من يتابع سلوك فتح في الآونة الأخيرة، يستنتج بأن بواعث تفجير المصالحة باتت أقرب إلى الواقع، عبر سلسلة قرارات، وتصريحات صادرة عن قيادات فتح والتي تخالف التوجهات الإيجابية التي شوهدت منذ إعلان حركة حماس عن حل لجنتنها الإدارية وإعلان قادة الحركة المضي إلى أبعد مدى لتحقيق المصالحة.
سعي لتفجير التفاهمات مع حماس، ليس استنتاجا نسوقه للحديث العام، لكن ما تشهده الساحة الفلسطينية نقف أمامه عبر شكل من التساؤلات أهمها:
أولا: من تابع تصريحات قيادة فتح في اليوم الماضيين وعلى الشاشة الرسمية تظهر حجم التشنج والتكرار في وضع سلاح المقاومة الفلسطينية على الطاولة.
ثانيا: إعلان السلطة الفلسطينية السعي لتجنيد قوات أمنية في غزة قبل جلوس اللجان الإدارية المختصة لبحث الحاجات والدمج من عدمها.
ثالثا: وضع ضوابط معقده وجدول زمني طويل لفحص التمكين للحكومة يدل على مماطلة وستأخذنا للتحشيد المتبادل.
رابعا: عدم قيام السلطة وفتح بأي خطوة حتى ولو صورية تدل على نية حقيقية باتجاه المصالحة.
خامسا: إصرار الحكومة والتنفيذية، والمركزية، والثوري على مضي العقوبات على غزة، دون تحريك ما لملفات الحصار والعقوبات على القطاع.
سادسا: المبالغة في الخشية مما وراء الاتفاق.
ما أعرفه، أن التخوفات لدى فتح كثيرة منها، الرأي الإسرائيلي الحذر من المصالحة، والموقف الأمريكي المتشعب في الملف، بالإضافة إلى تخوف من الرؤية المصرية للحل، عدا عن استحقاقات المصالحة الخاصة في قطاع غزة.
سؤال الساحة الفلسطينية بات حاضرا بقوة : هل ستقوم حماس بأخذ موقف حاد تجاه التصريحات والسلوكيات، أم أن ما يجري ضمن ما هو متفق عليه بين الجانبين خاصة في جوانب الخطوات الفيزيائية على الأرض؟.
على الأقل ما لدي من معلومات لا تشير الاتفاقية في مصر بين الجانبين حول ما تم وما يتم، كما لا يشير إلى تفصيل زمني يخص رفع العقوبات سوى دعوة الرئيس إلى ذلك، لكنها أي رفع العقوبات، استحقاق واجب كونه ارتباط بسلوك تم التراجع عنه.
الإجابة عن وموقف حماس، برأيي لن تبادر حماس برد على الأرض، يفجر الأوضاع والآمال القائمة، وإنما ستذهب تحت عنوان المثل (لاحق العيار لباب الدار لأجل).
هذا برأيي لن يدوم طويلا، خاصة حين الانتقال إلى ملفات، تتعلق بالملفات الكبرى، كالأمن والموظفين وحالات الدمج على الأرض.
كما سيبرز أيضا سؤال آخر عن دور مصر راعية الاتفاق: هل مصر معنية بتطبيق اتفاق يلزم السلطة وحماس النزول إلى رؤية تفضي لإنهاء الانقسام؟.
الإجابة باليقين مصر معنية بإنهاء الانقسام وفق رؤيتها، وما تريده من المصالحة، وما تسعى لتحقيقه منها في ملفات:
أولا: ضمان أمن سيناء واستقرار الحالة الأمنية في غزة.
ثانيا: تغيير في البيئة الأمنية في غزة بما يضمن حضورا قويا غير حماس في القطاع.
ثالثا: شق طريق للتغيير في سلم القيادة الفلسطينية ما يتيح لرجالاتها التنفذ على الأرض.
رابعا: توفير بيئة اتفاق تريح حلفاء مصر من الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة.
الخلطة المعقدة التي تتوجس منها فتح، وحماس، ومصر، يسعى كل طرف من الإطراف كسب متغيرات تخدم أهدافه.
السؤال، لو أرادت فتح أن تقتنص على الصعيد الوطني فرصة للمصالحة ماذا عليها أن تعمل؟
الإجابة ببساطة: على فتح الإدراك أنها في مأزق، وأن القضية الفلسطينية في مأزق لا تحسد عليه، شعرت فتح في ذلك أم لم تشعر.
فتح مقبله على استحقاقات خطيرة في ظل التطبيع العربي مع الكيان، ومقبلة على استحقاق خلافة الرئيس محمود عباس ولو بعد حين، ومقبلة على مطالبة بشكل نضالي يواجه مشاريع الاحتلال التي قوضت السلطة على الأرض.
هذه القضايا لا يمكن لفتح الإجابة عليها من غير حماس، كون الأخيرة، سيلزمها المأزق التي هي فيه في غزة، المضي بخيارات كثيرة، أحدها المضي بشكل ما لعلاقة مع مصر بعيدا عن السلطة الفلسطينية الأمر الذي كان له بعض البوادر هنا وهناك، والذي أثر عليه عوامل أهمها نتاج ذلك على الأرض من الناحية الوطنية.
الانفجار من عدمه هواجس نقرب فرضيتها مع كل مؤشر يظهر على الأرض، نضع الأيدي على القلوب كي لا يسقط أمل لا يتمنى الاحتلال حدوثه على الأرض.