غزة-خاص قدس الإخبارية: يسعى المصاب لؤي النجار (29 عاما) من بلدة خزاعة جنوب قطاع غزة، لتحقيق ذاته على الرغم من إصابته التي أقعدته وأفقدته القدرة على الحركة، فقد خطى خطواته الأولى نحو المستقبل الزاهر بعزيمة جبارة وإرادة صلبة، فأنهى تعليمه الثانوي والجامعي وتزوج ولديه اليوم خمسة من الأبناء عبيدة وعبد الله وعلا وعمر وعيسى أكبرهم بعمر الستة أعوام.
فقد لؤي قدميه في العدوان الأول على غزة عام 2008، وخاض بدونهما تجربة صعبة على شخص تعود أن يجول مدينته دائماً، لكن إرادته كانت منبع القوة لديه، فاستطاع التغلب على هذه الأزمة بإيمانه أن القدر كتب له ما أصابه ولعله خير.
الإصابةتحدث لؤي لـ"قدس الإخبارية" عن حادثة إصابته، وقال: "إصابتي كانت في حرب عام 2008 في اليوم الثالث من شروع طائرات الاحتلال بإطلاق مادة الفسفور على المنازل، وكنا مجتمعين في المسجد لمساعدة الناس وإنقاذهم من القصف، وفي ليل ذلك اليوم كانت سيدة في منزلها تستغيث رمي على منزلها فسفور فخرجت أنا وزميلي لإنقاذها، ولكن في ساعات الليل المتأخرة كانت طائرات الاستطلاع تجول وأطلقت صاروخا نحونا، أصيب زميلي بجراح طفيفة وأنا فقدت قدماي".
ويضيف، "لم تكن إصابتي بسيطة فلقد أصبت بشظايا بالرأس أفقدتني الذاكرة وعاد نطقي بشكل كامل قبل فترة قصيرة، لكن إصراري وعزيمتي جعلتني أتغلب على ما أصابني، سافرت للسعودية للعلاج هناك قرر الأطباء تركيب طرفين صناعيين للقدم اليمنى المبتورة من تحت الركبة واليسرى من فوق الركبة، وتمكنت من التعود عليهما والمشي بهما خلال خمسة أشهر فقط".
عاد لؤي من رحلة العلاج التي استمرت عدة أشهر ليتزوج من قريبته هبة النجار التي لم تضع إصابته عائقا أمام إكمال هذا المشروع، وقالت لـ"قدس الإخبارية": "عندما طلبني للزواج لم أفكر بقدميه، ومر على زواجنا سبعة سنوات ولم أسأل نفسي لماذا تزوجته وهو بهذه الحالة، أراه إنسانا عاديا بل أفضل ما تتمناه أية زوجة، فهو مواظب على الصلاة ولا ينقص عني وعن أبنائي أي شيء، ويساعدني بكل أعمال المنزل وتدريس الأولاد وصيانة البيت ولا يجعلني أحتاج أحدا".
وتضيف، "أولادي سألوني مرة واحدة عن قدمي والدهم ومن بعدها تأقلموا مع الأمر وأصبحوا يلبسون والدهم طرفيه الصناعيتين ويحضرونهما له حينما يريد الخروج، وعندما يروه يلبس الأطراف يعرفون أنه سوف يخرج لمكان بعيد عن المنزل، أما بدون الطرفين يعرفون أنه بمكان قريب ويلتقطون له الصور حينما يعمل أي شيء".
وأنهت حديثها قائلة: "عندما يتقدم شاب لأي فتاة بهذه الحالة لا تفكر بإعاقته فأنا تغلبت على أسئلة الناس الكثيرة عن حياتنا وكيف أعيش معه، يعتقدون أن الإعاقة توقف حياة الشخص ولكني أقول الإعاقة هي إعاقة العقل وليس الجسد".
عمله الذي يحباعتاد لؤي على القيام بجميع أعماله لوحده وعندما تزوج حمل مسؤولياته كاملة، ولم يجعل للإعاقة مكانا في حياته، حيث يعمل مزارعا في أرض والده ويقضي وقته هناك بين الأشجار يزرع ويفلح ويعتني بها، ويعتلي السلالم بسهولة لكي يقوم بأعمال المنزل من صيانة ودهان وغيرها، ويقول: "أعمل في أرض والدي وأهتم بها دائما وفي جميع مواسم المحاصيل أجنيها وأصعد على السلالم لكي أقطف الثمار العالية، أو أصعد على الشجرة نفسها بكل سهولة، لم أجعل أي شيء يقيدني أبدا، بل دائما أكون موجودا في الأرض أهتم بها وأقوم بكل أعمالها".
ويضيف: "بعد العصر أكون في الأرض أنا وأطفالي نسقي المحصول ونزيل الأعشاب الضارة وننظف بين المحاصيل وعندما يأتي وقت الجني أكون أول شخص حاضرا، وأطفالي يحبون رؤيتي في الأرض بين الأشجار وفوقها ويلتقطون لي الصور دائماً، فهي تشغل وقتي الى حين أن أحصل على وظيفة دائمة".
الأمل الذي يصنعمن يتابع صفحة لؤي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" يرى في منشوراته كلمات الأمل والتفاؤل التي يرسلها لزملائه من ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث أوضح لـ"قدس الإخبارية" ذلك وقال: "عندما أذهب إلى أي مكان وأرى زملائي الذين هم بنفس حالتي، ومنهم من وضعه أفضل مني، أجد أن حالتهم النفسية صعبة جداً، يجلسون على الكرسي المتحرك يتحكم بهم ويقيدهم، لهذا أشجعهم وأبعث فيهم الأمل من خلال حديثي معهم، بالإضافة الى منشوراتي وصوري لأعمالي لكي يتعلموا ويكون لديهم إرادة في الحياة".