غزة – خاص قدس الإخبارية: الحصار الخانق وقلة فرص العمل دفعت الآلاف من سكان قطاع غزة إلى اتخاذ السياقة كمهنة لكسب رزقهم، وذلك رغم مخاطرها الصحية عليهم إلا أنها تبقى من وجهة نظرهم أفضل من سؤال العطايا من المحسنين.
فيخرج السائق في صباح كل يوم طلباً للرزق لكن يصطدم بعشرات العقبات والمشاكل دوما، والمتمثلة في تحرير مخالفات بحقه إضافة الحوادث أو الأعطاب التي تصيب السيارة وبعد استنزاف مبالغ مالية لسداد تلك الأمور تأتي رسوم الترخيص المرتفعة لتزيد الطين بلة.
وقد وصلت رسوم ترخيصها في قطاع غزة 2100 شيقل في السنة الواحدة، فيما يتم ترخيص نفس المركبة في الضفة المحتلة بـ 670 شيقلا، أما لدى الاحتلال الإسرائيلي فيتم ترخيصها بـ 1595 شيقلا.
مطالبات للتخفيف
صامد عزام (23 عاماً) والذي يعمل كسائق، يقول: "سنوياً أدفع 2100 شيقل كرسوم ترخيص لسيارتي، غير المخالفات المستحقة وغير المستحقة والأعطال التي تصيب السيارة الأمر الذي راكم علي الديون إلى أن قررت بيع سيارتي".
ويطالب عزام، سلطة الترخيص بتخفيض الرسوم وتوحيدها مع الضفة الغربية لمساعدته وغيره لكي يحافظوا على لقمة عيشه، نظرا للأوضاع الاقتصادية الصعبة والحصار الخانق المفروض على قطاع غزة.
ويشير إلى أن الشعب هو الضحية ويدفع ضريبة الانقسام التي فرضتها عليه الحكومتين في الضفة وغزة، ولذلك يجب أن يتم الإسراع في إيجاد حل لهذه القضية في أسرع وقت ممكن.
سبب الأزمة
من جانبه، يقول مدير سلطة الترخيص في الضفة الغربية فاروق عبد الرحيم: "إن سبب ارتفاع رسوم ترخيص المركبات في قطاع غزة هو الإجراءات التي يتخذها المسؤولون في غزة والمتمثلة برفضهم لتعليمات الشرعية الفلسطينية، إضافة إلى عدم التزامهم بقانون المرور الفلسطيني المعمول به".
ويؤكد عبد الرحيم خلال حديث خاص لـ"قدس الإخبارية" على أن الرئيس محمود عباس أصدر في العام 2008 قرار بتخفيض رسوم ترخيص المركبات الخصوصية مزدوجة الاستعمال التي تسير بوقود الديزل من 3000 شيقل إلى 1500 شيقل.
ويضيف "رسوم ترخيص سيارات الملاكي لا تتجاوز 850 شيقل هنا في الضفة، ومع مرور الزمن تقل الرسوم خمسون شيقلا فتصبح 800 ومن ثم 750 شيكل"، مشددا على عدم وجود أي مبرر لحكومة غزة يمنعها من الالتزام بقانون المرور الفلسطيني وخفض رسوم ترخيص المركبات.
وعن المحددات المتبعة لتحديد رسوم ترخيص المركبات، يوضح أن رسوم ترخيص السيارات يتم تحديدها حسب ما ورد في القانون الفلسطيني وحجم محرك المركبة سواء أكانت تعمل بوقود البنزين أو الديزل.
ويشير إلى أن عائدات رسوم الترخيص تعود إلى الخزينة العامة للدولة ويتم استقطاع جزئية منها لتحول للبلديات في نهاية كل عام.
وبخصوص المركبات الهالكة، يوضح أن وزارة النقل والمواصلات تجري فحوصات على المركبات فإذا زادت نسبة الضرر عن 75% يتم إتلافها دون رأي مالكها، مؤكدا أن القضية تتعلق بسلامة على الطرق وأرواح الأهالي.
يشار إلى أن عدد المركبات الموجودة في الضفة الغربية لا يتجاوز 350 ألف مركبة.
قرار لتعميق الانقسام
من جهته، يؤكد الناطق باسم وزارة النقل والمواصلات في غزة محمود ياسين، على عدم وجود أي ارتفاع في رسوم ترخيص المركبات في قطاع غزة، مبيناً أنه منذ قدوم السلطة حتى تاريخه هي رسوم واحدة وذلك حسب القانون رقم 5 الذي صدر في العام 2000.
