهيئة التسوية، إضافة لكافة الخرائط والأوراق بهدف تسجيل الأراضي، وفي 17 تشرين أول تفاجئنا بصدور قرار التسوية وجداول الحقوق التي لم تتضمن تسجيل مساحات واسعة من الأراضي بأسماء أصحابها". وأضاف أن المساحات التي لم تسجل بأسماء أصحابها بلغت 9872 دونما موزعة على ثمانية أحواض من أصل 12500 دونم، مشيرا إلى أن هذه الأراضي واقعة شرقي العبيدية محيطة بدير مار سابا، وقد سجلت في خزينة الدولة. وبين ردايدة  خلال حديثه لمراسلة قدس الإخبارية، أن مصادرة الأراضي دفع أصحابها للبدء بخطوات احتجاجية عاجلة، افتتحت باجتماع لأهالي البلدة ونشر بيان رافض في الصحف الفلسطينية، "تحويل الأملاك الخاصة إلى خزينة الدولة هو اجحاف بحق المواطنين، وخاصة أنها تسكن بها وتعمل بها على مدار السنوات الماضية". تحويل أراضي شرقي العبيدية لخزينة الدول طرح العديد من التساؤلات، فلماذا تحول الحكومة هذه الأراضي لخزينتها في هذا الوقت؟ وما الهدف من ذلك؟ هل تستطيع حمايتها من الاستيطان الذي يهددها؟ وما قد تفعل بها؟ يقول ردايدة، "نرفض هذا الاستملاك لأراضي واسعة العبيدية التي قدمت عشرات الدونمات للمشاريع العامة، وما زالت تستعد لتقديم أراضيها للاستفادة منها، ولكن نرفض ما جرى بتحويل ملكيتها إلى خزينة الدولة، ونلمس هنا خلل كبير بهذا القرار". وتابع، "على الدولة إعادة النظر بهذا القرار المجحف، وإعادة تسجيل الأراضي بأسماء أصحابها.. وحتى لو صدر قرار غير هذا، فالناس ستبقى في أرضها ولن تسلم له.. فنحن لن نرضى إلا الحق". ولفت إلى أنه سيتم عقد اجتماع مع ديوان الرئاسة خلال الأيام القادمة، مؤكداً على أنه تم تحضير كافة الوثائق والأوراق القانونية اللازمة التي سيتم تقديمها للسلطة. من جانبه، قال رئيس بلدية العبيدية ناجي ردايدة لـ قدس الإخبارية، "كل الأراضي لها أصحاب يعرفونها جيدا يرتادونها يوميا ويزرعونها.. وكلها يملك أصحابها بها أوراق قيد أردنية وفلسطينية"، مرجحا أن يكون الخلل ناتجًا عن اعتماد التعليم بريطانية للأراضي عام1934، وليس ما تم تسجيله في الحكم الأردني وبعد قدوم السلطة. وتبلغ مساحة بلدة العبيدية الإجمالية 92 ألف دونم، بينما لا يتجاوز مخططها الهيكلي سبعة آلاف دونم، لتعداد يبلغ 17 ألف نسمة. وأكد ردايدة أن هذه الأراضي تحوي بيوت شعر وبيوت قديمة وآبار مياه، "أصحاب هذه الأراضي يتواجدون فيها طوال الوقت، فنحن نعتبرها مناطق رعوية". وأشار ردايدة إلى أن البلدية والأهالي يقومون بإجراءات قانونية لمواجهة ما جرى، وقد عقدت عدة اجتماعات في البلدة لمناقشة ذلك، " القرار أثار غضب أهالي العبيدية، نحن الآن نتبع خطوات قانونية ولكن هذا لا يعني أنه تم السيطرة على غضب الأهالي". وأوضح ردايدة أنه لا يوجد سبب واضح لتحويل هذه الأراضي لملكية خزينة الدولة، وخاصة أنها تقع في تصنيف (ج) أي مهددة بالاستيطان من الاحتلال، "وجود صاحب الأرض فيها على مدار الوقت، وزراعتها هو ما يحميها من الاحتلال، إضافة لوجود الوثائق القانونية فيها"، لافتا إلى أن الموضوع المطروح معقد جدا وليس بسيط وقد يتم التصعيد من قبل أصحاب الأراضي. وعن الخطوات القانونية، بين أنه سيتم الطعن بالقرار أمام محكمة التسوية من خلال تقديم أصحاب الأراضي الاعتراضات، "نتمنى أن يتماشى ذلك مع الوضع الراهن ويتم قبول الوثائق التي قدمها الأهالي". ماذا تقول هيئة التسوية؟ رئيس هيئة تسوية الأراضي موسى شكارنة أوضح لـ قدس الإخبارية، أنه تم التوجه إلى منطقة مار سابا شرقي العبيدية لتسوية مساحات بلغت 12500 دونم، وتم تسجيل حسب الوثائق المقدمة 300 دونم باسم الدير، و3000 دونم باسم أهالي العبيدية بعد تقديم وثائق رسمية، فيما تم تسجيل البقية باسم خزينة الدولة. وقال، "حسب قانون التسوية، كل من لا يثبت حقه يتم تسجيله باسم خزينة الدولة، فمن قدم الأوراق القانونية فقد سجلت الأراضي باسمه، ومن لم يقدم فسلجت باسم الدولة حسب النص القانوني". ولفت إلى أن هيئة التسوية تلقت اعتراضات من أهالي العبيدية، بلغت عددها حتى الان ستة اعتراضات، "المجال ما زال مفتوحا أمام كل أهالي العبيدية لتقديم اعتراضاتهم، فمن له حق ورأى أنه انتهك فيستطيع التقدم للقضاء". وأوضح أنه تم النظر في كل المستندات القانونية التي قدمت بالسابق وما زالت تقدم، إلا أنه لا يتم التعامل مع كل المستندات التي تقدم، "نأخذ المستندات الصحيحة التي تؤكد الحق ونترك المستندات الأخرى" وأضاف، "الموضوع لا علاقة له بمناشدات وتدخلات، هو موضوع قانوني بحت، ونحن نحترم القانون ونطبقه"، مشيرا إلى أنه الدولة قد قدمت أيضا اعتراضاتها على الأراضي التي سجلت بأسماء الأهالي. وبين أن الموضوع سيخضع للتدقيق من قبل قاضي متخصص يسمى قاضي التسوية، مؤكدا على أن قرارات القاضي قابلة للاستئناف والاعتراض أيضا، "قمنا بعملنا بما نرتئيه صحيح حسب عملنا.. وقد توجهنا للأراضي وهي أراضي غير مستغلة وهي أراضي جرداء"، وهو الخلاف الذي يؤكد عليه أصحاب الأراضي.