قلنا إن مبادرة حماس للوحدة والمصالحة مهمة وضرورة سياسية تتطلبها الحالة الفلسطينية، وفي نفس الوقت قلنا إن هذه الخطوة من قبل حماس مضيعة للوقت ولن تجدي نفعا كوننا ندرك الردود الجاهزة من قبل حركة فتح (جناح محمود عباس) والتي وصفت مبادرة حماس مرة باحتوائها شروطا تعجيزية، ومرة أخرى بوصفها استهبالا سياسيا، وأخيرا جاء الرد الرسمي على لسان محمود عباس بشكل غير مباشر من خلال خطابه الذي جاء تحت شعار (القدس تنتصر) والذي أكد فيه استمرار الإجراءات الإرهابية ضد المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة تحت حجة أن هذه الأموال التي ينفقها محمود عباس (كذبا) على قطاع غزة هي حرام على حركة حماس، وكأن الرجل يدفع من خالص ماله الذي ورثه عن أبيه، علما أن هذه الأموال حق خالص للشعب الفلسطيني يسرقها محمود عباس.
ولعل الجملة الأخطر والتي لم يلتفت لها الكثيرون وخاصة حركة حماس أو تغافلت عنها ولم تعلق وهي المتعلقة بالكهرباء والتي احتوت على كذب وتحريض، الكذب هو أن المواطن يتلقى ساعتين من الكهرباء وبيوت القادة 24 ساعة، والتحريض عندما يقول إن هذه الكهرباء تنير أنفاقهم 24 ساعة، لن أعقب وأترك الأمر للقارئ كي يدرك نوع هذا التحريض الواضح على المقاومة، فأنفاق المقاومة يبدو أنها تقلق عباس أكثر مما تقلق الصهاينة، والجميع يعلم مدى القلق والانزعاج من قبل الصهاينة من أنفاق المقاومة، وكم من الخطط وضعت لمواجهتها، وكم من المال رصد لذلك.
عباس من الواضح بأنه لن يستجيب لأي نداء من أي جهة كانت ولا يريد الاعتراف بالأخطاء التي يرتكبها بحق الشعب والقضية والتي أوصلتنا إلى حالة الانقسام ليس بين فتح وحماس بل بالانقسام في قلب حركة فتح وتشظيها إلى فرق وليس فريقين حتى الموالين لعباس منقسمون ومختلفون ومتصارعون على من سيكون خليفة عباس، وهذا الصراع جزء منه ظاهر على السطح والجزء الآخر تحت الرماد.
ما قدمته حماس لاقى ترحابا من غالبية القوى والفصائل الفلسطينية والتي رأت فيها خطوة متقدمة لإنهاء الانقسام إلا محمود عباس وفتحه هاجمت ما قدمته حماس من خطوات لإنهاء الانقسام، وهذا الموقف من فتح عباس لم يكن مستغربا وقد تحدثنا فيه كثيرا وخلاصته أن القانون الذي يحتكم له عباس هو قانون فرعون (لا أريكم إلا ما أرى، وأنا ربكم الأعلى).
طالما هذا هو محمود عباس، فإلى متى سنبقى نجري خلف محمود عباس، ألم نصل بعد إلى قناعة تقول إن محمود عباس لا يريد مصالحة ويريد التفريط بالحقوق والثوابت ويريد أن يبقى متفردا في كل شيء ويخطف الشعب والقضية لصالح الاحتلال الصهيوني.
أما آن الأوان لنقول جميعا لعباس (كش ملك) ويعمل الجميع على تشكيل قيادة وطنية فلسطينية كان فيها عباس أو لم يكن كونه بات لا يمثل كل حركة فتح ناهيك عن فقدانه لشرعية التمثيل للشعب الفلسطيني؟، هذه القيادة الوطنية أو الجبهة باتت هناك ضرورة لتشكيلها وتقوم بعملها وفق إستراتيجية سياسية فلسطينية قائمة على الشراكة السياسية وتحمل الجميع المسئولية الوطنية في حمل القضية وعدم الارتهان لمحمود عباس.
هذه المرحلة تحتاج إلى من يأخذ زمام المبادرة وأن لا يتحسس من نتائج قد لا تكون محسوبة العواقب، لأن الانقسام منهج محمود عباس والتفريط وسيلته، فلماذا لا يتم إنقاذ المشروع الوطني؟، التخوفات أمام الإرادة الفلسطينية ووحدة الموقف ستزول طالما أن هذا هو خيار الشعب الذي تمثله كافة القطاعات لا محمود عباس.