شبكة قدس الإخبارية

حل الدولة الواحدة بين الماضي والمستقبل.. فهل يعود مجددًا؟

محمد سكيك

فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: لم يكن خيار حل الدولتين وحيدًا على الساحة السياسية الفلسطينية والدولية أيضًا، خاصة بعد تقديم مقترحٍ قديم جديد ينسف آمال السلطة الفلسطينية التي فاوضت بشأنها لسنين طويلة، حيث برز خيار "الدولة الواحدة" كحلٍ بديل يقوم على الاندماج والمواطنة أو ثنائية القومية، إلّا أنّه يحتوي العديد من المغالطات التي تدفع الفصائل الفلسطينية إلى رفضه.

ويُعنى مصطلح "الدولة الواحدة" إحدى الصيغتين، فإما الاندماج الكامل في دولة واحدة على أساس المواطنة بجهاز دولة واحد يستغرق مواطنيها كافة، أو دولة ثنائية القومية تقوم على معادلة وسطى بين الفصل والاندماج" فهل توافق فصائل الشعب الفلسطيني على هذه الصيغة؟

الدولة الواحدة في الماضي

صاغ الحزب الشيوعي الفلسطيني موقفه في العام 1944 موقفه بالدعوة للتطور الديمقراطي لفلسطين والتحرر من التأثيرات الخارجية في ظل دولة واحدة، بالمقابل نادت عصبة التحرر الوطني التي ضمت الشيوعيين العرب في العام نفسه "بانهاء الانتداب البريطاني واقامة حكومة ديمقراطية فلسطينية مستقلة".

ومن الحركات السياسية الفلسطينية اللاحقة التي أعلنت أن الوصول إلى حل الدولة الديمقراطية الواحدة هو ضمن أجندتها: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، كما قدمت حركة فتح أجندة بعنوان "الدولة الديمقراطية العلمانية" في السبعينات من القرن الماضي، واعتبر الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة أحمد جبريل أن الحل المعقول هو إقامة دولة واحدة، بالإضافة إلى مجموعات وأفراد آخرين على مر التاريخ الفلسطيني.

مواقف وتحذيرات

الجبهة الديمقراطية وعلى لسان عضو مكتبها السياسي طلال أبو ظريفة، حذّرت من التعاطي مع أي حلول تتناقض مع الشرعية الدولية ومع حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه وتقرير مصيره، مؤكدة أن أي حل يتنقص من ثوابت شعبنا لا يمكن لأي فلسطيني أن يقبل به.

وشددَّ أبو ظريفة خلال حديثٍ لـقُدس الاخبارية، أن فكرة قيام دولة فلسطينية غير واردة لاعتبارها مصدر تهديد لدولة (إسرائيل)، مؤكداً أنه لا يمكن قبول فكرة وجود دولة واحدة يتعايش فيها العرب واليهود.

وقال "لا يمكن لأي فلسطيني أن يقبل بحل الدولة الواحدة في ظل ممارسة الاحتلال لسياسة التمييز العنصري"، معتبرًا الحل بأنه مخالف لقرارات الرباعية الدولية بإقامة دولة على حدود الـ67 وعاصمتها القدس".

لكن أبو ظريفة بيّن أنه حتى في ظل ممارسة الضغوط الإقليمية والدولية على السلطة للعودة لمربع المفاوضات مع المحتل فإن ذلك يعني أن الاحتلال هو المستفيد الأول، مبيناً أن الجبهة لا تعول على المواقف الأمريكية والتي تتبنى برئاستها الجديدة للرواية الاسرائيلية بشكل كامل.

وبخصوص دور مصر وتأثيرها على ذلك، أشار إلى أن مصر تحاول الدخول على خط التسوية ولكن على منظور مختلف عن منظور الاحتلال، داعياً إياها للتمسك بحقوق الشعب الفلسطيني ودعم حل الدولتين.

رفض واضح

موقف حركة حماس على لسان الناطق باسمها حازم قاسم كان واضحاً بالرفض الواضح والصريح حيث قال إن "تغير الظروف الإقليمية والأوضاع التي تمر بها الأمة العربية لا يعني أننا نفرط في شبر واحد أو أي حق من حقوق شعبنا أو الثوابت الفلسطينية".

ودعا قاسم خلال حديثه لـقُدس الإخبارية، السلطة الفلسطينية إلى الالتفات إلى شعبها وإلى فصائل المقاومة والمشاركة في البرنامج المشترك لاستعادة كافة حقوق الفلسطينيين، مؤكداً أنها ستحقق فائدة من الموقف الفصائلي أكبر من العمل السياسي مع الاحتلال.

