رام الله - قدس الإخبارية: يستلقي الفلسطيني رزق أبو نعيم (61 عاماً)، في ظل شجرة صنوبر يفوق عمرها المائة عام، وبجواره قطيع من الأغنام، في يوم حار بلغت حرارته نحو 40 درجة مئوية.
يحرس "أبو نعيم" قطيعه من اعتداءات المستوطنين، التي تطال مزارع وسكان بلدته "المغيِّر"، الواقعة على بعد 22 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من مدينة رام الله، وسط الضفة المحتلة.
ومنذ سنوات تتعرض "المغيِّر" لاعتداءات المستوطنين، لكن زادت حدتها في الأشهر الأخيرة.
يشير الفلسطيني إلى تل قريب، قائلا:" هناك يقطن عدد من المستوطنين المتطرفين، يمارسون هوايتهم بالاعتداء على المزارعين والحقول".
وشيّدت قبل نحو عشر سنوات بؤرة استيطانية على أراض فلسطينية أطلق عليها اسم "عادي عاد"، يسكنها عشرات المستوطنين المتطرفين.
ويقص "أبو نعيم" الذي يملك نحو 180 رأسا من الأغنام والخراف، حكايته اليومية ومعاناته مع المستوطنين، قائلا:" يحرقون الأراضي قبيل موسم حصاد القمح، ويقطعوا أشجار الزيتون، ويقتلوا الخراف رميا بالرصاص". يشير إلى فخده الأيمن ويتابع:"
قبل نحو عام هاجم مجموعة من المستوطنين الحقول الزراعية، كنت برفقة أحد المزارعين، أطلق مستوطن النار علينا من مسافة قصيرة وأُصبت في فخذي الأيمن برصاص حي".
ويمضي المزارع أبو نعيم نهاره في جبال بلدته خلف قطيعه، واصفا حياته بالقول:" نعيش في ظل ضغط نفسي وعصب كبير، في كل لحظة قد نتعرض للاعتداءات، لكننا باقون، هذه أرضنا".
ويحيط في بلدة "المغيِّر" مستوطنتين ومعسكرا لجيش الاحتلال، وطريق استيطاني، فصل جُل أراضي البلدة عنها.
وتعد أراضي بلدة المغيِّر المطلة على غور الأردن شرقي الضفة الغربية خصبة، تزرع بالزيتون واللوز، والعنب.
وحوّل مستوطنون أراضٍ فلسطينية استولوا عليها لمزارع عنب، وخوخ.
بدوره، قال أمين أبو عليا، رئيس مجلس قروي المغيِّر، إن "الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه يشكلون معيقا رئيسيا لتطور بلدته، التي يسكنها نحو 4 آلاف نسمة".
وذكر أن جيش الاحتلال يضع الحواجز العسكرية على مداخل البلدة، ويمنع الأهالي لعدة ساعات من الدخول أو الخروج بحجج أمنية "واهية".
وأضاف:" يعتمد السكان على الزراعة وتربية الأغنام، وبفعل مضايقات الاحتلال وتقليص مساحات الأراضي المسموح دخولها، انخفض عدد الأغنام من 15 ألف رأس غنم إلى 3 آلاف رأس فقط خلال العشر سنوات الأخيرة".
وقال :"90% من أراضي البلدة، إما ممنوع الدخول إليها، أو مناطق عسكرية خطرة، بفعل تدريبات الجيش الإسرائيلي، أو تم السيطرة عليها لصالح المستوطنات".
يقف "أبو عليا" على تل قريب من بلدته، ويشير بيده نحو نقطة عسكرية لجيش الاحتلال قائلا:" داخل النقطة العسكرية يقيم مستوطن إسرائيلي يربي مئات الأغنام، يعتدي على الحقول الزراعية وينهبها، وتدمر أغنامه الحقول، يسمح له بالرعي أين ومتى يشاء بحماية الجيش".
ويضيف:" نُمنع من استغلال حقولنا، تُغلق بلدتنا، يُهدد المزارعون بالاعتقال، ونمنع من بناء المنازل خارج مخطط البلدة الذي بات لا يتسع لعدد السكان".
وأوضح رئيس المجلس أن نحو 11 منزلاً مهدداً بالهدم بحجة البناء دون ترخيص في المناطق المصنفة "ج" حسب اتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
وتعاني بلدة "المغيِّر" من نقص في البنية التحتية، أرجعه "أبو عليا" إلى "ممارسات الاحتلال".
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 أغلقت المدخل الرئيسي للبلدة وجرفته، ومنعت إعادة تأهيله لسنوات عديدة.
وتابع:" جيش الاحتلال يداهم البلدة ويطلق الرصاص الحي، وقنابل الغاز المسيل للدموع تجاه السكان، وتندلع المواجهات بشكل شبه يومي".
وتعرض مسجد البلدة للحرق من قبل المستوطنين قبل نحو عامين، وخطوا عليه شعارات مسيئة للدين الإسلامي وللعرب.
إلى الغرب من البلدة، تواصل آليات حفر إسرائيلية على تسوية جبال يملكها أهالي "المغيّر وترمسعيا وقريوت"، لبناء عشرات الوحدات الاستيطانية.
ويعد الاستيطان في الضفة، عقبة رئيسية أمام المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وفي إبريل/ نيسان 2014، توقفت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، بعد رفض الاحتلال وقف الاستيطان والإفراج عن معتقلين فلسطينيين أمضوا سنوات طويلة في السجون الإسرائيلية.
المصدر: وكالة الأناضول