شبكة قدس الإخبارية

محمد.. اسم جديد في قائمة شرف الدفاع عن القدس

حذيفة جاموس

أن يمر يوم الجمعة ولا تخرج مظاهرة في أبو ديس فهي مشكلة، وكيف يكون الوضع في يوم جمعة الغضب للأقصى؟، خرجت الجموع بأعداد كبيرة اتجهت نحو معسكر قوات الاحتلال الإسرائيلي علي أراضي بلدة أبو ديس وبدأ الشبان يقذفون الحجارة والزجاجات الحارقة وإطلاق الألعاب النارية تجاه المعسكر.

لم يعلم أحد من المنتفضين أن الملثم بالقناع الأسود والقميص الأسود أيضا هو شهيد اليوم.

هجمت قوات الاحتلال بشكل مسعور على جموع الشبان المنتفضة وبوحشيه معتادة أمطروا الشبان بقنابل الغاز المسيل للدموع، لكن الشبان ولخبرتهم علموا أن الريح في صالحهم فأعادوا كل قنابل الغاز.

انسحب الجيش... ثم عادوا يطلقون الرصاص الحي في كل اتجاه على كل ما يتحرك، إصابة بالقدم.. إصابة بالركبة، شاب أغمي عليه، ولكن لم يرى الشبان مكان إصابته!.. حُمل الملثم على أيدي الشبان ونقل للمركز الطبي، وأوصى الأطباء بنقله لخطورة وضعه الصحي.

عاد محمد شهيداً

الدموع لا يوقفها حد، الصراخ والنحيب لا يكتمه شيء، لم تكتمل فرحة نجاحه في الثانوية العامة.

تدخل أم الشهيد منزلها بعد أن عادت من المستشفى، مئات النساء في المنزل، تغرد واحدة "لو مسكتوا أمه ما صار فيه هيك".

لم تكن الأم في وعيها ولكنها توقفت لحظة وأدارت وجهها للصوت: "ابني ربيته أحسن ترباية، وما حدا قدم لابنه زي ما قدمت".

وأنا أرد مفترضا: إن هذا قدرا الله أولاً، وإن تربية الأبناء على حب الوطن لهو فخر وعزة!.

بدأ الشبان يستذكرون لحظاته الأخيرة بدموع منسابة، وبدأوا بتأويل القصص لتصبح قصص مودع لهذه الحياة.. أو قصص من لم يكن يتشبث بالحياة!... توقفوا قليلاً.

محمد أحب الحياة كثيرا، درس ونجح بمعدل جيد جداً، وكان مبتسما رقيقا، سجل في الجامعة واستعد لها!.. لم يكن يريد الموت، بل الشهادة اختارته.

تسمعها في كل جنازة، في تشييع! لم يكن ابن الدنيا!، ولماذا؟! أليس لنا الحق أن نكون أبناء الدنيا!!...

سارت جموع مهيبة شبانا وشيوخا ونساء وأطفالا، حملوا نعشه وحلم غده، آماله وابتسامته الرائعة، وطيبته... شيعوه مرددين "جيش محمد بدأ يعود".

عاد والد الشهيد من المقبرة مشيا على الأقدام، يجر حزنه وآلامه على شهيد رحل، وأمل ذهب، والدمع البائس في عينيه، يعلم أن دمعه لن تعيد فقيدة، فيتوقف عن البكاء لتباغته موجة من الدمع المتفجرة تعيده متنهدا باكيا، تكرر المشهد مرات عده!..

أفترض أنه كان يقول أشياء كثيرة، وأهمها التي كانت تهدئ روعه "كلنا للوطن!".

رحل الشهيد، وروى بطهر دمائه الأرض والروح والوطن، ولكن!.

هل يكون رحيل الشهيد أبديا؟!، هل يكون رحيل بلا إعادة حق، وهو المنتفض من أجل الحق في حياة كريمة؟!.. أين هي القيادة السياسية؟!..

وسؤال عرضي: أين أبناؤكم؟، هل يعيشون هنا أم في رغد أوروبا؟!.. أين هم؟!.. أم أنتم أيقنتم أنكم طارئون على هذه الأرض، وستخرجون بخروج احتلالها فأرسلتم أبناءكم بعيداً عنها؟!.

القصة حقيقة، والأسئلة من عقل مقهور مكلوم!...