رام الله - قدس الإخبارية: قال الرئيس محمود عباس في خطابه المطول الذي ألقاه أمام المؤتمر السابع لحركة فتح المنعقد في مدينة رام الله: "إن المؤتمر سيعزز بنيان الحركة، ويمتن جبهتنا الداخلية"، مؤكدا على أن "حركة "فتح"، لم ولن تتخلى عن مبادئها وروحها وهويتها وقرارها المستقل، وتواصل مسيرتها الواثقة نحو تحقيق حلم شعبنا في الحرية والدولة والاستقلال".
وأضاف عباس، "فتح" كانت ولا زالت واحدة من أبرز معالم التاريخ الفلسطيني المعاصر، ونموذجاً يحتذى في الصمود والتحدي، ليس فقط على المستوى الوطني، بل وعلى مستوى العالم أجمع"، مشيرا إلى أبرز محطات حركة "فتح" والثورة الفلسطينية المعاصرة على امتداد ما يزيد عن خمسين عاما من العطاء والنضال والتضحية"، على حد قوله.
واستعرض عباس دور الرئيس الراحل ياسر عرفات في قيادة منظمة التحرير وجعلها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وإعلان الاستقلال في الجزائر عام 1988، وعودة قيادة المنظمة وجنودها وكوادرها إلى الأرض المحتلة، وإقامة السلطة الفلسطينية وبناء مؤسساتها.
وتحدث عباس عن الإنجازات التي تحققت رغم العراقيل والصعوبات، وكان أبرزها تصويت 138 دولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح رفع مكانة فلسطين لدولة مراقب، والانضمام كعضو كامل لعشرات المعاهدات والهيئات الدولية، بما فيها اليونسكو، ومحكمة الجنايات الدولية، واتفاقيات جنيف الأربعة، ورفعنا علم فلسطين في احتفالية رسمية على مباني الأمم المتحدة. مؤكدا استمرار العمل لتنال فلسطين عضويتها الدائمة والكاملة في الأمم المتحدة.
وقال عباس: "لن نقبل بالحلول الانتقالية وبالدولة ذات الحدود المؤقتة، وبمقترح الاعتراف بالدولة اليهودية"، مضيفا أن "تطبيق مبادرة السلام العربية يجب أن يتم دون تعديل، وأن السلام لا يمكن أن يعم المنطقة دون حل للقضية الفلسطينية أولا".
وأكد عباس على مواصلة السلطة الفلسطينية مساعيها الرامية لصياغة مشروعات قرارات ضد الاستيطان ولنيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وقال: "إن اعترافنا بدولة إسرائيل ليس مجانياً، ويجب أن يقابله اعتراف مماثل، ونؤكد أن الدول التي تعترف بحل الدولتين عليها أن تعترف بالدولتين وليس بدولة واحدة".
وحول مدينة القدس، قال عباس: "لن نقبل أن تكون القدس عاصمة لإسرائيل، إنما القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين فقط، ونريدها أن تكون مفتوحة للعبادة لأتباع الديانات السماوية الثلاث".
وبخصوص وعد بلفور، قال عباس: "بدأنا حواراً مع الحكومة البريطانية لإعلان اعتذارها عن إصدار هذا الوعد وإصلاح الضرر الذي لحق بشعبنا ومقدراتنا ووطننا، مع ضرورة الاعتراف البريطاني بدولة فلسطين".
وحول المصالحة وإنهاء الانقسام، أكد الرئيس أن "الوحدة الوطنية هي صمام الأمان لقضيتنا، ومواصلة العمل بكل إخلاص على بناء وتعزيز الجبهة الداخلية؛ وإنهاء الانقسام البغيض الذي خلقه انقلاب حركة "حماس" عام 2007".
وقال: "بعد انتهاء أعمال المؤتمر العام السابع لحركة فتح، ستنطلق المشاورات اللازمة مع شركائنا في منظمة التحرير وفصائل العمل الوطني لعقد دورة للمجلس الوطني الفلسطيني في أقرب وقت ممكن، من أجل تعزيز دور منظمة التحرير وإعلاء دورها".
وأضاف أن "حكومة الوفاق الوطني لدولة فلسطين، ستستمر في إعادة إعمار قطاع غزة، ورفع وفك الحصار عنه، والتخفيف من معاناة وعذابات أبناء شعبنا هناك، رغم الصعاب والعراقيل، وشح الموارد، وما نعانيه من ضائقة مالية، ومعوقات إسرائيلية".
وحول اللاجئين الفلسطينيين قال عباس: "اللاجئون اللسطينيون المقيمون في الدول الشقيقة والصديقة، هم ضيوف على أشقائهم في هذه الدول، إلى حين عودتهم إلى وطنهم، وهم لا يتدخلون في الشؤون الداخلية لها، وهذا ما نحرص عليه دائماً".
