منذ الساعات الأولى لمداهمة شركات الإعلام، بدأ الحديث عن قناة القدس كأحد القنوات المستهدفة من الإغلاق، بحثت في الصفحات الرسمية الصهيونية، عن قرار حظر القناة فلم أجد، وإنما وجدت في بيانات الجيش"أن القناة غير مرخصة للعمل في الضفة الغربية".
في الشهور الماضية ثار جدل بيننا وبين وزارة الإعلام حول ترخيص القناة وبعد مناقشة معهم أثبت من خلال الأوراق الرسمية، ترخيص القناة وعمل مكاتبها في فلسطين، من الحكومة الفلسطينية ذاتها، بوصفها صاحبة السيادة السياسية على مناطق (أ)، نطاق وجود مكاتب القناة.
إجراء الترخيص جاء مستندا لروح اتفاقية أوسلو، أن السلطة الفلسطينية، يقع على عاتقها تنظيم شؤون المجتمع الفلسطيني في هذه المناطق، عبر مؤسساتها المختلفة.
إذن أين الجديد؟...
الجديد، هو سعي الإدارة المدنية إحلال ذاتها، بديلا لسلوك السلطة التنظيمي عبر طلبها غير المباشر من القنوات، الذهاب وتقديم أذونات عمل في الأرض الفلسطينية، كما هو الحال في المناطق الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948، وهذا ما تدل عليه الصياغة، وبعض أحاديث مقربين منها.
يعني ذلك، أن بعض القنوات الإعلامية، وبعض المؤسسات، ستكون المقدمة، لتجاوز السلطة والذهاب لتنسيق عملها، مع الاحتلال مباشرة، يعني وفق ذلك إنهاء الدور الذي تقوم به السلطة على الأرض منذ نشأتها على الأقل في هذا الجانب.
المشكل الحقيقي، أن هذا الدور البين للاحتلال، لا تسعى السلطة الفلسطينية لإفشاله، عبر تبني الحالات، والوقوف في وجه هذا المخطط، الهادف لضرب كل مقوم من مقومات الإعلام الحر الخادم للقضية الفلسطينية.
هذا الموضوع قد يكون من يعنيه الأمر ليس مدركا لأبعاده، لكنه واضح لمن يتابع هذا الملف ويدرك حجم التطور الكبير في هياكل الإدارة المدينة خلال السنوات الثلاث الماضية على الأرض.
ما نوقنه نحن الإعلاميين، بأن مساحة تحركنا فلسطينية، وباعثها فلسطيني، وتكوينها فلسطيني، وبذلك، لن يسعى أي صحفي فلسطيني، مهما كان حجم الاضطرار لديه إلى تجاوز الفلسطيني والذهاب للاحتلال، لقبول عمله في الأرض الفلسطينية.
لكن في المقابل ماذا وفرت السلطة الفلسطينية من حماية للإعلام عبر احتضان هذه المؤسسات بوصفها الفلسطيني لا تبعيتها بحسب التصنيف الصهيوني؟!.
ما يجب عمله على الأرض للحفاظ على هيبة الوجود المؤسسي للسلطة الفلسطينية الآتي:
أولا: إعلان الإعلام الحكومي استضافة كافة المؤسسات الإعلامية المتضررة من الإجراء الصهيوني في مقراتها لحين انتهاء الأزمة.
ثانيا: تحويل موظفي هذه المؤسسات، تحت حماية وزارة الإعلام الفلسطينية، كجهة منظمة لعملهم القانوني في الأرض الفلسطينية.
ثالثا: إعلان مجلس الوزراء قرارا يعتبر فيه إغلاق مؤسسات الإعلام في الضفة الغربية، ماسا بالسيادة الفلسطينية، آمرة وفق ذلك مؤسسات الإعلام العمل عبر شبكة أمان تقيمها لها.
رابعا: تحرك نقابة الصحفيين عبر علاقاتها مع كافة المؤسسات الدولية والبرلمانات لأخذ مواقف رسمية لحماية حرية الصحافة.
للأسف حتى الساعة، لم تثبت أي المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، قيامها بتحركات، توازي حجم الكارثة التي حدثت، بل من يتابع ويراقب، يظن أن هذه الأوضاع بات مسلم بها، وما يتم حتى الساعة إجراء نظري لا يرقى لمواجهة الحالة.
هذا الواقع ينطبق على الحالة الاقتصادية والقطاعات المختلفة، السلطة عليها الإدراك، أن البساط يسحب زاوية زاوية، والمخطط الإسرائيلي يريد سلطة ديكور عام، لا يتحمل مطالبة بإقامة دولة، أو التأسيس لحضور مضمون فيه عناصر قوة تساند التوجهات للوصول للأهداف.
ما كتبته، أعتبره نسخة موجهة لسيادة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قيادة الأمن الفلسطيني، المؤسسات والوزارات المختصة في متابعة الإعلام في الأرض الفلسطينية.