ونحن على أبواب الذكرى التاسعة لرحيل الرفيق المناضل جورج حبش، أول أمين عام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأحد مؤسسي حركة القوميين العرب التي ناضلت وقاتلت في فلسطين ومن أجلها قبل أن تفكر بعض ممالك العرب من خلق الثورة المضادة. وفي ظل هذه الظروف التي تمر بها القضية الفلسطينية من سقوط مخيف ووهن جلبته "اتفاقية اوسلو" التي وقعتها حركة فتح باسم شعبنا.
ورغم أن هذا المقام يحتاج إلى الكثير من الوقت والمساحة للحديث عن جورج حبش الانسان والمناضل والمفكر، إلّا أنني أودّ أن أشير بعجالة إلى أهمية الموقف الجذري الذي يطيل عمر النضال والقضايا. والذي إذا ما اتخذ في الوقت المناسب فانه قد يشكل حاسمًا تاريخيّا ضد الرجعيات والخيانات التي تتوالى على الناس عبر التاريخ.
في حدث تاريخي، زار الرئيس الأمريكي باراك أوباما دولة كوبا الاشتراكية في نهاية عهده. في هذه الزيارة طلب أوباما أن يلتقي بالزعيم فيديل كاسترو الا أن الأخير رفض أن يلتقي به، واكتفت الزيارة باجتماع عادي بل وبارد مع الرفيق راؤول كاسترو الذي أهان أوباما أكثر من مرة.
وفي حدث أريد له أن يكون تاريخياً وفاصلاً بعد عام 1993. حاولت جهات عربية وفلسطينية كثيرة وعلى رأسها الراحل ياسر عرفات وبعض اخوته، أن تقنع الحكيم جورج حبش بالعودة الى فلسطين تحت مظلة اتفاقية اوسلو، محاولين معه بكل السبل والوسائل التي تبدأ بانتصار فكرة اوسلو والتصالح مع الاحتلال والتي لا تنتهي بالمال والامتيازات. الا أن الحكيم رفض كل هذه المبادرات والدعوات وظل ثابتاً على موقفه الوطني والمبدأي.
في يوم من الأيام قال الرفيق فيديل كاسترو بأنه سيقاتل الامبريالية الأمريكية حتى آخر يوم في حياته، وفي يوم من الأيام قال الرفيق جورج حبش أنه لن يعود إلى فلسطين تحت شروط تنتقص من حقوق شعبنا التاريخية والجوهرية ضمن اتفاقيات هزيلة.
سقطت محاولة أمريكا أن تخدع وتكسر موقف الرفيق فيديل كاسترو في آخر أيامه. وفشلت الدول العربية وموقعي اتفاقية اوسلو من خداع الحكيم بالموافقة على اتفاقية اوسلو الخائبة والكاذبة. التي كان يُعرف منذ البداية أنها ليست سوى اتفاقية تسليك حال يريدها قصيروا النفس.
ومات الرجلان على مواقفهم الجذرية والأكثر التصاقاً بالفقراء والمناضلين. بينما مات غيرهم مخدوعون ومهزومون وخاسرون.
سوف لن ينسى التاريخ جورج حبش وفيديل كاسترو، وسيلعن التاريخ أعداء الحق والانسانية، وستظل مقولات الرفيق جورج حبش خالدة في تاريخ قضية شعبنا العادلة، معلنة أن الانسان قضية وأن الثوريين لا يموتون أبدًا.