شبكة قدس الإخبارية

أوروبا: حماس إرهابية.. فهل فشلت وثيقتها الجديدة؟!

٢١٣

 

هيئة التحرير

غزة - خاص قدس الإخبارية: لا يبدو أن وثيقة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الأخيرة التي صدرت قبل شهور بسيطة ستغير كثيرًا في طبيعة التعامل الأوروبي تجاه الحركة التي تدير شؤون القطاع منذ نحو عشر سنوات، بعد قرار المحكمة الأوروبية الإبقاء عليها ضمن قوائم الإرهاب بالرغم من وجود توصية من قبل البرلمان الأوروبي بشطبها من القائمة.

وعلى عكس ما تنبأ الكثير من المحللين والخبراء السياسيين بإمكانية تغير التعامل الأوروبي والدولي تجاه الحركة جاء القرار ليشكل الصدمة الأولى للكثير من عناصر وكوادر الحركة بإمكانية إحداث اختراق في جدار السياسات الأوروبية وصولاً لإزاحة أحد أكبر التنظيمات الفلسطينية عن قوائم الإرهاب.

ففي الوقت الذي استغربت فيه الحركة على لسان القيادي فيها وعضو المجلس التشريعي عن كتلتها البرلمانية يحيى موسى وضعها على قائمة الإرهاب الأوروبية في ضوء وثيقتها الجديدة التي تتضمن شرحًا واضحًا ومحاولة كشف الأكاذيب الإسرائيلية عنها وعن المقاومة الفلسطينية، رأي كتاب ومختصين أن وثيقة الحركة الجديدة لن تفلح في إحداث اختراق حقيقي في ظل الانحياز الواضح للاحتلال.

غير مستهجن

وقال موسى لـ"قدس الإخبارية" إن القرار خرج بعد وثيقة المبادئ الأخيرة للحركة وهو ما لا يتسق معها وهو مستهجن ومرفوض، لافتًا إلى أن حركته كانت تتوقع أن تسير الأمور خلال الفترة الماضية نحو رفعها عن قائمة الإرهاب لا سيما بعد توصية البرلمان الأوروبي بذلك.

وشدد القيادي في حماس على أن حركته ستعمل على فحص فحوى القرار الأخير الصادر عن المحكمة وستتخذ كافة الإجراءات اللازمة من أجل الدفاع عن شرعيتها، مؤكدًا على أن الوثيقة ليست موجهة من أجل هذا القرار إلا أنها تريد أن تعكس الوجه الحقيقي للحركة وللمقاومة الفلسطينية المنسجمة مع القانون الدولي والإنساني.

وأضاف موسى لـ "قدس الإخبارية"، "هذه الوثيقة حتى تأتي بالنتائج المطلوبة تحتاج إلى عمل وجهد كبير ومعلوم أن النظام الغربي هو النظام الذي احتضن الاحتلال الإسرائيلي ولا زال هذا النظام يعتبر أن دول الكيان هي مشروع غربي وهي مشروع يخدم الفكرة الغربية والاستعمارية".

الضغط الأمريكي

من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح بنابلس عبد الستار قاسم إن الدول الأوروبية ليست مستقلة وتخضع للضغط الأمريكي الذي يمرر ما يشاء ويمارس الإرهاب ويدعم الاحتلال الإسرائيلي الذي يعتبر وفقًا للقوانين والأعراف الدولية والأممية "إرهابًا حقيقيًا".

وأوضح قاسم لـ "قدس الإخبارية" أن القرار يجب أن يرسخ قناعة ثابتة لدى التنظيمات الفلسطينية بعدم تقديم أي تنازلات لصالح الدول الأوروبية، لأن هناك استحالة في كسب رضاها إلا عبر الارتماء في أحضان الاحتلال ومن ثم سيقدمون مقابل ذلك المساعدات والاستثمارات المالية فقط.

وأشار قاسم إلى أن الوثيقة الجديدة لحماس لم تأتي بجديد إلا أنها عرضت صورة الإسلام المتسامح بالإضافة إلى إمكانية القبول في دول على حدود 1967 دون الاعتراف بالاحتلال وفي إطار توافق وطني داخلي وهو ما لا يلبي الأهواء الأوروبية.

ولفت إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان أول من قبل بذلك حينما تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قمة الرياض عن حركة حماس واتهامها بشكل صريح وواضح أنها إرهابية وكان أولى من صفق وقبل بهذا الاتهام دون محاولته رفضه.

وتابع قاسم لـ "قدس الإخبارية"، "حماس لم تكن يوما إرهابية ولا تنطبق عليها معايير الإرهاب وهي حركة مقاومة تحريرية تعمل على استعادة الحقوق الوطنية الثابتة وهذا ما يشرعه القانون الدولي لكن الذين لا يمارسون الشرعية مثل الأوروبيين والأمريكان يعتمدون على قوتهم التي تجيز لهم انتهاك المعايير الدولية".

قرار طبيعي

في ذات السياق، رأي الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن المستغرب هو ليس القرار الأوروبي الأخير الصادر عن المحكمة بقدر حالة التفاؤل بأن تساهم الوثيقة الأخيرة الصادرة عن حركة حماس في رفعها عن قوائم الإرهاب، بالرغم من أنها من الممكن أن تساهم في تعزيز قنوات الاتصال التي كانت قائمة بين قوى في الاتحاد الأوروبي وبين الحركة.

وبين عرابي لـ “قدس الإخبارية" أنه لا يمكن القول إن الوثيقة الأخيرة لم تكن مفيدة لكن أوروبا تحاور حركة حماس وهي ضمن قائمة الإرهاب وفي أوقات كانت الحركة تمارس فيه العمل المقاوم بشكل مفتوح وواسع، لافتًا إلى وجود نفوذ إسرائيلي كبير لدى الحكومات الأوروبية غير المعنية بالصدام معها حاليًا.

وشدد عرابي على أن جزء أساسي من القضية الفلسطينية يقوم على الصراع القانوني وهو ما يحتم على حركة حماس العمل والسعي الدائم لتحقيق اختراق في هذا الجانب بالرغم من الصعوبات كونها توضع في خانة تنظيمات وجماعات إرهابية ترفض الحركة ذاتها أعمالها.

وأكد عرابي خلال حديثه لـ"قدس الإخبارية" على أن إزالة حركة حماس من قوائم ولوائح الإرهاب الأوروبية مفيد شريطة ألا يؤدي ذلك إلى انتزاع مواقف سياسية أو يؤدي بها إلى تقديم تنازلات، مبينًا أن شروط الرباعية التي كانت توضع في طريق حماس تم تجاوزها في بعض الأحيان لا سيما وثيقة بلير التي لم تطلب حماس بإلقاء السلاح أو الاعتراف بإسرائيل.

وبشأن عدم تلبية وثيقة حماس الأخيرة للشروط الأوروبية وعلاقتها بالقرار الأخير، علق عرابي بالقول: "إذا كانت حماس تريد أن تقدم نفسها بديل سياسي عن حركة فتح بالتأكيد لن تكون هذه الوثيقة كافية، ولو قدمت تنازلات لن تصل إلى المستوى الذي قدمته فتح لخيار التسوية والمفاوضات".