فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: أعلن مجلس الأمن الخميس الماضي، بناء على طلب مصر، إرجاء التصويت على مشروع قرار ضد الاستيطان الإسرائيلي، الذي قدمته مصر بصفتها العضو العربي الوحيد بالمجلس إلى "أجل غير مسمى"، جاء بعد اتصال بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب.
وفي اليوم التالي أعلنت 4 دول أنها تبنيها مشروع القرار الذي سحبته مصر وهي "السنغال وماليزيا ونيوزيلندا وفنزويلا"، وفي المساء وافق مجلس الأمن على القرار بعد تصويت 14 دولة لصالحه فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت دون أن تستخدم حق الفيتو ضد المشروع وهو ما كان السبب في تمريره.
أثناء ذلك لم يصدر عن السلطة الفلسطينية أو حركة فتح أية تعليقات على القرار المصري الأمر الذي فسره الكثيرون بأنه ارتباك في الموقف وعدم الصراحة مع الشارع الفلسطيني الذي استهجن القرار المصري واعتبره صفعة للسلطة الفلسطينية ومساعيها الدولية.
علاقة مصر بفتح
من جهته اعتبر الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري في حديثه لـ"قدس الاخبارية" أن الجانب المصري فضل بناء علاقة جيدة مع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، على حساب القضية الفلسطينية، وقال: "القرار له قيمة إنسانية وأخلاقية وقانونية لصالح القضية الفلسطينية، يمكن البناء والاستناد عليه من خلال التخطيط المثمر لمجابهة الاستيطان".
وأضاف المصري، "هناك توتر بين قيادة فتح مع الجانب المصري، بسبب تسهيل الأخيرة عقد القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان المقيم في مصر مؤتمر "العين السخنة" لأعضاء من حركة فتح، يطلق عليهم "متجنحون" كان له اثر سلبي في توتر العلاقة بين مصر وحركة فتح".
في حين، قال الأكاديمي الدكتور محمود الفطافطة لـ"قدس الإخبارية" أن سحب مصر لقرارها رضوخ للمطالب الأمريكية والإسرائيلية، ووضع مصر في موقف محرج وخارج عن إطارها العربي ودورها الإقليمي والمؤثر في المنطقة العربية، وهو مؤشر خطير تجاه القضية الفلسطينية.
أهمية القرار
من جانبه، قال المحلل السياسي سامر عنبتاوي لـ"قدس الإخبارية": "إن قرار إدانة الاستيطان مهم جدا وتاريخي، كونه يتحدث حول كامل التراب الفلسطيني المحتل منذ 1967 والقدس المحتلة، ويجرم الاستيطان، لذلك على السلطة الفلسطينية أن لا يكون سبباً لتحسين شروط المفاوضات، واعتبار أن لا عودة للمفاوضات إلا بغطاء دولي".
وأضاف، "يتوجب بناء جبهة وطنية واقتصادية بشكل كامل، لمواجهة الضغوطات المتوقعة مثل إنهاء الانقسام وإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية وتحديد البرنامج الوطني، وتشكيل قيادة وطنية قادرة على مواجهة التهديدات، والعمل على تقوية الاقتصاد الوطني قادر على الصمود في ظل الحصار المتوقع، واستغلال تراجع الدعم الدولي للاحتلال وحركة المقاطعة الدولي له".
وطالب عنبتاوي السلطة الفلسطينية بالتنصل من كافة الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال ووقف التنسيق الأمني معه، رداً على قرار نتنياهو الأخير بتعزيز البناء في المستوطنات بعد الإجماع الدولي على إدانة الاستيطان في مجلس الأمن، والعمل على فضح إجرام الاستيطان بحق الأرض الفلسطينية في ظل القرار الأخير بإدانة الاستيطان.
الخطوات القادمة
وحول الخطوات التي ستقوم بها السلطة الفلسطينية لاستثمار القرار أوضح رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان المهندس وليد عساف أن السلطة ستتخذ خطوات ميدانية على الأرض الفلسطينية تتمثل بتصعيد المقاومة الشعبية ووقف مصادرة الأراضي وتعزيز صمود الأهالي في أراضيهم ووقف عمليات الهدم لمساكنهم، وإفشال التخطيط القسري لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم.
وقال عساف في حديث لـ"قدس الإخبارية": "على المستوى الدبلوماسي، نعول على عقد مؤتمر السلام الدولي في باريس لاتخاذ خطوات إيجابية لصالح القضية الفلسطينية، ووقف الاستيطان والاعتراف بدولة فلسطين، وسنعمل بالتزامن مع ذلك على التوجه لمحكمة الجنايات الدولية لملاحقة مجرمي الاستيطان، وملاحقة الشركات العاملة في بناء الاستيطان سواء تحمل جنسيات إسرائيلية أو أجنبية".
ونوه عساف إلى أن "أية مفاوضات قادمة سيكون لها مرجعية واضحة، ووفق سقف زمني يقضي بإنهاء الاحتلال، واليات واضحة تحدد ذلك".
وحول الموقف المصري قال عساف: "لقد صدمنا من القرار المصري بسحب مشروع القرار من التصويت، كان المطلوب من مصر الارتقاء بدورها العربي تجاه القضية المركزية للأمة العربية فلسطين، وأن تكون داعما ومساندا للقضية الفلسطينية وليس مناقضا أو مثبطا له".
وتابع عساف: "المطلوب فلسطينياً تحقيق الوحدة الوطنية وتعزيز المقاومة الشعبية ومقاطعة منتوجات المستوطنات وتعزيز صمود الأهالي في قراهم المهددة بالمصادرة، وتصعيد حركة المقاطعة الدولية للاحتلال".
وأكد على أن القرار "اعتراف بالحدود المحتلة عام النكسة، ويمكن التوجه من خلاله لمحكمة الجنايات الدولية والهيئات المعنية لملاحقة مجرمي الاستيطان.
ويدعو القرار الذي وافق عليه مجلس الأمن، أمس الجمعة، كيان الاحتلال إلى وقف فوري وتام لكل أنشطة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية والضفة الغربية، معتبراً المستوطنات غير شرعية في نظر القانون الدولي.