كأن ما تمر به المنطقة العربية ليس كفيلًا بإذابة القضية الفلسطينية، فتطل علينا فضائية "ام بي سي" بطرح جديد يزيد العرب انقسامًا فوق انقسامهم، مستغلة ما تبقى من القضية الفلسطينية التي يلتف حولها العدد الأكبر من العرب، ويتمثل الطرح الإعلامي الجديد بظاهرة برنامج "عرب ايدول"، الذي يشاهده الآن ملايين العرب حول العالم خلال حلقته النهائية.
الحلقة النهائية من البرنامج تضم مشترك من اليمن، التي لا يخفى على أحد ما تمر به، ومشتركين فلسطينيين، أحدهما من بيت لحم في الضفة المحتلة، والآخر من مجد الكروم داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
وهنا انقسم العرب، ليس لاختيار أي الأصوات أجمل، كما يبدوا هدف البرنامج، بينما هنا انقسم العرب على أي القضايا أكثر وجعًا، ولأي معسكر يميل الفكر فتميل الأذن، وليس بالضرورة أن يكون اداء المشترك جميلًا أو مميزًا، فهناك لحن آخر يتراقص عليه العرب اليوم، لحن المصالح الإقليمية والايدولوجية.
البرنامج أظهر أمس الوفد الفلسطيني "الرسمي" الذي كان بين الجمهور في مسرح البرنامج، والوفد متمثل بابن الرئيس الفلسطيني – الذي سبقه والده الرئيس بيوم وزار المشاركين-، وسأقف مطولًا هنا متناسيًا بقية الوفد، لأن طريقة القناة بتسويق نجل الرئيس أبو مازن بأنه شخصية رسمية، أمر مستفز ومستهجن، فبعدما عايش العرب ويلات تنفذ أبناء المسؤولين، يأتي البرنامج ليروج لابن الرئيس الفلسطيني، وكأن الدماء التي نزفت على طول خارطة الوطن العربي لم تكن.
ياسر عباس والذي يمتلك قطاعات كاملة في الضفة المحتلة من خلال استثماراته في كبرى الشركات الفلسطينية، تطرحه هذه القناة اليوم على أنه شخصية رسمية، مما يعني بأن الأمر أصبح أمرًا واقعًا، له المال والسلطة، وعندما يجتمع رأسالمال والسلطة، يصبح الشباب الفلسطيني سلعة تباع وتشترى، فالمواهب الفلسطينية المشاركة بالبرنامج ما هي إلا استثمار لمن سبق ذكره.
ومما يجعل الأمر أكثر استهجانًا، أن المتابع العربي الذي يعتقد أنه أصبح أكثر وعيًا للماكينة الإعلامية المسيرة، فالمشاعر تجاه القضية الأكثر وضوحًا في الوقت المعاصر، يتم تجيشها باتجاه زيادة أرباح رأسالمال وتسويق شخصية كانت لسنوات تجلس خلف الكواليس، لتصبح اليوم قيادة الأمر الواقع.
لن تتوق العملية عند إعلان الفائز، فهذه العملية الممنهجة لكي وعي العربي، والفلسطيني على وجه الخصوص، ستتزايد ما لم ينتبه لها المتابع، وتوقف وفكر ماليًا قبل انسياقه خلف مشاعره المجيشة.