القدس المحتلة- قُدس الإخبارية: بعد سنوات من الصبر والتحدي اللذين بذلتهما نورا وعائلتها للتصدي لرغبة الاحتلال ومستوطنيه بسلب بيتها الذي تسكنه في أحد أحياء القدس، أصدرت محكمة الاحتلال قرارًا بشأنها أمس.
وعقدت محكمة الاحتلال العليا في القدس المحتلة الاثنين، جلسة لسماع استئناف عائلة غيث-صب لبن على قرار الإخلاء الذي صدر بحق العائلة عام 2014 من محكمة صلح الاحتلال لصالح جمعية استيطانية، بعد رفض المحكمة المركزية استئنافها الأول خلال تشرين الأول/أكتوبر 2015.
وأوضحت العائلة في بيان لها أن محكمة الاحتلال عرضت على الطرفين خيار التسوية، وذلك بحصر حق الحماية بالسيدة نورة غيث وزوجها مصطفى صب لبن، باعتبارهما الجيل الثاني المحمي وإقصاء أبنائهم وهم الجيل الثالث من الحماية، بحيث تبقى العائلة تحمل صفة المستأجر المحمي فقط مدى حياة الجيل الثاني.
بدورها، قالت نورا وهي صاحبة المنزل، "لا أدري هل هو إنتصار أم انكسار أم حصار أم تقطيع أوصال؟!، لقد أقرّت محكمة الاحتلال العليا في بقائي في بيتي لمدة عشر سنوات، أنا وزوجي بدون أولادي وهو ما يعتبر قرار تفريغ وتهويد للقدس وتفريغها من أهلها، لكم الله يا أهل القدس".
كما أضاف نجلها أحمد، الذي حكم الاحتلال باخراجه من منزل عائلته، بدعوى أنه من الجيل الثالث وأنه غير محمي للسكن في المنزل، كما أن والداه سيكونا مبعدين بعد 10 سنوات من القرار.
المستوطنون المُدّعون رفضوا مقترح المحكمة وأصروا على إخلاء العائلة، واقترح محاميهم إخلاء العائلة ونقلها لتسكن في مخزن صغير، وقد قوبل الاقتراح بالاستهجان الشديد، وانتهت الجلسة بعد ذلك دون صدور قرار، ومن المتوقع صدور قرار إما بقبول الاستئناف أو رفضه قريبًا.
وأدعى محامي "جمعية جاليتزيا الاستيطانية" أن العائلة هجرت منزلها منذ 30 عامًا، وأنها بذلك فقدت حق المستأجر المحمي الذي تحمله العائلة بموجب عقد إيجار من المملكة الأردنية الهاشمية عام 1953.
في المقابل، فان محامي العائلة نفى محمد دحلة ادعاءات المستوطنين، وطعن بقرار محكمتي الصلح والمركزية اللتان اعتمدتا على ادعاءات المستوطنين وأقوالهم، وتجاهلتا ادعاءات العائلة، ولم تأخذ بعين الاعتبار حجم الضرر الذي سوف يعود على العائلة في حالة إخلائها.
يذكر بأن الجلسة حضرها عدد من الدبلوماسيين، منهم ممثل عن القنصلية الأمريكية في القدس، وممثل عن القنصلية البريطانية، بالإضافة إلى ممثل عن الاتحاد الأوروبي والقنصليتين الفرنسية والبلجيكية والبعثة الهولندية، ووفد من مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
وأشار المحامي دحلة إلى أن التواجد والضغط الدبلوماسي يؤثر بلا شك على توجهات المحكمة، ومن الضروري الاستمرار بهذا التوجه.
وتحاول سلطات الاحتلال والجمعيات الاستيطانية إخلاء عائلة غيث-صب لبن ودفعها على ترك منزلها منذ السبعينات، حيث عمدت إلى ممارسة كافة الضغوطات عليها لدفعها على ترك المنزل من خلال منعها من إجراء أي ترميم أو إصلاحات للمنزل خلال السبعينات، ومن ثم إغلاق مدخله خلال الثمانينات من قبل المستوطنين.
وبالرغم من كل المحاولات، تسلحت العائلة بالصمود في منزلها بوجه الاحتلال والتوسع الاستيطاني، وناضلت أمام محاكم الاحتلال لما يزيد عن 20 عامًا حتى تمكنت من استعادة حقها في السكن بمنزلها.
وعادت سلطات الاحتلال لمحاولة إخلاء العائلة عندما منحت ملكية المنزل عام 2010 لجمعية "جاليتزيا" الاستيطانية التي تدعي كون المنزل ملكية يهودية ووقف يهودي منذ القدم.
وقد تقدمت هذه الجمعية بطلب لإخلاء العائلة عام 2010 بدعوى عدم سكنها في المنزل، فمن منظورها المنزل يجب أن تسكنه عائلة يهودية وليست عائلة فلسطينية مسلمة، علمًا أن الجمعية هي واحدة من عدة جمعيات عمدت على مدار السنوات على إخلاء عدة عائلات فلسطينية داخل البلدة القديمة، والاستيلاء على منازلها.
وبحسب معطيات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية (أوتشا)، فإن ما لا يقل عن 180 عائلة فلسطينية مقدسية تواجه خطر الإخلاء قسرًا من منازلها على خلفية قضايا رفعها ضدهم مستوطنين أو جمعيات استيطانية بحجة عدم ملكية العقار أو خسارة صفة مستأجر محمي.