وتطرق عباس إلى أهم الإنجازات، التي ساهمت حركة "فتح" في وضع رؤيتها وإنجاحها، وتمت بمصادقة منظمة التحرير خلال الفترة التي تلت المؤتمر السادس، في مجالات: العلاقات الدولية، وبناء المؤسسات والحكم الرشيد، وتمتين الاقتصاد الوطني، وعمل صندوق الاستثمار، ومساهمة المجلس الاقتصادي الفلسطيني "بكدار"، والاستثمار العقاري، وتطوير قطاع الزراعة، وإنتاج التكنولوجيا وصناعة الابتكار، والإبداع والتميز، والإدارة المالية الحكومية وأثرها على الاقتصاد، وقطاع التمويل والبنوك، وتطوير الثروة المائية، وبناء وخلق بنية اجتماعية قوية ومستدامة، والصحة، والتعليم والتعليم العالي، وتمكين المرأة، ودعم الرياضة والشباب، وفي مجال الأمن، والمقاومة الشعبية السلمية، ومواجهة الجدار والاستيطان، وتسهيل حياة شعبنا وتأمين حركتهم وسفرهم في ظل سيطرة قوات الاحتلال الإسرائيلي، ورعاية أسر الشهداء، والأسرى، والأسرى المحررين والجرحى، وفي مجال دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، ودعم الشرائح الاجتماعية الأكثر فقراً، والضمان الاجتماعي: والتطوير السياحي، والتراث الثقافي، والمسرح، وتطوير عمل الإعلام الرسمي، والقضاء.
وقدم عباس رؤيته لأسس البرنامج الوطني، الذي هو برنامج حركة "فتح"، لاستكمال بناء مؤسسات الدولة وتجسيد الاستقلال، على الصعيد السياسي، واستمرار بناء المؤسسات وتجسيد استقلال الدولة، وصعيد حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح".
وتضمن المقترح العديد من النقاط أهمها:
1- التمسك بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي، على أساس حل الدولتين والتأكيد على أن سلامنا لن يكون استسلاماً أو بأي ثمن، والحفاظ على ثوابتنا الوطنية، والتي تشمل، إنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، والذي بدأ عام 1967، واعتبار عام 2017 عام إنهاء الاحتلال، وتجسيد إقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل، وستبقى أيدينا ممدودة للسلام، وإيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين استناداً لقرار الجمعية العامة 194 وكما حدد في مبادرة السلام العربية لعام 2002، وحل قضايا الوضع النهائي كافة استناداً لقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، وبخاصة القدس الشرقية المحتلة، باعتبارها العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، والتأكيد على رفضنا الحديث عن القدس باعتبارها عاصمة لدولتين، أو عاصمة فلسطين في القدس، ومطالبة حكومة الاحتلال الإسرائيلية بتنفيذ ما ترتب عليها من التزامات وبما يشمل وقف النشاطات الاستيطانية، بما فيها القدس الشرقية المحتلة، والتأكيد على عدم شرعية الاستيطان والإفراج عن جميع الأسرى، إضافة إلى تنفيذ ما ترتب على حكومة الاحتلال من التزامات في الاتفاقات الموقعة، بما فيها تفعيل اللجنة الثلاثية ضد التحريض، ووقف الاجتياحات، والعمل باتجاه مراجعة الاتفاقيات الموقعة كافة مع الجانب الإسرائيلي، نتيجة لإنتهاء مددها، وتغيير الظروف وعدم التكافؤ بين الطرفين، وعدم التزام الجانب الإسرائيلي بتلك الاتفاقات، دعم مواصلة عمل اللجنة المختصة بالتواصل المجتمعي مع المجتمع الإسرائيلي، والتي تعتبر أحد أهم أدوات التأثير على شعب الدولة المحتلة والمناصرين فيها لحقوق شعبنا غير القابلة للتصرف، وبهدف شرح الرؤية الفلسطينية للسلام.
2- الدفع ببذل كل الجهود الممكنة لإزالة أسباب الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية عامة، وإجراء الانتخابات المحلية، مع استمرار جهودنا الحثيثة لفك الحصار الظالم عن أهلنا في قطاع غزة.
3- استمرار بناء وامتلاك سفارات دولة فلسطين في مختلف القارات واستبدال الإيجارات بعقارات مملوكة للدولة، لدينا 103 سفارات في الخارج 90 منها ملك لدوة فلسطين، ولدينا ارض تحت البناء في موريتانيا وتونس والسودان والكويت واليابان والبحرين قريبا.
4- متابعة العمل مع المحكمة الجنائية الدولية، للانتصاف لضحايانا ومحاسبة مجرمي الحرب، وصولاً لفتح تحقيق قضائي في جرائم الاحتلال التي ارتكبت بحق شعبنا في المجالات كافة.
