من الجميل أن تستنشق بعض جامعاتنا منافسات انتخابية، وأن تشهد ساحاتها نقاشات متنوعة ونشاطات لاستقطاب الأصوات. انفردت جامعة بير زيت في السابق بالإصرار على الجو الانتخابي داخل حرمها، والآن تدخل الحلبة جامعات أخرى. من المفروض أن يتمدد هذا الجو الانتخابي إلى باقي الجامعات وإلى مختلف المواقع الفلسطينية بما فيها الضفة الغربية وقطاع غزة. الجدل الديمقراطي والانتخابي سيوصلنا جميعا إلى البر، لكن التراشق عن بعد لن يوصلنا إلا إلى قاع البحر.
ملاحظتي الأساسية على نتائج الانتخابات هي أن ميزان القوى الانتخابي لم يتغير بصورة جذرية، وأن حماس حصلت على أعداد كبيرة من الأصوات على الرغم من الضيق الذي تعرضت له على مدى سنوات. صحيح أن حركة فتح قد حصلت على مقاعد أكثر من حركة حماس، لكن ما حصلت عليه حماس يشير إلى أن قوتها لم تهتز إلا قليلا. تأثرت حماس بأجواء الملاحقة التي تعرضت لها على مدى سنوات، لكن التأثير يبقى ضمن إطار محدود، ويمكن التغلب عليه بسهولة في حال تغيرت الأوضاع الديمقراطية في الضفة الغربية. وتقديري أن هذا ينطبق على فتح في حال تغيرت الأوضاع في قطاع غزة.
الملاحظة الثانية هي أن اليسار الفلسطيني يحتاج إلى إعادة التفكير بأحواله، أما الملاحظة الثالثة هي أن عناصر غير طلابية تواجدت داخل بعض الجامعات يوم الانتخابات، وهذا لا يجوز.
الملاحظة الرابعة هي أن السلاح كان متواجدا خارج أسوار الجامعات. هناك من ادعى أن السلاح قد دخل إلى الجامعات، لكنني لم أجد توثيقا لذلك. لم يكن هناك أي تبرير لتواجد مسلحين حول الجامعة، ولا لمعاكسات أمنية عبر الهواتف لمرشحين.
جرت الانتخابات الجامعية في اجواء ديمقراطية إلى حد كبير داخل الجامعات، لكن المشكلة أن البيئة الديمقراطية التي من المفروض أن تكون حاضنة عامة غير متوفرة، وهذا ما يؤثر على حرية الإدلاء بالصوت. أي أن الانتخابات جرت بديمقراطية مكانية محدودة، وليس ضمن بيئة ديمقراطية حرة.