وينص هذا القانون على أن سيارات الملاكي التي تسير على وقود الديزل تدفع 3000 شيقل كرسوم ترخيص سنوياً وتم إصدار قرار بتخفيض الرسوم بنسبة 30% فأصبحت 2100 شيقل.
وفيما يتعلق بقرار عام 2008، يبين أن كافة القرارات التي صدرت في ذلك العام جاءت لتعميق الانقسام، مشدداً على أنها قرارات سياسية غير مرتبطة بمصلحة غزة.
ويلفت إلى أن وزارته لا تستطيع إصدار قرار بخفض الرسوم لذلك طالبت حكومة الوفاق بتوحيد الرسوم بين الضفة وغزة أو حتى تكون أقل في غزة، ولكن لم تتحصل على رد حتى الآن.
وعن اتخاذ قرار خلال حكم الحكومة برئاسة رئيس الوزراء السابق إسماعيل هنية، يقول "إن الرسوم كان معمول بها في وقتها بشكل طبيعي ولم تكن هناك أي إشكاليات وكانت المعابر مفتوحة والاقتصاد ممتاز في قطاع غزة لكن بعد حكومة الوفاق اشتد على غزة الحصار".
ونوه إلى أن سيارات الملاكي الديزل في قطاع غزة عددها قليل جداً ومعظمها تحول إلى عمومي داخلي ومكاتب تاكسيات لنقل الركاب بأجر، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع رسومها مقارنة مع سيارات العمومي الرسمية.
تسهيلات ومراعاة
وعن التسهيلات التي تقدمها دوائر الترخيص، يبين أن جميع الدوائر تعطي مالكي السيارات إمكانية تقسيط الرسوم ليدفع كل ثلاث شهور جزئية، وذلك مراعاةً للظروف الاقتصادية إلى أن يتم اتخاذ قرار بتخفيض الرسوم.
وفيما يتعلق بتخفيض رسوم المركبات بعد مرور عدة سنوات، يشير إلى أن هذا الأمر خاص بالضفة وهناك اختلاف كبير بين القوانين والإجراءات المعمول بها في الضفة وقطاع غزة في موضوع الرسوم وغيرها ونحن في غزة حسب القانون مستمرون بنفس الرسوم.
وعن آلية التعامل مع المركبات الهالكة، يلفت إلى أن وزارته ترفض تجديد رخصة أي مركبة إلا بعد دخولها نظام الفحص وبعد ذلك يتم تقرير إما يستمر عملها أو إهلاكها، ويتم فحص المركبات كل ستة شهور للتأكد من صلاحيتها.
ويوضح أن الوضع الاقتصادي الذي يمر به قطاع غزة يدفع باتجاه عدم إهلاك المركبات فإذا كانت المركبة صالحة للسير يتم تجديد ترخيصها فورا.
ويؤكد أنه لا يوجد في قطاع غزة مركبة متهالكة أكثر من 70% والأعطال الموجودة في بعض المركبات لا تصل إلى هذه النسبة ولا تشكل أي خطر على حياة المارة.
توحيد الرقم
في حين، قال المحلل الاقتصادي ومدير العلاقات العامة والإعلام في الغرفة التجارية بغزة الدكتور ماهر الطباع، إن الهدف من توحيد رقمي رسوم ترخيص المركبات في الضفة الغربية وغزة هو إظهار مدى الظلم التي يتعرض له المواطن في قطاع غزه وأنه هو من يدفع ثمن الانقسام الفلسطيني.
وبين الطباع لـ "قدس الإخبارية"، أن نسبة معدلات البطالة في قطاع غزة يصل إلى 41.1%، بينما ترخيص السيارة يكلف 2100 شيقل، والنسبة في الضفة الغربية تصل إلى 18.8% إلا أن رسوم الترخيص لا تزيد عن670 شيقلا فقط.
ولفت إلى أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة 1050 دولار و في الضفة الغربية 2200 دولار، موجهاً تساؤله للحكومة في غزة عن سبب بقاء رسوم ترخيص السيارات مرتفعة في غزة.
وأضاف أن "بقاء رسوم الترخيص مرتفعة في قطاع غزة يعتبر قمة الظلم ويجب تعديله في أسرع وقت، وذلك للتخفيف ولو بشكل قليل عما يعانيه سكان القطاع من ضغوطات وخناق مستمر".