شبكة قدس الإخبارية

بين شهيد وأسير... بصمات الاحتلال على جدران عائلة براش

شيراز ماضي

رام الله – خاص قدس الإخبارية: "لمين كل  الصور المعبية حيطان البيت"؟! سأل الضابط الإسرائيلي، بعد أن وقف وسط منزل عائلة براش، ينقل عيونه بين الصور المعلقة على الجدران.

"ابني الشهيد صابر قتلتوه قبل 16 عاما"، أجاب خميس براش قبل أن يقاطعه الضابط بسؤاله الجديد، "شو رأيك يا أبو شادي أجيبلك كمان شهيد مثله؟"

يرد خميس، "إذا بيجي كمان شهيد عن طريقك وبإيدك أنا بكون مبسوط ورافع راسي، ولو جبتوا كل أولادي وسلمتوني إياهم بأكياس ما بقلق ولا بخاف".

١١ فردا تتكون عائلة براش التي تسكن منزلا متواضعًا في مخيم ٍلا تتعدى مساحته كيلو مترا واحد، وهو مخيم الأمعري بمدينة رام الله، عائلة قدمت أبنائها للوطن بين شهيد وجريح وأسير.

١٤ تشرين ثاني عام ٢٠٠٠ وإبان اندلاع الانتفاضة الثانية، ارتقى صابر براش (١٤ عاما) شهيدا، يروي والده خميس لـ قدس الإخبارية، "كان مشارك في جنازة شهيد في البالوع بالبيرة، لما طخوه رصاصة بصدره وطلعت من ظهره".

بعد استشهاد صابر، بدأت تتوالى على العائلة اعتداءات الاحتلال بين الاعتقالات والإصابات ومحاولات الاغتيال، "لم أخرج من صدمة استشهاد صابر، حتى صدمت باعتقال ابني الأكبر شادي" تعلق أم شادي.

وتضيف لـ قدس الإخبارية، "بدأت معاناة أبنائي بعد استشهاد صابر بأسبوع واحد، اعتقلوا شادي ابني الكبير من مكان عمله في المجمدات برام الله، مبينة أن محكمة الاحتلال أصدرت حكما بالسجن أربعة سنوات و١٠ شهور على شادي.

لم يمض أسبوع على غياب شادي عن والدته المفجوعة بمقتل طفلها، حتى اعتقل الاحتلال نجلها سعيد وأصدر حكما عليه بالسجن ٥٠ شهرا، ليمر شهر رمضان الأول ثقيلا على العائلة في ظل غياب أبنائها عن مائدة الإفطار.

محاولة استجماع قواها، لملمت عائلة ابراش حزنها وقد اتخذت قرار بالاحتفال بزفاف نجلها رمزي، إلا أن الفرح لن يكتمل، والعريس سيعتقل من زفافه ويختطف من عروسه.

يقول خميس (٦٢ عاما)، "أثناء تواجدنا بالقاعة ونحن نحتفل بزفاف رمزي، حاصرت قوات الاحتلال المكان وبدأت عبر مكبرات الصوت تطلب من رمزي وشابين آخرين بتسليم أنفسهم".

يحتضن الوالدان صور نجلهم المريض المعتقل في سجون الاحتلال محمد، ويجلسا مستذكرا نجاته من الموت بعد أن فقد قدمه وعينه إثر تفخيخ مركبة كان يستقلها في رام الله.

رحلة علاج محمد بدأت متنقلاً بين المشافي، محاولا استرجاع بصره الذي فقد منه ما نسبته 70%، وتبين والدته أنه بعد خضوعه لعملية زراعة القرنية بنجاح، اعتقله الاحتلال بعد أيام.

الحالة الصحية لمحمد بدأت بالتراجع شيئا فشيء، فتروي والدته أنه فقد حاسة النظر بعينه بشكل كامل، فيما يعاني شقيقه رمزي من رجفة في القلب وقرحة في المعدة بسبب الاهمال الطبي.

بعد ثلاث سنوات من الاعتقال في سجن عسقلان، أصدرت محكمة الاحتلال قرارا بالسجن المؤبد ثلاث مرات و30 عاما على محمد، فيما حكمت على شقيقه رمزي بالسجن مدى الحياة، بعد أن أدانتهم بقتل إسرائيليين.

"كل العيلة ممنوعة من الزيارة، حتى بنتي الوحيدة ممنوعة من زيارة اخوتها" تعلق الوالدة، وتتساءل،" ليش كل هالمنع؟ من حقنا نشوف أولادنا وخصوصا إنهم مرضى ومحكومين مؤبدات، هاد أكبر ظلم ممكن نشوفه"