وبين أن الحل يكمن في وجود برنامج فلسطيني موحد متفق عليه يمثل الثوابت الفلسطينية ويعتمد المقاومة بأشكالها وعلى رأسها المسلحة لاسترجاع الحق الفلسطيني بالكامل، مؤكداً أن استمرار سياسة التنسيق الأمني وتفريط السلطة بالثوابت الفلسطينية ومقابل ذلك تنكر الاحتلال لحقوق الفلسطينيين يجعلها غير مؤهلة لقيادة الشعب الفلسطيني.

وأضاف، "نحن نؤكد أن أي تعاطي للسلطة مع أي صيغة للقضية تمس بحقنا الكامل في فلسطين لن نقبل به إطلاقاً، وردنا الأساسي هذه الهرولة للسلطة هو تمسكنا بكامل ثوابت شعبنا والقضية الفلسطينية بالقدس عاصمة، وعودة اللاجئين، واستمرار مقاومة الاحتلال وتجميع شعبنا حول هذا الخيار".

وتابع "لا يمكن اعتبار الولايات المتحدة وسيطاً في القضية الفلسطينية، ومن الواضح أن هناك تصاعدًا في الانحياز الأمريكي تجاه مصالح الاحتلال، مؤكداً أن موقفها لن يمنع حركته من التمسك بالثوابت الفلسطينية وخيار المقاومة.

غير مطروح!

موقف حركة فتح واضحاً، حيث أكد القيادي في "فتح" وليد عساف والذي فضل التعقيب برأيه الشخصي أن برنامج حركته يقوم على حل الدولتين، مشيراً إلى أنها غير مستعدة لفقدان هذا الحل مقابل خيار "غير مطروح" على الطاولة أصلًا، مشيرًا إلى أن خيار الدولة الواحدة لم يطرح حتى اللحظة على المستوى الرسمي، مؤكداً عدم وجود أي طرف يدعم هذا الخيار بشكل جدي.

وأوضح في حديث خاص لـقُدس الاخبارية، أن ترويج خيار الدولة الواحدة دون تحديد ماهيته سيوقع الفلسطينيين تحت مظلة الدولة الصهيونية، مشدداً على أن طرح هذا الخيار سيمكن الاحتلال من الهروب من حل الدولتين.

وأضاف" نتنياهو ذهب لإقناع ترمب بحل الدولة الواحدة لإسقاط خيار حل الدولتين لكن هذا الأمر لا يستند لأي منطق (..) والفلسطينيون لن يقبلوا إلا بدولة ديمقراطية توفر لهم كافة حقوقهم فهل سيقبل الاحتلال بهذا الأمر؟"، معتبرًا أن تراجع ترمب عن تصريحاته بشأن دعم حل الدولة الواحدة جاء بسبب عدم وجود مفهوم واضح لهذا المصطلح، إضافة إلى وجود حملة دولية داعمة لخيار حل الدولتين.

يشار إلى أن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، روحي فتوح قال في تصريحات صحفية سابقة أنه "على المجتمع الدولي حماية حل الدولتين وإلزام "إسرائيل" بوقف الاستيطان وإقامة دولة فلسطينية".

كذلك موقف حركة الجهاد الاسلامي واضحاً كان على لسان الناطق باسمها داوود شهاب حيث بين أن حركته ترفض حل الدولة الواحدة وحل الدولتين أيضاً، كما رفض التعقيب أيضاً عن موضوع حل الدولة الواحدة كونه غير مطروح فعلياً.

بدوره، قال المحلل السياسي عدنان أبو عامر إن " الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ليس لديه أي معطيات سياسية وتعامل مع حل الدولة الواحدة على أنه صفحة تجارية"، مضيفًا" أن الواقع الموجود والاستيطان جعله يتراجع عن تصريحاته".

وأوضح أبو عامر لـ قُدس الإخبارية، أن الفلسطينيين يعتقدون أن خيار الدولتين صعب وأن حل الدولة الواحدة سيحقق لهم العديد من الانجازات ويعطيهم كثير من الحقوق، مؤكداً أن هذا الأمر وفق الرؤية الفلسطينية يُنهي المشروع الصهيوني.

يذكر أن رئيس وزراء الاحتلال "بنيامين نتنياهو" سعى إلى نقل فكرة حل الدولة الواحدة وذلك في محاولة منه لإقناع ترمب بصرف النظر عن فكرة حل الدولتين، والحصول على دعمه لهذا المقترح. أما رئيس وزراء الاحتلال الأسبق، إيهود باراك، فقال محذرًا خلال مشاركته في منتدى باكو العالمي للأمن في أذربيجان العام الماضي، "حتى لو كان ذلك تدريجيا وعلى مراحل، يجب البدء بالطلاق المؤلم من الفلسطينيين كي لا نتعثر وننزلق في المنحدر نحو الدولة الواحدة".