شبكة قدس الإخبارية

استشهاد شعيبات يفتح ملف الاغتيال الطبي داخل سجون الاحتلال

هدى عامر

بيت لحم_ خاص قُدس الإخبارية: لم يكن رحيل الأسير المحرر زياد شعيبات ذو 55 عامًا، من بيت ساحور شرق بيت لحم، رحيلا عاديًا، بعد أن تم الكشف عن إصابته بمرض السرطان وصراعه معه لعدة شهور قبل أن يفارق الحياة.

تعرض الأسير شعيبات، وهو قياديٌ في حركة الجهاد الإسلامي، للاعتقال عدة مرّات على يد قوات الاحتلال قضى في مجملها 4 أعوام متفرّقة داخل السجون، كان آخرها في عام 2014 حين تم الحكم عليه بالسجن الإداري، وأمضى فيه سنة وأربعة أشهر.

خلال فترة سجنه الأخيرة عانى الأسير الشهيد شعيبات من آلامٍ في ظهره أثناء وجوده في معتقل عوفر، وهنا جاء الدور الخفي لسلطات الاحتلال ومصلحة السجون التي قامت بإعطائه أدويةً وعقاقير غير معروفة.

جمال حمامرة أحد أصدقاء الشهيد شعيبات، وتابع مراحل المرض معه، يقول في حوارٍ مع قدس الإخبارية، إن أبعاد القضية تعود إلى عام 2007، حيث أصيب شعيبات بغضروفٍ في عموده الفقري نتيجة ساعات الشبح الطويلة، التي كان يتعرض لها في معتقل المسكوبية.

يتابع حمامرة، "حين اعتقل في 2014 برز معه ألم الغضروف من جديد، حيث تم تحويله إلى عيادات سجن الرملة ثم إلى مشفى الرملة، التي استغرق فيها الطبيب هناك 3 أيام للحصول على موافقة لعلاج شعيبات، ومن ثم تم حقنه بـ4 حُقن على مدار 4 أيام، شعر بعدها الشيخ الأسير بارتياح ونشاط، عاد بعدها إلى سجنه".

يروي حمامرة، "بعد أسبوع واحدٍ فقط عاد الألم من جديد يدقّ في جسد الأسير شعيبات، وطلب الحصول على ذات العلاج الذي تلقاه في مشفى الرملة، لكن عيادة سجن عوفر رفضت بحجة عدم توافره، واكتفت بمنحه أدويةً وحقنًا من المسكّنات للألم".

بقي على حاله حتى أفرج عنه، ليكتشف بعد حصول اختناق في المريء أنه مصابٌ بمرض السرطان في المريء والمعدة، وتقرر استئصال أجزاءٍ منهما، في مشفى المطلع، ليعتقد الأسير والأطباء أن مرحلة العلاج قد اكتملت.

"لم تمر فترة قليلة حتى يتفاجئ الأسير شعيبات وأطباؤه بعدم اكتمال نمو المريء من منطقة استئصالها، ومكث في مرحلة العلاج 7 أشهر داخل مشفى "هداسا" الإسرائيلي، وتبين خلال تلك الفترة انتشار السرطان داخل جسده ليصل إلى الرئتين".

وبحسب حمامرة الذي كشف أن الحُقن التي حصل عليها شعيبات في مشفى الرملة ووفقًا للأطباء كانت تمنع التئام الجروح وتسبب انتشارًا كبيرًا للمرض في جسده، أنه لم يستطع الأطباء تحديد المرض أو الفيروسات التي كانت تنتشر بشكلٍ مفاجئٍ لدى الأسير!

حين اعتقل شعيبات في المرة الأخيرة وأثناء التحقيق معاه، قال له أحد ضباط مخابرات الاحتلال إنها "المرة الأخيرة التي ستسجن فيها، وقد أعطيتك عدة فرصة لتحيا حياتك بشكلٍ طبيعي لكنك لم تتعظ"، في إشارةٍ واضحة إلى وجود نيّة مبيّتة لدى الاحتلال لاغتيال شعيبات، لكنه اعتقد أنها مجرد تهديد وضغط نفسي إلى أن أصابه المرض وازدادت حالته سوءً ليتيقن أن تهديد الضابط كان مقصودًا!