5- التأكيد على موقفنا الثابت بمحاربة الإرهاب أياً كانت دوافعه ومصادره، وبما يشمل إرهاب الدولة وإرهاب المجموعات الاستيطانية، والتعاون إقليمياً ودولياً في هذا المجال، واستمرار تمسكنا بثقافة السلام والتسامح ونبذ العنف والتطرف، والعمل على حل النزاعات بطرق سلمية.
6- التأكيد على موقفنا ومساعينا لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي، وغيره من أسلحة الدمار الشامل، وبما يشمل دولة إسرائيل الدولة الوحيدة التي تمتلك أسلحة نووية في المنطقة، ورفض الهيمنة على المنطقة بأشكالها كافة، ورفض استبدال الهيمنة الدولية بالهيمنة الإقليمية بأي مكان.
7- التأكيد على أهمية صندوق الضمان الاجتماعي ليغطي أبناء شعبنا كافة.
8- دعم أبناء شعبنا الفلسطيني في مخيمات اللجوء والمنافي، والنهوض بالمسؤوليات في إيجاد آليات لتوفير المساعدات لأبناء شعبنا، كتعميم تجربة مؤسسة محمود عباس لمساعدة الطلبة المحتاجين في لبنان إلى مناطق أخرى، وتوفير فرص العمل عبر تمويل المشاريع الصغيرة في مخيمات اللجوء في لبنان وسوريا، والعمل على ضرورة استمرار الأونروا في تحمل مسؤولياتها عن هذه المخيمات. كل فلسطيني في لبنان يحصل على الثانوية العامة علينا توفير تعليم له حتى يتخرج من الجامعة.
9-الحفاظ على مبدأ فصل السلطات واحترام القضاء وتحديثه، وتعزيز مبادئ الشفافية والحكم الرشيد. مؤخرا تم تأسيس المحكمة الدستورية وهذا شيء مهم، مؤكدا حرصه التام على فصل السلطات الثلاث.
10-التأكيد على مبادئ السلطة الواحدة والسلاح الشرعي الواحد وسيادة القانون واجتثاث الفوضى والفلتان بأشكاله كافة. لن نسمح بلفلتان الأمني وكل من يعبث يالأمن سنقطع يده.
11-مواصلة حماية أملاك الدولة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية وأملاك الأوقاف والعمل على إزالة أية تعديات عليها، واستثمارها وتطويرها لصالح المنافع العامة، والاستمرار في محاربة أشكال الفساد كافة وترسيخ مبادئ المساءلة والمحاسبة.
12- بناء المزيد من المناطق الصناعية والحدائق التكنولوجية وتطويرها ونشرها في مختلف محافظات فلسطين، وحماية الآثار وتنفيذ برامج التطوير والصيانة، وذلك لتعزيز إمكانيات تطوير السياحة لدولة فلسطين، وتشجيع السياحة الدينية إلى القدس وبيت لحم والخليل.
13- الاهتمام بالاكتشافات الغازية والبترولية وباقي الثروات الطبيعية في فلسطين، وحماية المناخ والبيئة وفقاً للمعايير الدولية.
وفيما يتعلق بحركة فتح، أكد عباس على أن الحركة ستعمل على انتظام جلسات الأطر الحركية وتفعيل دور المجلس الثوري ليكون مع اللجنة المركزية وبالتعاون مع الأقاليم والمنظمات الشعبية والمكاتب الحركية وجميع الأطر القاعدية السياج المنيع للحركة وشبكة الأمان الحامية لها. كما وسنعمل على توحيد الجهد الإعلامي للحركة وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي لشرح معاناة شعبنا وشرح برنامج عملنا.
بالإضافة لاستمرار العمل للمحافظة على هوية الحركة ببعدها الجماهيري والنضالي كحركة تحرر وطني تسعى لإنجاز مهامها التي انطلقت من أجلها، واستمرار العمل على إشاعة الأجواء الديمقراطية في الأطر الحركية وإشراكها في القرارات الاستراتيجية والهامة.
وشدد عباس، "سنتابع العمل على إنجاز مدرسة الكادر لتأهيله في مختلف مجالات العمل من أجل تنفيذ توجهاتنا السياسية والنضالية والمجتمعية في إطار برنامج البناء الوطني الشامل الذي يأخذ بعين الاعتبار تقييم التجربة والانطلاق نحو المستقبل، مستفيدين من خبرات المتقاعدين العسكريين والمدنيين، ومشاركتهم في الأطر التنظيمية المختلفة وكل حسب قدراته".
وقال عباس: "من أجل تمكين الحركة من الإيفاء بالتزاماتها فإننا سوف نسعى إلى توسيع الامكانيات المالية واستكمال حصر الأملاك في الخارج وخاصة في لبنان وسوريا والتي استطعنا استعادة بعض منها، ولا زالت لجنة حصر الأملاك تقوم بعملها وسوف نستمر بهذا الأمر، والتأكيد على أهمية الالتزام بدفع الاشتراكات الحركية بانتظام، واستمرار العمل على تنمية الاستثمارات وصولاً إلى مرحلة التمويل الذاتي".