شبكة قدس الإخبارية

علي الشيوخي تمنى عُرسًا دون عروس.. وتحقّق ما تمنى

هيئة التحرير

القدس المحتلة- قُدس الإخبارية: "اللهم إني أسألك عُرسًا دون عروس، إلهي أسألك شهادة وزفافاً إلى الجنة"؛ على صفحته الشخصية على موقع (فيس بوك) كانت هذه أمنية كتبها الشهيد الشاب علي عاطف الشيوخي قبل يومين من استشهاده.

21

علي الذي لم يتعد العشرين عاماً، شُيّع جثمانه في بلدة سلوان بمدينة القدس بعد أن اخترقت جسده رصاصتان في منطقة الحوض أطلقت من أحد جنود حرس الحدود الإسرائيلي، ترك ينزف لمدة ساعتين ونصف حتى ارتقى شهيدا، تلك الدماء التي اختلطت بأرض القدس تركت بصمتها على ملابس معظم المشيعين له الذين بدورهم أرسلوا تلك الملابس لمنزل والد الشهيد لتبقى شاهدة على جريمة إسرائيلية جديدة.

الثلاثاء الماضي، الحادي عشر تشرين أول، خرج الشهيد علي وتفقد معظم أصدقائه في حارات القدس، وعندما عاد للمنزل عشاءً خرج مرة أخرى وهذه المرة مع والديه لشراء الدواء لهما وبعض الخضروات والأغراض.

والداه ذهبا إلى متجر بيع المواد الغذائية، أما هو فذهب ليشتري الدواء من الصيدلية، تزامن وصول علي لها مع حدوث مواجهات بين شبان مقدسيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى المبارك.

"ومن مسافة صفر أطلق جندي إسرائيلي رصاصتين على الشهيد الشيوخي في منطقة الحوض"، هكذا روى ابن عم الشهيد مصعب الشيوخي تفاصيل استشهاده، مضيفًا "تركته قوات الاحتلال ينزف، بل ومنعت طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني وفرق الإغاثة الطبية من الاقتراب منه".

ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل قامت بإطلاق النار الحي والغاز المسيل للدموع على كل شاب حاول الاقتراب محاولا إنقاذ علي، ليستمر نزيف الدماء لأكثر من ساعتين انتهت باستشهاد علي.

بعلامات الدهشة لا تستطيع والدته تصديق ما جرى تود أن يكون حلما .."يا حبيبي يا علي" كانت تردد هذه الكلمات، وجموع المحتشدين يخففون مصابها، فقبل لحظات كان علي بجوارها، ذهب ليحضر الدواء.

ولدى الشهيد علي شقيقه التوأم محمد الشيوخي الذي تحدث بمنتهى الحزن والألم على رحيل توأم روحه وتوافد المعزين وقبل لحظات من قيام قوات الاحتلال باعتقاله، بأن توأمه الشهيد عنده "خط أحمر .. له محبة تختلف في قلبه عن جميع أفراد اسرته".

في صفحة الشهيد الشخصية على موقع " فيس بوك " أيضا، هناك منشورات كثيرة كتبها الشهيد علي تعبر عن حبه للقدس، والوطن، وللشهداء، تدلل على رجولته وشهامته، فكان منها هذا الحوار الذي كتبه مع جندي اسرائيلي في القدس ..

عذرا أيها الضابط لماذا كل هذه الجنود هنا ..!

- احتياطات أمنية

أجبته بانفعال.. احتياطات!؛ ولكننا ذاهبون للأقصى من أجل الصلاة وليس لنقاتلكم فموعد نحركم لم يأت بعد. " فغضب الضابط من جوابي، ورفع بندقيته اللعينة وصوبها نحو صدري وقال لي: "إن كررت هذا الكلام سأقتلك وأجعلك جثة هامدة"، فقلت له " نحن لا نسقط جثثا .. نحن نرتقي أبطالا .. نروي الأرض المغتصبة بدمائنا الطاهرة .. نحن نسقط شهداء".

- وهنا انتهى الحوار بتصفية دمائي .. وأحضر الضابط بعض جنوده وألقوا بسكين بجانب جثتي .. وقالوا إنني مخرب؛ ودموع أمي روت وسادتي، صيحات أصدقائي من الصدمة أكاد أسمعها؛ زغردي يا أمي فأنا رحلت شهيدا وما أعظم الشهادة؛ تموت على يد أنجس الخلق فيكرمك الله بالجنة".

في صباح يوم الاستشهاد، خرج علي سعيداً يجول حارات مدينة القدس، رأى معظم أصدقائه، حتى عاد عشاء ذات اليوم ليكون على موعد مع الشهادة، وقبل ليلة استشهاده تحدث لابن عمه مصعب .. "بدي اروح أشم هوا .. زهقان"، وعندما عاد أخبره أنه ذهب إلى المسجد الأقصى وتجول في حارات القدس.

وهكذا عاش علي يحب الأقصى والقدس وحاراتها، صاحب ابتسامة تنام معه ليلا وتشرق على وجهه كل صباح كأنها أشعة شمس، لم تفارقه حتى في جنازته، يحبه أبناء بلدة سلوان لطيب قلبه.

في العاشر من أكتوبر، قبل ليلة الاستشهاد، وعلى صفحته الشخصية أيضا كأنه يخبر أحبابه أنه سيرحل، فكتب في حوار مع نفسه "أريد الذهاب .. إلى أين؟ هناك حيث يسكنون"، ليعاود طرح السؤال "من هم؟، ويجيب بنفسه "النائمون إلى الأبد".

2

وللشهيد حكاية مع الاعتقالات على غرار حال عائلة الشيوخي التي تتعرض لاعتداءات واعتقالات من قبل قوات الاحتلال بشكل مستمر، فرغم صغر سنه إلا أنه اعتقل نحو عام ونصف في سجون الاحتلال، وأفرج عنه قبل عشرة أشهر، بدأ مسلسل اعتقاله عام 2010، حرمته السجون من دراسة الثانوية العامة، كان يطمح لإكمال دراسة الثانوية العامة ثم أن يكون محاميا يدافع عن المعتقلين والأسرى.

تودّع القدس يوميا شهداءها، فهو الذي كان معجبا ببطولة الشهيد مصباح أبو صبيح الذي نفذ عملية إطلاق نار أدت لمقتل إسرائيلييْن وإصابة ستة آخرين بالقدس وكتب عنه، "كنت بالأمس أسيراً وأنت اليوم شهيد، لقد نال ثواب الرباط والشهادة والأسر"، لم يكن يعلم أنه سيكون عريس القدس بعد الشهيد مصباح لينيرا درب الشهداء وطريق الحرية والخلاص من الاحتلال.

يحيى اليعقوبي- صحيفة فلسطين