عملية اغتيال!

أمّا أحمد داود صديق الأسير الشهيد فيقول إن، "الوضع الصحي للأسير زياد جيّدا، لكن وقبل خروجه من السجن بشهور بدت حالته الصحيّة تسوء، وحين عرض على عيادة السجن تلقى علاجًا مجهولًا هو والشهيد جعفر عوض، وهنا بدأت حالتهما الصحيّة تبدو في حالةٍ مشكوكٍ بها".

وبالعودة إلى شهر أبريل من العام 2015، فقد شهد العاشر من ذاك الشهر استشهاد الأسير جعفر عوض (22 عامًا) بعد 3 شهورٍ من الإفراج عنه، جراء تدهور وضعه الصحيّ بشكلٍ مفاجئ، حيث صرّح في حينه مدير نادي الأسير الفلسطيني بالخليل أمجد النجّار، أن عوض قتل بجريمة مبرمجة في إطار سياسة قتل الأسرى، مؤكدًا أن هناك علامة استفهامٍ كبيرة تطرح بقوة أمام قصص استشهاد المحررين بعد الإفراج عنهم بوقت قصير.

يؤكد داود لـ"قُدس الإخباريّة" أن الشهيد شعيبات تعرض لعملية اغتيال واضحة وبطريقة طبية على يد سلطات الاحتلال، حيث تم الكشف عن إصابته بمرض السرطان بعد استئصال جزءٍ من المريء، ليتبين بعد ذلك أن العمر الافتراضي الذي سيعيشه شعيبات من 6 شهور إلى سنة فقط!، وقد استشهد قبل أن يكمل العام، وفقًا لداود.

مدير مركز الأسرى للدراسات والناشط الحقوقي في قضايا الأسرى رأفت حمدونة، قال إن الاحتلال يمارس سياسة إهمال طبيٍ واضحة بحق الأسرى داخل السجون، متابعًا "ترفض سلطات الاحتلال إدخال طواقم طبية فلسطينية لمتابعة الاحوال الصحية للأسرى، وتتعمد تأجيل العمليات الجراحية لفترات قد تصل لأكثر من 5 سنوات، ناهيك عن سياسات العلاج والكشف الطبي التي يمارسها الاحتلال عن إصرار لقتل الأسرى إما داخل سجونهم أو بعد تحررهم".

يتحدث حمدونة لقُدس الإخبارية، عن قيام سلطات الاحتلال باستغلال الأسرى كحقول تجارب للأدوية، وهي سياسة ما تزال سلطات الاحتلال تمارسها برغم كل الأصوات الحقوقية التي تنادي بوقفها، كاشفًا عن وجود 1800 حالةٍ مرضية داخل السجون من بينها قرابة 180 حالةً مصابة بأمراضٍ مزمنةٍ كالسرطان.

مردفًا "هناك الكثير من الواجبات التي تقع على عاتق الفصائل والمؤسسات الحقوقية والطبية والإنسانية وحتى الجهات الإعلامية للسعي من أجل كشف جرائم الاحتلال وفضحها، والعمل على ملاحقته قانونيًا لوقف هذه الجرائم، خاصة وأن فلسطين أصبحت عضوًا في المؤسسات الحقوقية والقانونية الدولية".

وتعيد قضية الأسير شعيبات إلى الواجهة سياسة القتل الطبّي المتعمد الذي تمارسه سلطات الاحتلال بحق الأسرى، والتي استشهد على إثرها العشرات داخل السجون وخارجها، في ظل غيابٍ كامل للملاحقة القانونية للاحتلال الذي يعتبر المسؤول الأول والمباشر لكافة حالات الأسرى الذين استشهدوا جراء هذه الجرائم.